ثورة شعب | السيادة والاستقلالية عنوانا قرار 3 يوليو 2013 | أخبار وتقارير | بوابة الكلمة
365 يومًا قضاها الشعب حملت كثيرًا من هزل هذه الجماعة والذي كان أضخم من أن تمرره مؤسسة أو يتغاضى عنه شعب خرج بكافة أطيافه وانتماءاته في 30 يونيو 2013 للوقوف في وجه الجماعة والمطالبة برحيلها عن حكم ظلت تسعى إليه منذ تأسيسها عام 1928 ولم تعد له العدة عندما وصلت إليه في 2012، فأنتجت مشهدًا عبثيًا أكبر من أن يحتمل، والدلالات كانت مفزعة بطريقة جسدت مستقبل المصريين أمام أعينهم، فكان لابد من الحراك الشعبي في 30 يونيو لإنهاء 85 عامًا من تآمر هذه الجماعة على الوطن.
عناد ومكابرة
لم يتوان وزير الدفاع أنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي عن تقديم كافة أوجه النصح إلى رئيس الجمهورية قبل حتى تطور الأمر إلى إعلان حملة المرد: تقديرا منه لخطورة الموقف وإدراكا أن الاستمرار على نفس النهج يقود البلاد إلى نفق مظلم، ويمكن أن يتحول إلى مواجهة مفتوحة واقتتال أهلي بين أبناء الشعب.
وتلاحقت المحاولات التي تضمنت اقتراح بتعديل وزاري محدود، ومع ازدياد الضجر تم رفع المطالب إلى تعديل وزاري موسع مع تغيير النائب العام. وحينما بلغ الضجر بممارسات الجماعة منتهاه، كانت هناك مطالب بتغيير الحكومة، ولكن العناد حال دون نجاح أي من محاولات الإنقاذ المبكرة تلك.
كانت هناك محاولات مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف، أما المحاولات المباشرة فتضمنت أحاديث بين الفريق أول عبد الفتاح السيسي والرئيس المعزول، فيما شملت المحاولات غير المباشرة تقديم ثلاثة تقديرات موقف استراتيجية في محاولة لإيصال الصورة الحقيقية للرئيس، وتقديم المقترحات والتوصيات بما يتناسب مع المخاطر. وتم إيفاد ثلاث شخصيات يخطط كل على حدة منهم رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى والدكتور محمد سليم العواء وهو ما ورد في خطاب “السيسي” بتاريخ 24 يوليو 2013 أثناء تخريج دفعة القوات الجوية.
ولكن المحاولات المتكررة لم تزل الغشاوة لأن الرئيس المعزول تعامل مع الجميع بنظرية المؤامرة، وأمن أن كل مؤسسات الدولة تتأمر عليه، ولذلك كان على مواجهات مفتوحة مع الجميع وكان رد الفعل هو الإصرار على المضي قدما في ترسيخ الوضع القائم، وذلك عبر حشد أنصار تيارات الإسلام السياسي للاعتصام في ميداني رابعة العدوية والنهضة في 21 يونيو 2013، في خطوة خطيرة كانت دليلا على عدم وضح محمد مرسي وجماعة الإخوان لأية مصلحة وطنية في الحسبان؛ إذ كان لهذه الخطوة مخاطر كبيرة على السلم الأهلي، وكانت مؤشرًا على احتمالات كبيرة لتحول الأوضاع داخل مصر إلى ما يشبه اقتتال أهلي.
مهلة 48 ساعة
جاء خطاب «مرسي» يوم 26 يونيو 2013 من قاعة المؤتمرات دليلا آخر على العناد، لينقلب هو على كل النصح الذي وجهه له وزير دفاعه من أهمية احتواء الموقف، وبعد التأكيد على أنه سيضمن ذلك في خطبته، قال ما هو على العكس تماما، ودخل في مواجهة مفتوحة مع كل القوى الوطنية. وربما كانت تلك نهاية مهلة الأسبوع التي قال «السيسي» إنها يمكن أن يتحقق خلالها الكثير لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية الحماية مصر وشعبها في اليوم التالي لمظاهرات 30 يونيو، حددت القوات المسلحة مهلة 48 ساعة بعدما أصر نظام الإخوان على عدم تلبية مطالب المصريين، فقد مضى الأسبوع دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذي أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.
