الساحل والجولان ينضمان لـ”وثيقة المناطق الثلاث”
– هاني العبد الله
أعلنت مجموعة من أبناء الساحل السوري في داخل سوريا وخارجها عن تشكيل “تجمع العمل الوطني” وانضمامهم إلى “وثيقة المناطق الثلاث”.
بيان تشكيل التجمع نشره عدة معارضين سوريين على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في 7 من نيسان الحالي، مؤكدين أن التجمع يضم طيفًا واسعًا من السوريين والسوريات الذين ينتمون إلى منطقة الساحل داخل سوريا وخارجها، والذين عملوا معًا قبل هذا الإعلان لفترة طويلة، وبحثوا في كيفية المساهمة في بناء الثقة وتعزيز منهجيات العمل الديمقراطي الوطني.
وأكد التجمع في بيان له أن طموحات أبناء الساحل لا بد أن تلتقي مع طموحات السوريين، ومن أهمها الحرية والكرامة والسلام والعدالة الانتقالية وتحقيق الانتقال السياسي، ونبذ “تطييف” سوريا وتفتيتها بالشكل الممنهج الذي عمل عليه النظام.
الأستاذ الجامعي محمد الأحمد، وأحد مؤسسي تجمع الساحل، تحدث ل أن تشكيل هذا التجمع هو رد حقيقي على “نظام الأسد”، ورسالة له بأن أهل الساحل ليسوا معه رغم الآلة القمعية، وأن الساحل حاضر ضمن الحالة الوطنية المعارضة، كما أن تأسيس التجمع بمنزلة رسالة أخرى لكل السوريين أن الساحل واحد من أهم الأماكن الجغرافية التي في حال لعبت دورها الحقيقي، فإنها ستغير المعادلة باتجاه بناء دولة المواطنة والحرية والعدالة.
ولفت الأحمد إلى أن توقيت الإعلان عن تأسيس “تجمع العمل الوطني للساحل السوري”، في 7 نيسان الحالي، كان بمحض المصادفة، وليس له أي دلالة رمزية أو ارتباط بذكرى تأسيس حزب “البعث”.
بدوره، اعتبر المحامي السوري محمد صبرا، أن تأسيس “تجمع العمل الوطني” يأتي كمحاولة جيدة في هذا التوقيت لتوحيد نشاطات المعارضين في الساحل، وتأطير نضالهم وفق منهج سياسي ينسجم مع النضال الوطني السوري ككل، مشيرًا إلى أن أهم معوق يجب تجاوزه هو كيفية استعادة ثقة السوريين بأنفسهم أولًا، وبقدرتهم على إعادة إنتاج ذواتهم كمواطنين أحرار في وطن يسعون لامتلاكه وامتلاك قراره، و”التغلب على الطائفية وثقافة الكراهية التي عمل النظام السوري على زرعها في مجتمعنا منذ عام 1970″.
الساحل ينضم لـ”وثيقة المناطق الثلاث”
“تجمع العمل الوطني” في الساحل السوري، أعلن انضمامه إلى “مبادرة المناطق الثلاث”، لتُصبح وثيقة تضم خمس مناطق هي ريف حلب الشمالي، والسويداء، ودرعا، والجولان، والساحل السوري.
وذكر تجمع الساحل في بيانه، “نتطلع إلى استكمال النقاش الدائر لانضمام مناطق سورية أخرى على امتداد الأرض السورية إلى المبادرة، تمهيدًا للبدء بالمرحلة الثانية من هذا المشروع السياسي الواعد الذي يبني قوته بالتنسيق والثقة والعمل الوطني العقلاني المشترك، بما يعزز عودة السياسة إلى المجتمع، وصولًا إلى تثبيت ملكيتها بيد الشعب ومنع احتكار ممارستها أو حصرها بجهة محددة دون غيرها”.
وأفاد الدكتور محمد الأحمد أن “الأهمية المستقبلية في مبادرة المناطق الثلاث، أن تنضم لها جميع المناطق السورية، وبالتالي تكتمل الهوية الجغرافية، ويجتمع السوريون في نهاية المطاف على هوية وطنية وقضية واحدة، هي النضال ضد الأسد واستئثار فئة حاكمة بالبلاد واستمرارها بالقتل، ومنع تحقيق طموحات السوريين بدولة الحرية والعدالة والمواطنة”.
في السياق ذاته، قال محمد صبرا ل، إن انضمام تجمع الساحل لـ”وثيقة المناطق الثلاث”، هو التعبير الأصدق عن استعادة نضال أبناء الساحل في وجه الدكتاتورية والاستبداد إلى حيزه الوطني وفضائه العمومي السوري، مضيفًا، “نأمل في توسيع قاعدة التأييد لوثيقة المناطق الثلاث بحيث تشمل كل بقاع الوطن، باعتبارها وثيقة جامعة تهدف لانخراط السوريين في صياغة مستقبلهم على أساس التشاركية والتواصل وبناء الثقة”.
ما “وثيقة المناطق الثلاث”؟
كان أكاديميون ومثقفون وناشطون في محافظات السويداء ودرعا وريف حلب أعلنوا، في 8 من آذار الماضي، عن إطلاق “وثيقة المناطق الثلاث”، تحت شعار “حيّ على الوطن”، بهدف توحيد الخطاب الجماهيري الوطني المناهض للنظام السوري، ومنع الانجرار نحو “الانفصالية والتعصبية”.
