القوتي يروي مسيرته للوطن: القوة الوطنية الناعمة تمنح البحرين وقاية من الهجمات المسيئة في الخارج
خبير في إدارة السمعة وبناء الصورة الذهنية..
تأثرت كثيراً بشخصية وزير الداخلية وطريقته في العمل والأسلوب والتوجيه
لدينا قصص نجاح غير موجودة في دول أخرى تؤكد أن البحرين بلد متقدم
جهات حكومية لديها إنجازات كثيرة لكن الناس لا يعرفون عنها شيئاً بسبب عدم التسويق
عباس المغني تصوير: محمد عزالدين
قال الخبير والمستشار في إدارة السمعة وبناء الصورة الذهنية محمد عبدالقادر القوتي إن الإعلام ليس نشراً فقط، بل قوة ناعمة تحتاج إلى توجيه، وهي مسؤولية الجميع، داعياً إلى وجود هيئة أو مجلس للقوة الناعمة في المملكة، وتكليف أناس متخصصين في هذا المجال.
وبين القوتي خلال سرد سيرته ومسيرته لـ«الوطن» أن «الصورة التي نرسمها عبر القوة الناعمة تمنح البحرين وقاية من أي هجمات مسيئة ظالمة في الخارج، وكل مواطن بحريني هو قوة ناعمة، ونحتاج إلى خطة وسياسة إعلامية مكتوبة، حتى يكون الجميع عارفين ماذا يفعلون لتحقيق الهدف».
كما أكد أن البحرين تفتقر إلى وجود النخب بسبب أن بعض هذه النخب تفضل الابتعاد عن الانتقاد، والبقاء في دائرة الراحة، وكذلك وسائل الإعلام عليها دور في إظهار وأبرز هذه النخب.
وأضاف: «أشعر بسعادة غامرة حينما يطلب أحد مساعدتي، فمن أعظم الأمور في حياتي أن أكون مفيداً للآخرين ولوطني»، ودربت أكثر من 10 آلاف متدرب داخل وخارج البحرين، وأصدرت كتاب القوة الناعمة البحرينية، بعد ربع قرن من الخبرات المتراكمة في مجال الإعلان والتسويق وإدارة السمعة وبناء الصورة الذهنية.
نبذة سريعة عن الدراسة؟
ولدت في مدينة المحرق، ودرست في مدارسها، في مدرسة أبوعبيدة في المرحلة الابتدائية، كما درست في مدرسة المعري، وانتقلت فترة لمدرسة مدينة حمد، ولكن رجعت إلى مدرسة الهداية الخليفية في المرحلة الثانوية، واستمتعت بالجو العام في المحرق، ولا أنسى الحميمية والتنافسية والذكريات الجميلة في المدرسة، وكونت علاقات كثيرة في مدرسة الهداية لوجود الكثير من الشباب من مختلف المناطق في تلك الفترة. أعتقد أن مرحلة الثانوية هي أكثر مرحلة استمتعت فيها في الدراسة وفيها ذكريات جميلة. ودرست البكالوريوس في الدراسات الإسلامية في جامعة البحرين، والماجستير في الإعلام والعلاقات العامة بتقدير امتياز عال من الجامعة الأهلية. كما حصلت على دبلوم العلوم الأمنية كلية الشرطة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ودبلوم التهيئة للقيادات الحكومية من معهد الإدارة العامة.
ما هي أول جهة عملت بها بعد التخرج؟
بعد التخرج التحقت بوزارة الداخلية، ودخلت كلية الشرطة، وعملت فترة في الإعلام الأمني كرئيس لشعبة الإعلام الأمني، مسؤول عن إعداد المجلات والمطبوعات الإعلامية الأمنية المتخصصة، والإشراف على المركز الإعلامي لوزارة الداخلية، والتخطيط الإعلامي وبناء سياسة النشر الإعلامي، ومرافق وزير الداخلية في الزيارات الرسمية الداخلية والخارجية، وتنفيذ الحملات التوعوية والتسويقية الإعلامية والإعلانية، وإعداد برامج بناء وتعزيز الصورة الذهنية لرجل الأمن البحرين لدى الجمهور.
