إبراهيم بوهندي: والدي كان رجل دين ورفض أشعاري العاطفية
أيمن شكل تصوير ريم رمزي
الشاعر والأديب الذي أحب الأرقام وعمل مصرفياً
كتبت مسرحيات شعرية توثق ملحميات الوطن
«أحلام نجمة الغبشة» أول ديوان شعري لي بالعامية
كتبت 3 أغانٍ في أول ألبوم للفنان خالد الشيخ
تأثرت في كتاباتي بقصص والدي عن الغوص
عرف كشاعر إلا أن حبه للأرقام جعله يختار العمل المصرفي، وتأثر بنشأته في بيت رجل دين وأقارب يعملون في مهنة الغوص، لتظهر تلك المؤثرات على كتاباته الشعرية والمسرحية، وبرز اسمه على شرائط كاسيت المطرب خالد الشيخ فعرفه الناس كاتباً للشعر الغنائي، إلا أنه قدم في شبابه مسرحيات شعرية تناولت الغوص واللؤلؤ والنفط.
إبراهيم بوهندي المصرفي الشاعر الكاتب والمسرحي سرد مسيرته لـ«الوطن» في لقاء جاء نصه كالتالي:
ماهي بدايات إبراهيم بوهندي؟
أنا من أسرة دينية وكان والدي رجل دين وله بعض الطلاب الذين كانوا يأتونه لتلقي العلم، وقد تربيت على هذه التربية الدينية، فحاول والدي أن أواصل هذه التربية في التعليم وأصل فيما بعد للأزهر، لكني فضلت الدراسة التجارية والاقتصادية لأني كنت أحب مادة الرياضيات من الصغر.
حدثنا عن أسرة بوهندي التي نشأت فيها.
أسرتنا كانت صغيرة مكونة من 3 أخوات أكبر مني وأخ واحد، وبدأت الأسرة إقامتها في المحرق ثم انتقلت إلى فريج الفاضل بالمنامة والذي كان لا يبعد كثيراً عن المحرق ولا يفصلهما إلا الجسر، وكعادة كل الأطفال يمارسون ألعاباً شعبية، إلا أنني كنت أميل لقراءة الأعمال الأدبية منذ الصغر لأن والدي كانت لديه اهتمامات بقراءة وكتابة الشعر ولكن اقتصرت كتاباته على الجانب الديني، ولذلك لم تكن تعجبه القصائد التي كتبتها عن العشق والحب، فكان يقول لي «انظم شعرك في حب الرسول صلى الله عليه وسلم وحب الله وسوف أقرأ ما تكتب، لكن أن تكتب شعراً عن حبيبتك فلن أقرأ لك شيئاً».
كان والدي خطيباً يصلي الجمعة في مسجد بقلالي ثم انتقل إلى مسجد في أم الحصم والزلاق، بالإضافة إلى كونه إمام الصلوات اليومية في أحد مساجد الفاضل ولم نكن نفارقه في أي فريضة، حيث كان يقول «إذا انتهيت من الصلاة وسلمت يميناً ويساراً ولم أشاهدك في أي من الجهتين فهذا يعني أنك لم تصلِ».
لكن والدي لم يكن ضد موهبتي الشعرية، بل إنني استفدت منه في أول تجربة مسرحية شعرية لي باللهجة العامية، في شرح رحلات الغوص بتفاصيلها والتحديات التي تواجه العاملين فيها، وما حدث بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي.
كيف أثّرت قصص والدك على كتاباتك؟
ركزت التمثيليات التي كتبتها على الحياة البحرينية اليومية أما مسرحيتي الشعرية فعن مهنة الغوص وتحدياتها، ثم انتقلت بعد ذلك مع مرحلة ظهور النفط خاصة مع ركود الغوص بالتزامن مع ظهور اللؤلؤ الصناعي، ولكن الله عوض البحرين في نفس سنة الركود وأنعم الله على البحرين بالنفط، وكتبت عنواناً في أحد النصوص «من قاع البحر إلى باطن الأرض».
وأذكر من قصص والدي عن الغوص أن الغواص كان يتولى سحبه شقيقه أو قريبه إن كان معه باعتبار أنه سيهتم به أكثر من أي بحار آخر، وفي إحدى الرحلات غاص عمي وتولى أبي أمر سحبه من البحر، فانتظر الإشارة ثم قام بسحبه من البحر وفجأة اختفى الثقل وأصبح خفيفاً، فقام بالصراخ مستدعياً البحارة لإنقاذه من الغرق، وقفز البحارة للمياه وبالفعل عثروا عليه لكن كأنهم وجدوه يحمل معه حَمَسة، قال إنه اصطادها ليطبخ عليها «مضروبة».
