في اليوم العالمي للتراث.. شعب البحرين مرتبط بموروثه التراثي الأصيل كجزء من ملامح الهوية الوطنية
يحتفي العالم في 18 إبريل من كل عام، باليوم العالمي للتراث، أو ما يسمى بـ “يوم التراث العالمي”، وهو اليوم الذي تم إقراره من قبل منظمة اليونسكو عام 1983 بناء على مقترح من المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) بالتعاون مع منظمة التراث العالمي، بهدف حماية التراث الإنساني في جميع دول العالم، وتعزيز الوعي حول تنوع التراث الثقافي للبشرية والجهود اللازمة لحمايته والحفاظ عليه.
تراثٌ ثري وموروثٌ أصيل
تولي مملكة البحرين، الكثير من الاهتمام والرعاية للموروث الثقافي والشعبي للآباء والأجداد وما خلّفوه من تراث يعود تاريخه إلى آلاف السنين، وتميز بالتنوع والثراء الإنساني لاختلاف الحقب والفترات الزمنية المختلفة التي تعاقبت على أهل البحرين وأثرت في وجدانهم وعاداتهم وتقاليدهم، وتوارثتها الأجيال حتى صنعت سمات الهوية الوطنية النابعة من الأصالة الممزوجة بعبق الماضي، حتى وإن هبّت عليها رياح التطوير والعصرية.
ولعل أكثر ما يميز الشعب البحريني هو ارتباطه وتعلقه بشكل وثيق بتراثه الشعبي وتأثره بموروثه الحضاري والثقافي ذو النكهة الخاصة، وحرصه على أن يطبع بصمة محلية على نمط العيش والفنون المختلفة والمهرجانات والاحتفالات، وخطوط المعمار، والمأكولات الشعبية، والملابس التقليدية والأزياء التراثية، حتى اللهجة البحرينية بلكنتها ومفرداتها المحلية المميزة التي لا يخطئها أهل الخليج العربي، وصولاً إلى تضمين المناهج الدراسية مقررات تعزز الهوية الوطنية وتعرف الأجيال الجديدة على ألوان الثقافة البحرينية وملامح التراث الشعبي الثري.
وتجسيداً لهذه المكانة الكبيرة للتراث، يقام مهرجان سنوي للتراث يحظى برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم بتنظيم من هيئة البحرين للثقافة والآثار.
وهذا العام تزامنت النسخة 29 لمهرجان البحرين للتراث مع شهر رمضان المبارك في الفترة من الخامس إلى الثامن من أبريل الجاري، وتميزت بالاحتفاء بالموروث الشعبي البحريني وإحياء العادات التراثية الأصيلة في الشهر الفضيل، عبر إقامة عدة فعاليات وأنشطة ومسابقات تراثية جماهيرية.
كما جاء تشييد مشروع “قرية البحرين التراثية” في منطقة رأس حيّان تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، بهدف الحفاظ على الموروث الشعبي، وإعلاءً لقيم التمسك بروح الهوية الوطنية بأبعادها التاريخية والثقافية، والفنية، والاجتماعية، والاقتصادية.
وتعتبر القرية التراثية المهمة لوزارة الإعلام، حيث تم تشييدها في 180 يوماً متواصلاً لتخرج هذه القرية التراثية إلى حيز الوجود عام 2020 في منطقة رأس حيان المعروفة بأصالتها ومحافظتها على الموروث الشعبي على مر العصور.
وتعتبر القرية التراثية نموذجاً للعمارة البحرينية القديمة بما تحتويه من أحياء ومعالم تراثية شهيرة بتفاصيلها وأجوائها التاريخية والحضارية والحرف الشعبية والتقليدية التي عرف بها أهل البحرين، حيث يتم فيها تصوير الأعمال الدرامية ذات الطابع التراثي البحريني، والبرامج التلفزيونية، واحتضان العديد من الفعاليات والمهرجانات والمناسبات الوطنية والتراثية البحرينية، حتى أصبحت القرية، وخلال ثلاثة أعوام فقط، صرحاً وطنياً يحفظ للبحرين تاريخها وثقافتها وأحد أهم المشاريع الثقافية والفنية والتراثية الرائدة في المنطقة الخليجية والعربية.
بدورها تحرص هيئة البحرين للثقافة والآثار على أن تشتمل رزنامة المهرجانات السنوية الفنية والثقافية المحلية والدولية التي تنظمها أو الفعاليات التي تشارك بها خارج البحرين، على الفنون البحرينية التراثية والشعبية الأصيلة مثل عروض فرق الفنون الشعبية، وأوركسترا البحرين الفيلهارموني، ومعارض لفنانين تشكيليين بحرينيين، وحفلات لمطربين وموسيقيين بحرينيين، وندوات وأمسيات لشعراء وكتاب وأدباء بحرينيين إسهاماً في الترويج والتعريف بالموروث التراثي والثقافي للمملكة وتقديمه عالمياً.
واقع البحرين على قائمة التراث الإنساني العالمي
تُعَرِّف الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي التي وقعت عليها مملكة البحرين، المعالمَ الأثرية بأنها: “جميع الأعمال المعمارية، وأعمال النحت والرسومات الأثرية، والعناصر أو الهياكل ذات الطبيعة الأثرية، والنقوش، ومساكن الكهوف، ومجموعات السِمات، التي لها قيمة عالمية بارزة من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم”.
ومن هذا المنظور، نجحت مملكة البحرين في تسجيل ثلاثة مواقع على قائمة التراث العالمي الإنساني التابعة لليونيسكو هي:
“قلعة البحرين” في مدينة المنامة، وكانت تعتبر عاصمةً لحضارة دلمون ومينائها القديم، وتم تسجيلها على قائمة التراث العالمي عام 2005.
“مشروع مسار اللؤلؤ” في مدينة المحرق وسُجِّل عام 2012، وهو مشروع يحتوي على سلسلة من المباني التراثية والتاريخية تصل إلى 15 مبنى، توثق التراث الاقتصادي لصناعة اللؤلؤ في جزيرة البحرين قبل آلاف السّنين، وأهميّته العالميّة كموردٍ اقتصاديّ ومؤثّر في النّظام الاجتماعيّ، واعتباره شاهداً تراثياً على اقتصاد البحرين عبر العصور.
“تلال مدافن دلمون” في قرية عالي وسُجلت عام 2019، وتتكون تلال مدافن دلمون من تسلسل 21 موقعًا أثريًا تشتمل على نحو 12 ألف تلّة، جميعها مدمجة في النسيج الحضري لقرية عالي، وشيدت خلال مرحلة دلمون المبكرة في فترة زمنية امتدت إلى ما يقارب 300 عام خلال الألفية الثانية قبل الميلاد.
ويكشف كل موقع من المواقع التراثية الثلاثة عن جانب مهم من هوية المملكة وتاريخها الحضاري القديم نظراً لما يتمتع به كل منهم منفرداً بقيمة ثقافية استثنائية وتراث إنساني فريد.