الجمارك صقلتني وعلمتني.. الماضي: حب الرياضة حال دون إكمال دراستي الجامعية
حسن الستري تصوير: نايف صالح
شغفه بالمجال الرياضي حال دون إكمال دراسته الجامعية رغم تشجيع والده له بابتعاثه للهند، هكذا بدأ النائب السابق عباس الماضي بسرد مسيرته لـ«الوطن»، حيث أشار إلى أنه نشأ نشأة تربوية علمته احترام الصغير قبل الكبير.
واستذكر شغفه بالرياضة منذ الطفولة، إذ كان لاعب تنس طاولة إلى أن توقف نشاط هذه اللعبة بالدير إثر وفاة المشرف عليها، لينتقل إلى لعب كرة القدم، ومنها إلى عضو بمجلس إدارة نادي الدير لمدة 13 سنة، ثم أصبح رئيساً لمجلس إدارة النادي لمدة 13 سنة أخرى.
والتحق بالعمل بالجمارك فور تخرجه من الثانوية العامة، ليغادره ويقرر دخول مجلس النواب متحملاً الضغوط التي مورست عليه آنذاك، ويخرج منها متفرغاً لحياته الخاصة، وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن بدايتك.. ولادتك ونشأتك أين كانت؟
نشأت في قرية الدير. ووالدي أول مدرس في الدير وانخرطت في العمل الاجتماعي والرياضي منذ أن كنت طالباً في المدرسة.
هذا يعني أنك نشأت نشأة تربوية، بحكم أن والدك كان مدرساً؟
بالطبع، فنحن كنا 8 أشخاص بين الإخوان وبنات، وترتيبي بينهم الثالث، وأنت تعرف طبيعة مدرسي تلك الأيام، كانوا شديدين على الطلبة، فكيف بأبنائهم، فقد تلقينا تربية شديدة وعلمتنا الاحترام، وكان والدي يقول لنا: «تعلم أن تحترم الصغير قبل الكبير، وعلمنا كيف نبدأ الحياة، تعلمنا منه الكثير».
الآن نحاول أن نزرع التربية التي تعلمناها من الوالد في أولادنا قدر الإمكان، لأن الحياة اختلفت من السابق، وللأسف اليوم الحياة خلت من الاحترام، وهذا بداية الخطأ.
ماذا عن الوالدة؟
والدتي أيضاً كانت شديدة في التربية، كانت ربة منزل، ومازالت حالياً هي التي تجمعنا في «بيت العيلة» الذي نجتمع فيه دائماً ونزورها، نحاول أن نعوضها ولو شيئاً يسيراً مما قدمته لنا.
وكيف كان مشوارك الدراسي؟
درست الابتدائية والإعدادية بمدرسة سماهيج، ثم الصفين الأول والثاني ثانوي بمدرسة الهداية الخليفية، وأكملت في مدرسة المنامة الثانوية.
حدثنا عن مرحلة ما بعد التخرج من المدرسة؟
بعد التخرج، حاولت دخول الجامعة، وقد شجعني الوالد، وقال لي إنه سيبعثني إلى الهند إذا لم أحصل على فرصة للدراسة بالبحرين، ولكني كنت أحب الرياضة، ولا أريد تركها، لذلك قدمت على وظيفة للعمل بالجمارك عام 1986 وتم قبولي وعملت معهم لمدة 25 سنة، إلى أن دخلت مجلس النواب عام 2011.
وكيف كان مشوارك الرياضي؟
بدأت لاعب تنس طاولة، إلى أن توفي مشرف اللعبة عبدالنبي الماضي عام 1985، وتوقفت اللعبة في النادي، واتجهت بعدها إلى لعب كرة القدم، واستمررت إلى عام 1993.
كما دخلت بعضوية مجلس إدارة نادي الدير منذ عام 1986، وبقيت إلى 1999، ثم أصبحت رئيساً من عام 2000 وحتى 2013، حين أصبحت عضواً بمجلس النواب، الأمر الذي صعب عليّ مهمة الاستمرار برئاسة مجلس إدارة نادي الدير.
ولماذا خرجت من مجلس الإدارة عام 1999؟
يومها تم طرح مشروع دمج نادي الدير مع نادي الحالة، وطبعاً كنت من الأشخاص الذين صارعوا ورفضوا عمليات الدمج، ولجأنا إلى الجمعية العمومية، وبالفعل رفضت الجمعية عملية الدمج.
وفي تلك السنة، كان لدينا أرض مخصصة للنادي، وذكرت لنا المؤسسة العامة للشباب والرياضة، أن الأرض «راحت عليكم» بسبب قرار الدمج، وجاهدنا بقوة لاستعادة الأرض، وتم بناء صالة رياضية بها.
كما تم بناء 25 محلاً تجارياً للنادي، وخلال ترؤسي لمجلس إدارة النادي حققنا بطولة الدوري لكرة اليد.