الإعلان عن “وثيقة المناطق الثلاث”، وهي وثيقة سياسية مشتركة، جاء خلال وقفة أمام ضريح سلطان باشا الأطرش في بلدة القريّا بريف السويداء، ورفع خلالها المشاركون علم الثورة السورية، وشعارات تنادي بالحرية والكرامة.
وتقوم “مبادرة المناطق الثلاث” على خمسة مسارات أساسية هي “تأميم السياسة”، بهدف عدم تسليم القرار العمومي السوري لأي قوة أجنبية، ويرتكز المسار الثاني على أن الحياة والحرية والأمان والكرامة حقوق مصونة للسوريين كلهم، ومناهضة كل خطاب يدعو إلى الكراهية، أو يروج للقبول بمصادرة الحريات والكرامة ومقايضتهما بالاستقرار.
المسار الثالث في “مبادرة المناطق الثلاث” يؤكد وحدة سوريا، وأنها ليست دولة ملة أو طائفة أو جماعة عرقية أو حزب أو تيار سياسي، بل هي دولة تحتضن أبناءها كلهم من دون استثناء، ولا يمكن أن تتحقق الوطنية السورية على أساس الانطواء المحلي.
المسار الرابع يقوم على التنسيق والحوار والعمل المشترك، وبناء شبكات ثقة بين السوريين عابرة للمناطق والطوائف والعصبيات، أما المسار الخامس فيشدد على أن الثقة هي أداة تأسيس سياسية تؤطر الاجتماع الوطني، وبأن وحدة السوريين في كثرتهم.
ويرى محمد صبرا، الذي كان أحد الداعمين لـ”وثيقة المناطق الثلاث”، أن المبادرة تهدف لاستعادة الألق الأول للثورة السورية، وإعادة القرار السوري لأصحابه الشرعيين وهم السوريون كافة، والعودة لإرادة السوريين الحرة، واعتبار التغيير السياسي الحقيقي في سوريا هو الاستناد لهذه الإرادة فقط، ورفض رهن هذه الإرادة بأي جهة دولية أو إقليمية أو مذهبية أو أيديولوجية.
الجولان حاضر في التجمع السياسي الموحد
بعد أيام على تأسيس “مبادرة المناطق الثلاث”، أصدر تجمع “الحراك الوطني الديمقراطي” في الجولان السوري المحتل و”الحزب التقدمي الاشتراكي” في لبنان، بيانين متزامنين جدّدا فيها موقفهما الداعم للثورة السورية، وأعربا عن تأييدهما لـ”وثيقة المناطق الثلاث”.
وقال “الحراك الوطني الديمقراطي” بالجولان، في 21 من آذار الماضي، إن “وثيقة المناطق الثلاث” جاءت لتقطع الطريق على كل المشاريع المشبوهة، ولتعلن بصوت عالٍ وواثق أن سوريا للسوريين وهم أصحاب القرار في وطنهم، مؤكدين رفض تسليم القضية السورية لقوى أجنبية أو ميليشيات أو جماعات حزبية.
أما “الحزب التقدمي الاشتراكي” في لبنان فشدد على ضرورة التمسك بـ”وثيقة المناطق الثلاث”، لما ترمز إليه من تلاقٍ وطني سوري عابر للمناطق والطوائف، والتمسك بوحدة الشعب السوري ووحدة سوريا، وبوحدة المطالب التي يناضل لأجلها الشعب السوري منذ عام 2011 بوجه الظلم والقتل والاعتقال والتعسف.
هل حظيت المبادرة بالتفاف شعبي؟
تضم “وثيقة المناطق الثلاث” هيئات المجتمع الأهلي من ريف حلب الشمالي، حيث شارك فيها وجهاء من مدن حلب واعزاز والباب، و”اتحاد ثوار حلب”، واتحاد النقابات المهنية والعلمية، والاتحادات “الحرة”.
كما حظيت المبادرة بدعم من الشيخ أحمد الصياصنة ووجهاء من درعا، ولجنة الحراك العام في بلدة القريّا بالسويداء، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي”، وليد جنبلاط، وزوجته نورا جنبلاط.
وحول التفاعل الشعبي مع “وثيقة المناطق الثلاث”، قال المحامي محمد صبرا، “لمسنا الكثير من الأصداء الإيجابية في كل مناطق سوريا”، وربما كانت بعض المناطق قادرة على التعبير عن تلقيها الإيجابي وتفاعلها مع المبادرة، بينما كانت هناك مناطق أخرى لا تستطيع التعبير العلني عن هذا الأمر، بسبب قوى الأمر الواقع التي تحكم أجزاء كبيرة من سوريا سواء في مناطق النظام، أو المناطق الأخرى التي تسيطر عليها قوى أمر واقع مختلفة.
بدوره أفاد الدكتور محمد الأحمد، أنه كان هناك التفاف كبير وتأييد حقيقي لـ”وثيقة المناطق الثلاث”، مضيفًا، “هناك أسماء كبيرة انضمت للمبادرة، ولكن لا نريد الإعلان عن الأسماء إلا في الوقت المناسب”.
ويتواصل الحراك الثوري في المناطق السورية للعام الـ13 على التوالي، رغم كل محاولات النظام بالقتل والاعتقال والتضييق لإجهاض هذا الحراك، الذي زاد زخمه أكثر بعد انطلاق الاحتجاجات في السويداء في 17 من آب 2023، حيث شهدت مختلف مناطق المحافظة مشاركة عشرات آلاف المتظاهرين، الذين رفعوا علم الثورة ونادوا بإسقاط النظام.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي