المنظومة البحرينية لصناعة الحلال
حققت مملكة البحرين المرتبة الخامسة في مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2023م، ويأتي ذلك نتيجة أرقام سجلتها خلال مسيرتها في العام ذاته في قطاعات متنوعة من صناعة الحلال، فقد جاءت في المرتبة الرابعة عالمياً بحسب تقرير التنمية المالية الإسلامية لعام 2023، والسابعة في قطاع الإعلام ووسائل الترفيه، والثامنة في السياحة الحلال، والعاشرة في قطاع الأغذية الحلال، وذلك بحسب تقرير وضع الاقتصاد الإسلامي العالمي 2023 2024م، كل ذلك ليس بمستغرب على مملكة البحرين التي كانت ولا تزال سبّاقة ورائدة في صناعة التمويل الإسلامي في العالم.
وفي السياق نفسه تولي قيادة المملكة مزيداً من العناية للنهوض بمختلف القطاعات والتميز فيها، ومن هنا جاءت مبادرة الحكومة إلى تأسيس منظومة شاملة وموحدة لتنظيم مجال الحلال، عبر تكاتف بين كل من القطاع الخاص والعام، الأمر الذي من شأنه تنفيذ جوانب من برنامج الحكومة 2023 2026 فيما يتعلق بمحور التعافي الاقتصادي والاستدامة المالية، حيث تأتي هذه المنظومة لتنمية قطاع الحلال الواعد، مما يجعل المملكة الخيار الأمثل لجذب الاستثمارات، ويعزز الشراكات مع الأسواق الإقليمية والعالمية.
وتسعى منظومة الحلال إلى ضمان تقديم منتجات وخدمات تتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، بدءاً من موادها الخام حتى وصولها إلى المستفيد منها. ويشارك في وضع هذه المنظومة عدة جهات حكومية وغيرها ذات العلاقة، بالإضافة إلى مركز الاعتماد الخليجي المختص في تقديم خدمات اعتماد متميزة والذي يعد أول وأسرع جهاز اعتماد متعدد الاقتصادات في الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ يحصل على الاعتراف الدولي.
وتهدف هذه المنظومة إلى تطوير وتنظيم صناعة الحلال في مملكة البحرين، وأيضاً توفير المساعدة اللازمة للمصنعين والموزعين وتجار التجزئة ورجال الأعمال والباحثين والمستثمرين للانخراط في سوق الحلال العالمي، وكذلك تسهل التجارة البينية بين المملكة والدول الخليجية والدول الأخرى، مع زيادة صادراتها والخدمات الحلال، وصولاً إلى أسواق جديدة.
إن صناعة الحلال لا تعد فقط قضية دينية أو التزاماً شخصياً ومجتمعياً، بل تتخطى ذلك عبر فتح آفاق من الفرص الاستثمارية أمام سوق البحرين الذي حوى العديد من الميزات التنافسية مقارنة مع بقية الأسواق، فالموقع الاستراتيجي، والقوى العاملة المحترفة، والبنية التحتية المتطورة، والبيئة التنظيمية المتكاملة، كلها ميزات تؤهل المملكة إلى توفير منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة تلبي احتياجات ورغبات المستهلكين المسلمين الذين يشكلون ربع سكان العالم، بل وغير المسلمين أيضاً. وإذا ما رأينا الالتزام بمبادئ الحلال من منظور آخر، وهو كونها تقوم على الأخلاق والجودة والاستدامة استطعنا عن طريقها تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز رفاهية الحياة لكل من الإنسان والبيئة المحيطة به.
* مدير مدقق شرعي بمجموعة البركة