وهل كانت لك أنشطة أخرى غير نادي الدير؟
كنت حاضراً في المجتمع بالتأكيد، ولكن نشاطي كان منصباً على النادي فقط، خصوصاً أن العمل بالجمارك كان متعباً وكنا نعمل أحياناً لمدة 20 ساعة متواصلة، وكان من الصعب علي أن أنضم إلى أنشطة أخرى.
لنعد إلى مرحلة العمل، كيف كان عملك بالجمارك؟
بعد التخرج من الثانوية، قدمت أوراقي للعمل بالجمارك، وطبعاً الجمارك في السابق تختلف اختلافاً جذرياً عن اليوم، بالبداية عملت مع موظفين كبار في السن، كنت أشعر أنني أتعامل مع آباء وليس زملاء، وللأمانة فقد احتووني وقدموا لي ما أحتاجه.
فعمل الجمارك متشعب، فيه أمور محاسبية تعلمت منها الكثير، صقلتني جداً، أعطتني، وفتحت لي آفاقاً واسعة جداً خلال 25 سنة التي عملتها فيها.
كنا نتعامل مع الناس بمختلف طبقاتهم، مع المخلصين، مع التجار، مع بضائع، نستلم البضائع على أوراق ونطابقها، كما نتأكد من صحة الفواتير، وإذا حصل عندنا نوع من الشك فيها، نعيد العمل من البداية، وكان عملنا كله يدوياً، ليس كما هو حاصل اليوم عملنا إلكتروني.
ما هي أبرز المواقف التي لا تنساها خلال عملك في الجمارك؟
أتذكر مرة أن تدخلت لفض شجار بين موظفين اثنين، وكان أحدهما ينزف دماً من دون أن أنتبه، فأصبحت ملابسي كلها ملطخة بالدماء وكأني أنا المتعارك.
في مرة من المرات لاحظنا شخصاً يرمي ملفاً في سلة المهملات، وحين فتشنا اكتشفنا أنه تخلص من ممنوعات لما أحس باحتمال اكتشافه. فالعمل بالجمارك متعة والموظفون كانوا مختلفين.
رشحت نفسك في 2010 ولم يحالف الحظ، ثم أعدت الترشيح في 2011 بالانتخابات التكميلية وفزت ما الدافع لترشيح نفسك بالانتخابات؟
أنا ابن الدير، وكنت يومها رئيس مجلس إدارة النادي، فمن البديهي أن يطلب مني عدد من الأهالي خوض التجربة هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية هذا حق دستوري فكل مواطن من حقه أن يرشح نفسه، ولا أحد يستطيع منع أحد إلا إذا كان من الفئات التي يحظر عليها الترشح.
رأيت أن لدي القدرة وعندي الإمكانيات، التي تؤهلني لخدمة المجتمع، فأنا لدي خبرة بعمل الجمارك، ولدي خبرة بالعمل الرياضي، ولدي علاقات واسعة.
وماذا عن فوزك بالتزكية عام 2011؟
لنكن واضحين، يومها كانت هناك دعوات لمقاطعة الانتخابات، لذلك كان المرشحون يتعرضون لضغوط من دعاة المقاطعة للانسحاب من الانتخابات، وأنا أيضاً تعرضت لهذه الضغوط، فقد كانوا لا يريدون أحداً يمثل هذه المناطق، لذلك لم يحتمل البعض هذه الضغوط، وانسحبوا من الانتخابات، الأمر الذي أدى لفوز عدد من المرشحين بالتزكية، وكنت أحدهم. تعرضنا لضغوط غير طبيعية ولاعتداءات، وعفوت عن من اعتدى علي، وبقينا تحت التهديد حتى بعد فوزنا بالانتخابات، لذلك كانت زوجتي وأبنائي ينامون ببيت أهال زوجتي خلال سفري في مهمات رسمية. ومع ذلك كنت أحصل على التشجيع الدائم، كنت أتلقى اتصالات ترفض ما أتعرض له، والحمد لله اليوم الأمور تحسنت، وحتى من كان يعارضنا في تلك الفترة يثمن دخولنا المجلس.
دخلت المجلس بخبرة 25 عاماً في الجمارك، ألم تكن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني أقرب لك من «الخدمات» التي بقيت فيها 7 سنوات؟
أنت تعرف أننا دخلنا انتخابات تكميلية، ما يعني أن اللجان كانت موزعة من الدور السابق، وهذا معروف، إذ نادراً ما تحدث تنقلات بين اللجان بين دور ودور.
لذلك وضعوني بلجنة الخدمات، وحين دخلتها وجدتها لجنة ممتعة ومتشعبة، تعنى بأكبر عدد من القطاعات، أهمها التعليم والصحة والعمل، هي أكبر لجنة، ولا أدل على ذلك من الحصاد البرلماني الذي يصدر سنوياً، وتسيطر الخدمات على نصيب الأسد منه.