ولذلك أهابت القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاما عليها استنادا إلى مسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرا للورثه المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
عقب بيان القوات المسلحة، طالبت عدة أحزاب تنتمي للتيار الإسلامي. مثل حزب النور السلفي والدعوة السلفية محمد مرسي بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتلا ذلك موجة من الاستقالات، ضمت استقالة خمس وزراء من الحكومة، ومستشار الرئيس للشؤون العسكرية الفريق سامي عنان، و30 عضوا في مجلس الشورى.
ظل العناد قائمًا، حتى بعد خروج الملايين في 30 يونيو؛ إذ اقترح «السيسي» على «مرسي» إجراء استفتاء شعبي على منصب رئيس الجمهورية لنزع فتيل الأزمة وتفاديا لخروج الأمور عن السيطرة ، فجاء رد فعل الرئيس معبرا عن الذهنية التي كانت سائدة في هذا التوقيت، فقد ألقى محمد مرسي خطابًا مساء 2 يوليو لمدة 45 دقيقة، تحدث فيها مرارا وتكرارًا عن الشرعية، ولوح فيها بالمواجهة الداخلية بين مناصريه ومناهضيه، وهو ما حدث بالفعل في عدة مناطق مساء هذا اليوم، مثل محيط جامعة القاهرة، وهي اشتباكات استمرت حتى صباح اليوم التالي، وأسفرت عن مقتل 22 مواطنا وجرح العشرات، وهو ما قضى على أية أمال في أن يقبل نظام الإخوان الانفتاح على مطالب ملايين المصريين بما أفسح المجال للقوات المسلحة لطرح خارطة طريق.
القرار: خارطة طريق بتوافق وطني
لم يكن بمقدور القوات المسلحة أن تقف في موقع المشاهد لما يجري من أحداث جسام كان بإمكانها الدفع بمصر إلى حافة الهاوية من الاقتتال والاحتراب الأهلي فإرادة الشعب هي الحاكمة والقوات المسلحة مسؤولة مسؤولية كاملة عن حمايتها حسبما أكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة يوم 23 يونيو 2013، ولذلك، دعت إلى اجتماع بحضور كل الأطياف والقوى السياسية رفض حزب الحرية والعدالة حضوره وممثلي المؤسسات الدينية للخروج بصيغة غيرت وجه التاريخ المصري الحديث وأعادت تشكيل مستقبل المنطقة.
راجع البيان شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، واتفق على أن يلقيه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وهو الاجتماع الذي أكد فيه “السيسي” أنه هو وأبناؤه من الضباط في الجيش والشرطة سيدفعون ثمن هذا القرار ويتحملون مسؤولية “حماية الوطن والشعب” مع إدراكهم الجميع المخاطر. وكانت هذه هي الجملة التي ختم بها اجتماع الساعات الست التي ربما كانت الأهم في التاريخ المعاصر لهذا الوطن.
وفي مشهد وطني جمع كل فئات الشعب المصري وقواه السياسية والاجتماعية، أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي قرارات 3 يوليو التاريخية وخارطة الطريق:
شعب مصر العظيم إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم أذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب، التي استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي، على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي.
ولقد استشعرت القوات المسلحة انطلاقا من رؤيتها الثاقبة أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي املة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.
لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012، بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة… ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه. كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة اسباب الاحتقان، ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة. في إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد / رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 2013/6/22 حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري.
ولقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد / الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ 48 ساعة جاء بما لا يلبي ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة، استنادا على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء الأحد، حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي ومتماسك لا يقصي أحدًا من أبنائه وتياراته وينهي حالة الصراع والانقسام وتشتمل الآتي :
تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت…
يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.
إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات الإدارة المرحلة الحالية.
تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا.
مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكًا في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء … وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقا للقانون وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية والتاريخية.
كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطني العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.
حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت الأمانة العامة للحوار الوطنى أعدت تقريراً بمناسبة ذكرى ثورة يونيو المجيدة جاء تحت عنوان “ثورة شعب” ويتضمن الحديث حول الطريق إلى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بالإضافة إنجازات الدولة المصرية تحت لواء الرئيس عبدالفتاح السيسى في ١٠ سنوات، وذلك عبر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.