هل الموهبة الشعرية ولدت مع طفولة إبراهيم بوهندي؟
في البداية كتبت أبياتاً رباعية كأغنيات وصادف أن غنى لي الفنان الراحل محمد حسن أغنيتين، لكن عندما تطورت التجربة، بدأت أكتب في القصائد الشعبية والفصحى بأسلوب التفعيلة، وصدر لي أول ديوان شعري بعنوان «أحلام نجمة الغبشة» وهو ديوان بالعامية المحلية، ولقي اهتماماً من المثقفين والفنانين، وفي مقدمتهم الفنان الكبير خالد الشيخ الذي أخذ منه قصائد لحنها في أول شريط كاسيت له كمطرب حيث كان قبل ذلك يقتصر أعماله على التلحين فقط، وقد حوى الشريط أغنيتين من كلماتي.
الشخصيات التي أثرت في موهبة إبراهيم بوهندي؟
تميز فريج الفاضل بكثافة النشاط الفني والثقافي حيث كان يسكنه فنانون وأدباء معروفون ومن أبرزهم الأستاذ حسن كمال الذي عُرف إعلامياً بارزاً و شاعراً بالعامية والفصحى، وأيضاً الفنان المسرحي الراحل جاسم شريدة الذي رافقني في الدراسة بمدرسة رأس الرمان الابتدائية وكان صديق الطفولة والصبا، ولنا تجارب فنية عديدة من أهمها تنظيم حفلة سنوية في نادي التضامن في شهر رمضان، تضم برنامجاً شاملاً من الخطابة والتمثيل والاسكتشات الغنائية، وكانت تقام مرتين على ليلتين إحداهما للرجال وأخرى للنساء، وللمصادفة كان رجل دين يترأس نادي التضامن في تلك الفترة وهو معلم شاب، لكنه منفتح فشجعنا على تفعيل الأنشطة الفنية والثقافية.
ألم يكن غريباً أن تختار لغة الأرقام والتجارة لمسيرة حياتك العملية بالتوازي مع حياة أخرى ثقافية وأدبية اتسمت بالثراء والكثافة الإنتاجية في هذا المجال؟
بل الأغرب أنني في بداياتي الدراسية لم أكن أحب حصة القصائد ولا حتى حفظها، وفضلت لغة الرياضيات والأرقام، ودخلت المدرسة التجارية لأتخرج وأقضي جل سنوات عملي في المصارف، لكن هذا العمل لم يتعارض مع هوايتي.
بدأت العمل بعد التخرج في شركة تجارية من شركات عائلة الزياني، ثم توجهت إلى أبوظبي للعمل في الجوازات مع بداية تأسيس إدارات الدولة، وكتبت هناك عملاً مسرحياً مع شخص مصري يعمل في أبوظبي، وقمنا بتمثيله بمناسبة العيد الوطني للدولة بحضور رئيس الإمارات الراحل الشيخ زايد رحمه الله، فجسدت فيه شخصية حفار القبور الذي يعاني من ازدياد عدد الأطباء وتأثيرهم على انخفاض زبائنه من الموتى.
كيف كانت فترة العمل في إدارة الجوازات؟
عملت في منطقة حدودية بين الإمارات وقطر والسعودية، والتي كانت تشهد دخول بعض الأشخاص بعضهم بطريق التهريب، حيث لم تكن الجوازات قد صدرت في تلك الفترة ومن يدخل يكون حاملاً لوثيقة أو من أهل البلد والذين كنا نعرفهم من اللهجة الإماراتية فنسمح لهم بالمرور، لكن في أحد الأيام حضر شخص وبرفقته عائلته من النساء المنقبات، وكان من واجبي أن أسألهن بعض الأسئلة لأتعرف على لهجتهن إلا أن الرجل رفض رفضاً قاطعاً أن أذهب لسيارته وأتحدث إلى أهله، فرفضت بدوري أن أسمح له بالمرور بحسب الإجراءات، وبينما استمر الجدل بيني وبين الرجل، حضر الضابط المسؤول والذي تعرف على هذا الرجل، وأقنعه بضرورة اتخاذ الإجراء المتبع وقال له «هذا شغله ولابد أن يؤدي واجبه».
هناك شخصيات تؤثر في مسيرة حياة الإنسان، فهل تذكر أحدهم؟
بالفعل فحين توجهت إلى أبوظبي للعمل في الجوازات، تأخر قرار توظيفي لأيام فقررت البحث عن وظيفة، وبالفعل قدمت طلباً للتوظيف في بنك أبوظبي الوطني وعملت بالبنك إلى أن صدر قرار تعييني في الجوازات، ولم أستمر في أبوظبي أكثر من 3 أشهر وإلى بداية شهر رمضان، حيث قررت العودة إلى البحرين، فتوجهت إلى مدير البنك وكان مصرياً فشكرته قبل أن أغادر، وأعطاني خطاب تزكية موجهاً لأحد أصدقائه الذي كان في البحرين لتأسيس «سيتي بنك» ولم يمر سوى أقل من شهر حتى كنت موظفاً في البنك عند بداية الافتتاح.
وتنقلت للعمل في عدة بنوك بالبحرين وخرجت فترة إلى بنك الراجحي في السعودية لأعود مع افتتاح فرع البنك الأهلي التجاري السعودي الذي رَأَسَه المصرفي العروف الأخ مراد علي مراد، فقد كان يعرفني منذ أيام عملي في بنك باريبا الفرنسي، وبقيت في البنك الأهلي التجاري السعودي إلى أن انتقل الأخ مراد للعمل رئيساً تنفيذياً لبنك البحرين والكويت، فانتقلت للعمل مع الأخ مراد إلى أن قررت التقاعد عام 2004.
علاقتي مع الأخ مراد علي مراد أثمرت تجربتي في كتابة السيرة الشخصية، طلب مني الأخ مراد أن أتولى مهمة كتابة سيرته باعتبار أنني أمتلك حصة كبيرة من المعرفة في مجال سيرته المهنية، وهي المسيرة التي رافقته فيها لسنوات طويلة من العمل في النشاط المصرفي، وعلى اعتبار أنني أديب وشاعر، وفي البداية ترددت، لكنه قال لي «أنت أديب وشاعر فلماذا لا تخوض تجربة كتابة الرواية الخاصة بالسير الذاتية، وحازت التجربة على إشادة واسعة».
تحتفظ بتاريخ مهني مختلف كرئيس في إدارة أسرة الأدباء والكتاب.
الأسرة تأسست عام 1969 حيث كان الدكتور محمد جابر الأنصاري صاحب حضور بارز في المشهد الثقافي، وتولى قيادة عملية التأسيس للأسرة فاستضاف اجتماعات التأسيس في بيته، ضمن نخبة من الشعراء أذكر منهم قاسم حداد وعلي عبدالله خليفة وعلوي الهاشمي وكانوا تقريباً في العشرينات، وانضممت للأسرة مع بداياتها أيضاً حيث كان عمري 22 سنة.
وترأست الأسرة لأكثر من دورة، خاصة بعد التقاعد حيث تفرغت للأسرة وحققت العديد من الإنجازات، كان أبرزها مقر الأسرة الحالي، حين تقدمنا بطلب للديوان الملكي، وبدعم من الرئيس السابق للأسرة الدكتور الأنصاري والأديب علي عبدالله خليفة، وبحمد الله أمر جلالة الملك المعظم بمكرمة لشراء مقر الأسرة.
واعتمدت الأسرة في تسيير أمورها على الدعم من بعض المؤسسات ومن أبرزها بنك البحرين والكويت ومؤسسات أخرى، لكن فكرت في أن يكون للأسرة دعم حكومي ثابت، فطلبنا لقاءً مع سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء، والذي استقبلنا واستمع لمبررات طلب الدعم، وحصلنا على موافقة بتوفير ميزانية سنوية للأسرة بعد حصر النفقات وكلفة الفعاليات.
واليوم يقوم رئيس الأسرة الدكتور راشد نجم بتفعيل أدوار أكبر لأسرة الأدباء والكتاب وهو جهد يستحق الثناء والإشادة.
ما أبرز إنتاجاتك الثقافية والشعرية؟
أول ديوان نشرته كان «أشهد أني أحب» وتوالت بعده دواوين أخرى، ثم كتبت بعض القصائد الملحمية متأثراً بخبرتي في كتابة الشعر المسرحي، حيث كتبت مسرحيتين شعريتين بالفصحي والعامية، وهذا ما شجعني على كتابة ديوان «الوطيسة» الذي تطرق لاكتشاف النفط، وكذلك الديوان الأخير «قيام السيد الذبيح».
عائلة إبراهيم بوهندي
لدي بنتان وثلاثة أولاد وعدد من الأحفاد من ابنتي ردينة المولودة في عام 1972، والدكتورة جهينة خريجة جامعة الخليج العربي.
أما الأبناء، فالكبير هو مهند ثم جاء بعده منذر وأخيراً محمد وتزوج اثنان بينما بقي منذر لم يتزوج حتى الآن، ولم يرث أي منهم موهبة الشعر، لكن هناك محاولات سابقة لم تتطور، وأذكر لمنذر أنه كتب نصوصاً شعرية باللغة الإنجليزية لكنه لم يطور موهبته.