بالسنة الأولى كان يترأسها عادل العسومي واستفدت منه كثيراً، بالعام التالي طلبت ترشيح نفسي لأكون رئيساً، وقد تلقيت الدعم من الجميع، وأبرزهم العسومي، إضافة إلى أحمد الملا الذي كان يومها نائباً باللجنة التشريعية.
لقيت التشجيع، وبقيت رئيساً للجنة الخدمات لمدة 6 سنوات، إلى أن تمكنت منها، وقدمنا مشاريع كبيرة وحساسة.
في إحدى السنوات أعيدت الانتخابات في لجنة الخدمات، الأمر الذي سبب بعض البلبلة يومها، حدثنا عن ذلك اليوم؟
انتخابات اللجان بمجلس النواب تخضع لتنسيق وتفاهمات وحسبة توازنات، وقد تترك لجنة للتنافس بين شخصين محددين وما إلى ذلك.
ما جرى ذلك اليوم أنه كان عدد من النواب مجتمعين بمكتب النائب الأول علي العرادي لبحث هذه الأمور، حيث أكد بعض النواب أنهم ليسوا معنيين بهذه التفاهمات، لذلك تفاجأنا أنهم عقدوا اجتماع اللجنة الإجرائي بأربعة نواب فقط، وتم انتخاب محمد المعرفي رئيساً.
طبعاً اعترضنا على ذلك، كيف تجتمعون ونحن موجودون بالمجلس من دون أن تنتظرونا، وبالفعل أعيدت الانتخابات، وتم انتخابي رئيساً، ولا يفوتني هنا أن أسجل تحية لزميلي النائب محمد المعرفي، فهو أخ عزيز وصديق.
ماذا قدمت للدائرة خلال السنوات السبع التي عملت بها؟
لا أنكر أن ما قدمته دون الطموح، والسبب الوضع الذي كان تعيشه البحرين منذ 2011 وحتى 2015، وما لحقه من تبعات اقتصادية وهبوط لأسعار النفط وقتها.
وكنت في دائرة فيها مشاكل مستمرة تقريباً وعملنا على توزيع البيوت الإسكانية، وتوفير قسائم سكنية للمواطنين بالدائرة، وطالبنا بتوسيعها، يومها لم يكن هناك مجال، والآن تم دفن جزء من البحر لتلبية الطلبات.
كما يجب التنويه، بأن عمل النائب لا يقتصر على دائرته، بل هو ممثل للشعب بأكمله، وأنا بالدورين الأولين واجهت مشكلة عدم وجود عضو بلدي بالدائرة، فكنت أعمل نائباً وعضواً بلدياً بالوقت ذاته، إلى أن دخل العضو علي النصوح المجلس البلدي عام 2013، الأمر الذي خفف بعض الضغط علي.
لماذا عزفت عن الترشح بانتخابات 2018؟
عندما قررت خوض الانتخابات لأن البلد كانت بحاجة إلي، وحين رأيت أشخاصاً أكفاء عازمين على الترشح، فضلت أن أترك المجال لهم، فالإنسان له حد أعلى وحد أدنى، والكرسي لن يدوم لي، أليس الأفضل أن أتركه بإرادتي وهناك من يطالبني بالترشح؟!
ومازلت أتعاون مع النائب الحالي الدكتور هشام العشيري، وأتواصل مع العضو البلدي، أنقل لهم وجهة نظري، وليس ذلك مقتصراً على ممثلي دائرتي، أنا لدي تواصل مع جميع النواب السابقين والحاليين.
ألهذا السبب أيضاً لم تعاود ترشيح نفسك عام 2022؟
بالطبع، أضف إلى ذلك أنني أردت أن أتفرغ لعملي الخاص، فأنا لدي شركة مقاولات وشركة ألمنيوم ومكتب لتأجير السيارات، والعمل الخاص لن تستطيع تنميته إذا لم تتفرغ له.
لذلك حتى النادي لم أرجع إليه رغم أنهم طلبوني، متى ما وجدت الرغبة للترشح فسأعيد ترشيح نفسي، كما أنني بالسابق كنت مشغولاً عن أسرتي، والآن أقضي معهم وقتاً أطول.
كم عدد أبنائك؟
بنتان وولد، الأولى تعمل مدرسة وهي متزوجة، والثانية خريجة محاسبة العام الماضي، والابن بالصف الثاني الثانوي.
هل لديك أي شيء تود إضافته؟
أتمنى من الحكومة والنواب العمل على رفع المستوى المعيشي للمواطنين، والبحث عن موارد للدولة بعيدة عن جيب المواطنين، نتمنى أن يعود الوضع المعيشي إلى ما كنا عليه قبل 2010.