وأنا عاصرت تطوير وإنشاء المركز الإعلامي في وزارة الداخلية، وتعلمنا الكثير، وتأثرت بشخصية الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، بحكم عملي معه عن قرب، تأثرت به من طريقة العمل وطريقة الأداء والأسلوب والتوجيه، وطريقة التعامل مع القضايا، وعاداته ونظام الحياة، وإلى الآن أقتدي به، وكثير من الأمور طلبتها في حياتي منه. في ذلك الوقت كنا شباباً صغارا، واكتسبنا خبرات متراكمة من وزير الداخلية في تعامله مع الناس وتواصله مع المجتمع، وكيف نقل النظام الأمني من نظام أمني بحت إلى شرطة مجتمعية وتواصل مجتمعي أكثر، فأنا شهدت هذه المرحلة بالإضافة خبرات كثيرة اكتسبتها.
ماذا عن عملك في وزارة الإعلام؟
عملت كمدير في إدارة الأخبار بهيئة شؤون الإعلام، كمدير الأخبار، وتعلمت الكثير، خصوصاً أن البرامج تنتج من إدارة الأخبار، وتعاملت مع وسائل إعلام داخلية وخارجية، واكتسبت الكثير من المعارف والتواصل الدولي مع مختلف وسائل الإعلام، واستقبال الوفود الإعلامية الزائرة للمملكة. ومن أجمل الأشياء في حياتي التسويق لمملكة البحرين، وإعداد التقارير والبرامج الترويجية التي تروج للبحرين وبثها في وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
ماذا عن تجربتك في مجلس النواب؟
انتقلت للعمل في مجلس النواب كمدير للاتصال فترة معينة، وتعلمت الكثير من العمل البرلماني وتوجهاته وخبراته، وتجاربه، ودفعنا أكثر لدخول مجال التسويق الشخصي بشكل أكثر، وكيف أن التسويق له دور في صناعة نائب أو مرشح في المستقبل، وكيف يمكن للمرشح مواجهة الإعلام. النائب هو واجهة، وهو فاز في الانتخابات وحصل على أعلى الأصوات لأنه ظهر بشكل مناسب أمام الجمهور، وهو يريد أن ينجح في الدورات المقبلة، فعليه استغلال وجوده في المجلس ليظهر بشكل أفضل، حتى حملته الإعلامية القادمة تكون تكلفتها أقل. مجلس النواب قوة ناعمة، ووجودك كنائب له أثر، كل كلمة تقولها لها تأثير إيجابي أو سلبي، فأنت كنائب قوة ناعمة، تقدم المعلومة بأسلوب جميل، مدعومة بأرقام وحقائق، وتقنع الآخرين.
حدثنا عن عملك في مجال التدريب؟
عملت في مجال التدريب في معهد الإدارة العامة، وهو معهد احترافي في القطاع الحكومي، وعملت دورات كثيرة تقريباً دربت أكثر من 10 آلاف متدرب داخل وخارج البحرين، في مجال الإعلام والترويج والتسويق والتخطيط الإستراتيجي الإعلامي، وصناعة وإدارة السمعة وبناء الصورة الذهنية وغيرها.
ومن الأمور التي ساهمت في بناء خبراتي التدريس في الجامعة لفترة، وحتى الآن اكتسبت خبرات متراكمة تقريباً توازي 25 سنة في مجال الإعلام بشكل خاص، وأتشرف بتمثيل اسم البحرين عند وجودي في الخارج، وأكون جزءاً من الذين يسوقون البحرين خارجياً. وأدعو الشباب إلى تسويق أنفسهم بشكل إيجابي في الخارج، خصوصاً نحن في الخليج وطن واحد، وتقدر على أن تسوق نفسك في دول خليجية تحتاج إلى خبراتك، وهناك كثير من البحرينيين يعملون في الخارج وفي مناصب قيادية في قطاعات متنوعة وحققوا قصص نجاح جميلة.
وأتمنى من الشباب تسويق أنفسهم على مستوى عالٍ، ويبنون شخصياتهم بشكل إيجابي حتى يصلوا إلى الهدف الذي يريدونه ويحصلوا على الفرص المتوفرة، يجب ألا تقتصر نظرتنا على وظيفة حكومية، خصوصا أن الخبرات تقدر وتشترى بثمن، الخبرات تؤهلك للعمل في أفضل الوظائف.
لديك اهتمام كبير في مجال التسويق الشخصي؟
موضوع التسويق الشخصي مهم جداً، نحن نحتاج إلى رؤية مشاهير في أكثر من مجال في البحرين.
كثير من المواطنين لديهم مهارات لكن لا يعرفون كيفية تسويق أنفسهم بشكل صحيح، الآن بدأ الناس يتعلمون ويحاولون صنع محتوى لتسويق أنفسهم، وإظهار مميزاتهم، وهذا يسعدني صراحة، أريد من كل بحريني يستشكف مميزاته ومواهبه، ويظهر ويتكلم ويقول أنا أستطيع، أنا أقدر. ويقنع الناس بأنه مفيد بالنسبة إليهم. النظرة السابقة ننتظر الناس ليعرفوا قيمتنا. وكيف سيعرف الناس قيمتك إذا لم يعرفوك؟ أنت عرفهم بنفسك وحسسهم بقيمتك، اصنع لهم أثراً، وحاجة الناس أساس الفرص، فالكل يريد أشخاصاً يضيفون إليهم شيئاً، فمتى ما شعروا بقدرتك على إضافة شيء مميز لهم سيعرضون عليك الوظيفة والعمل معهم.
اسمك بالإعلام والتسويق وإدارة السمعة وبناء الصورة الذهنية، ما الذي جعلك تتخذ هذا التخصص؟
أنا تخصصت في الإعلام من 2007، وتزايد الاهتمام بشكل كبير في التسويق ومجال الصورة الذهني في 2012، بعد أن رأيت أن البحرين بحاجة إلى تسويق، فالإعلام ليس مجرد النشر العادي، النشر وحده لا يصنع تأثيراً وصورة ذهنية.
صناعة الصورة وبناء السمعة شيء مختلف، لذلك ترى وزارات وجهات حكومية لديها إنجازات كثيرة، لكن الناس لا يعرفون عنها شيئاً، لأن هذه الجهات تعتمد على النشر فقط، ولم تعمل على تسويق إنجازاتها، وقصص النجاح لبرامجها، ورصد آراء الناس، ومقارنته بدول ثانية وغيرها من الأمور التي تعزز الصورة الذهنية أو على الأقل تعطي إحساساً بأن البحرين بلد متقدم. في كثير من الأمور موجودة في البحرين وغير موجودة في دول قريبة، نحن نقولها بشكل عادي، بينما غيرنا يقولها بشكل حقيقي يتكلم عنها كقصص واقعية، وبرامج حقيقية.
في بعض الأوقات يطرح النواب موضوعاً خدمياً، والحكومة حققت فيه إنجازاً من زمان، ولكن ليس الكل يعلم بإنجاز الحكومة بسبب عدم وجود تسويق صحيح، وأعتقد أن هناك حاجة لتسويق الخدمات والبرامج الحكومية.
وإذا وجدنا خللاً نقول رأينا بصورة بنائه، وصراحة برنامج تواصل الذي أطلقه سمو ولي العهد رئيس الوزراء يسمح للناس أن يقولوا آراءهم بكل حرية، حتى المسابقات والمقترحات عن الأداء الحكومي أو البرامج الحكومية المفتوحة للناس لتوصيل آرائهم، وإذا أنت فزت في برنامج فكرة، سمو رئيس الوزراء ولي العهد يقابلك، وهذا يعني أن صوتك واصل، وبرنامج صباح الخير الإذاعي من خلاله تستطيع إيصال صوتك.
صدر لك كتابة باسم القوة الناعمة البحرينية.. ماذا عنه؟
في كتاب القوة الناعمة البحرينية، كان بودي أن أنبه المسؤولين أو العاملين في الإعلام إلى أن الإعلام ليس نشراً فقط، بل هناك قوة ناعمة تحتاج إلى توجيه، والقوة الناعمة مفهوم أو نظرية للتسويق بشكل مفصل، ولها مبادئ ولها مجالس إدارات أو هيئات في دول العالم تديرها هذه القوة. لغتنا الجميلة قوة ناعمة، الناس يحبوننا في الخليج، طيبتنا قوة ناعمة، مسلسلاتنا الشعبية والتراثية كانت قوة ناعمة، نشر مبادئ أهل البحرين وطيبتهم وأفكارهم قوة ناعمة.
ومن القوى الناعمة الجوائز التي أطلقها جلالة الملك المعظم على مستوى العالم. والرياضة أصبحت قوة ناعمة، فالفوز بميدالية يحقق لك ترويجاً على مستوى العالم، ومسابقات الأولمبيات يشاهدها مئات الملايين في العالم، واسم البلد يرتفع، هناك أثر عالمي، ويكون البلد معروفاً، أناس يدفعون الملايين على أساس حملة إعلامية، ويمكن لميدالية أولمبيات أن توصلك لأمور كثيرة.
والقوة الناعمة مسؤوليتنا كلنا، ومن يريد أن ينتقد يجب أن يفكر على مستوى البلد، وأتمنى أن تكون هناك هيئة أو مجلس للقوة الناعمة، وتكليف أناس متخصصين في هذا المجال بحيث يكون الجميع على معرفة باتجاه سفينة الوطن، ماذا نسوق من أفكار وبرامج في البحرين، المغني يعرف حتى يكتب عن البحرين أغاني، وكذلك مخرج المسلسلات يعرف حتى يخرج مسلسلات تسوق البحرين، وهكذا بالنسبة إلى الجميع كل من منطلق عمله، نحن لما نسافر نسوق للبحرين من خلال الطيبة والتعامل وإعطاء صورة إيجابية وهذا جزء من القوة الناعمة.
الصورة التي نرسمها عبر القوة الناعمة تمنح البحرين وقاية من أي هجمات مسيئة ظالمة في الخارج، حيث لن يصدق الآخرون ما يقال عن البحرين، إذا كانت لديهم معرفة عن البحرين وأهلها.
كل مواطن بحريني هو قوة ناعمة، ونحتاج إلى خطة وسياسة إعلامية مكتوبة، حتى يكون الجميع عارفين ماذا يفعلون لتحقيق الهدف، فمثلاً إذا كنت تريد إنتاج أغنية لليوم الوطني، ماذا تريد أن تقول في الأغنية، كذلك السفير في دولة عندما يقابل أحدا أو يلقي كلمة على ماذا يركز في كلمته، بحيث يكون هناك أثر كقوة ناعمة.
نحن نفتقر إلى النخب، هي موجودة ولكن ليست ظاهرة، لو تظهر يكون لها أثر والناس تتأثر بها، وبالتالي يكون لدينا رأي عام قوي، ستساعد في التثقيف وصناعة رأي عام واع، في جميع المجالات الرياضة والتعليم والاقتصاد وغيرها.
هناك سببان لعدم ظهور النخب، الأول يعود إلى أن بعض النخب يفضلون الابتعاد عن الانتقاد، والبقاء في دائرة الراحة، والسبب الثاني: وسائل الإعلام عليها دور في إظهار وأبرز هذه النخب.
كيف تصف مشاعرك حينما تساعد شخصاً؟
عندما يأتي شخص يطلب استشارة في عمله، أشعر بسعادة غامرة لا توصف، فطلبه يعني أنك تملك خبرة مفيدة في حياة الناس، وطلبهم بمثابة تقدير للخبرات والقدرات التي لديك.
وعندما يسمع الشخص الذي طلب الاستشارة، الكلام والتوجيهات، وتغيرت أوضاعه للأفضل، أشعر بشعور لا يمكن وصفه، مشاعر سعادة طاغية، فالخدمة والمساعدة التي تقدمها للآخرين تعكس معنى وجودك بين الناس.
التعب الذي تعبته طوال سنوات طويلة وتحول إلى خبرة متراكمة، أصبح اليوم يسعد الناس، ويساعدهم على تحسين حياتهم. ومن أجمل الأشياء في الحياة أنك تستطيع تقديم شيء مفيد للمجتمع.