ذو الوجهين.. البليهي مستفز بهفوات كارثية أم مدافع أسطوري؟ – Bawabaa Sports | بوابة الرياضة
عندما يُذكر اسم علي البليهي، مدافع الهلال، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان الاستفزازات وإثارة الجدل، لكن هذه ليست الحقيقة الكاملة، فالنجم الدولي يملك سجلًا حافلًا بالإنجازات يضعه في مصاف الأساطير رغم كونه ليس مهاجمًا.
واشتهر البليهي بتعمده استفزاز الخصوم، سواء اللاعبين أو الجماهير، في الملعب أو حتى عبر وسائل الإعلام، ما عرّضه لانتقادات قاسية.
إضافة إلى ذلك، فإنه يعاني هذه الفترة من انتقادات بشأن مستواه الفني بعد أخطائه في مباراتي العين الإماراتي، حيث حمّله البعض مسؤولية الإقصاء من دوري أبطال آسيا.
ومع ذلك، فبشكل عام لا يمكن إنكار أن البليهي يحظى بتقدير قطاع كبير من الجماهير السعودية عمومًا، وجماهير الزعيم على وجه الخصوص، ليس فقط لقوة شخصيته وإنما أيضًا لأرقامه المميزة.
جدل دائم
اعتاد البليهي صناعة الجدل أينما وطأت قدماه، ليس فقط باستفزازاته التي أصبحت “ماركة مسجلة” باسمه، وإنما أيضًا باحتفالاته الغريبة.
لم تستغرق عملية البحث عن مواقف البليهي الجدلية الكثير من الوقت، فبضغطة زر يمكن الاطّلاع على ذكريات لا ينساها مشجعو الوطن العربي عن المدافع السعودي المشاكس.
وبالعودة 3 أعوام فقط إلى الوراء، كان البليهي مثار جدل كبير بعد واقعة “غرس العلم” الشهيرة، عقب التأهل على حساب الغريم النصر إلى نهائي دوري أبطال آسيا.
البليهي استعرض بوضع علم الهلال في منتصف ملعب “مرسول بارك”، والتقط صورة تاريخية، نشرها وعلق عليها بقوله “الأرض أرضي، الزمان زماني.. بليهي بارك”، في تصرف اُعتبر مهين للغريم الأصفر.
حاول أندرسون تاليسكا، نجم النصر، الرد بنفس الطريقة عقب التتويج بكأس الملك سلمان للأبطال (البطولة العربية للأندية)، إلا أن البليهي منعه واشتبك معه.
بعد نحو عام من واقعة العلم، تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن المدافع المشاغب بعد أن استفز ليونيل ميسي، قائد منتخب الأرجنتين، في مباراتيهما الافتتاحية بكأس العالم 2022 بقطر، وما ساعد على انتشار اللقطة فوز المنتخب السعودي التاريخي على التانجو.
وصرح البليهي لاحقًا إنه قال لميسي باللغة العربية “إذا لعبت أمامنا 4 مباريات فلن تفوز، عليك احترامنا”.
استفزازات البليهي لم تتوقف، وإنما طالت جماهير النصر في ديربي ذهاب الموسم الجاري من الدوري السعودي، ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
فبعد التقدم بثلاثية نظيفة نظر إلى المدرجات وهو يضع يديه كـ”نظارة” في إشارة تحمل معنى “لا أراكم!”، الأمر الذي دفع الحكم الكولومبي ويلمار رولدان لطرده.
ويقول حسين عبدالغني، نجم النصر السابق، عن هذه اللقطة “ما يفعله البليهي من استفزازات أمر يحق له طالما أنه في الملعب، هذه كرة القدم ومن حق اللاعب فعل أي شيء ليخرج منافسه من أجواء المباراة، لكني لا أوافق على حركته للجمهور”.
في المقابل، نشر سامي الجابر، أسطورة الهلال، صور المدافع مع كل من رونالدو، وميسي، وكريم بنزيما، وعلق “14 كرة ذهبية وكرة الماسية واحدة فقط.. افخروا بالبليهي ولا حرج”.
ضحايا جدد
استمرت عادة البليهي في المباريات الكبرى، وظهرت في كلاسيكو الاتحاد بإياب ربع نهائي دوري أبطال آسيا لهذا الموسم، والضحية هذه المرة عبدالرزاق حمدالله.
تدخل البليهي بشكل عنيف على حمدالله في كرة هوائية مشتركة، ما استفز المهاجم ليسقط في الفخ ويدخل في مشادة كلامية انتهت بخنقه المنافس، وتعرضه للطرد.
لم تنجح محاولات البليهي في استفزاز كريستيانو رونالدو خلال ديربي الدور الأول من الدوري حيث قابلها بسخرية، لكنها أتت ثمارها في كأس الدرعية للسوبر.
ووجه البليهي كلمات مزعجة للدون في مباراة نصف النهائي التي جرت في وقت سابق من أبريل/ نيسان الجاري بأبوظبي، ما دفع النجم البرتغالي لضرب المدافع بدون كرة.
فقد رونالدو أعصابه ما أدى لطرده، بل إن اللاعب كاد يضرب الحكم محمد الهويش بالكرة، والنتيجة إيقاف اللاعب وخسارة جهوده.
احتفالات غريبة
ولم يقتصر الجدل حول البليهي على استفزاز الخصوم، وإنما حاول المدافع جذب الأنظار إليه من خلال احتفالاته بالأهداف.
واحتفل البليهي بوضع “بالون” أزرق في فمه بعد هدفه القاتل في مرمى الفيحاء بالدوري السعودي، ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكرر المدافع الاحتفال ذاته لكن بـ”بالون” أخضر اللون عقب هدفه الحاسم في الثواني الأخيرة من مباراة السعودية وعمان في كأس أمم آسيا 2023.
هذا الاحتفال الغريب لم يكن الأول للبليهي، وإنما احتفل بركوب سيارة الإسعاف في المضمار عقب هدفه في شباك الاتفاق الموسم الماضي، كما احتفل قبلها باستخدام “حذائه” كهاتف محمول عقب هدفه ضد الرائد في كأس الملك 2021، إلا أن الحكم ألغى الهدف لاحقًا.
ولا يمكن نسيان لقطة رفض البليهي الاحتفال رفقة لاعبي منتخب السعودية مع الجماهير بالفوز على قيرغيزستان في كأس آسيا، بعد أن استعان نجوم الأخضر بطريقة احتفال معتادة للنصر منذ قدوم كريستيانو رونالدو.
ماذا يقول؟
لا ينكر البليهي أنه لاعب “مستفز”، بل إنه يتفاخر بذلك ويعتبر هذه الطريقة سلاحًا فعالًا لهزيمة أعتى المهاجمين.
ويقول البليهي في تصريحات تليفزيونية “أتشاجر مع كل الخصوم، هذا أنا، وهذه طريقتي، عندما ألعب ضد رونالدو أقول له إن ميسي الأفضل، وإذا لعبت ضد ميسي أقول العكس”.
ويجيد البليهي لغة “قصف الجبهات”، فبعد هزيمة الغريم الاتحاد 3 مرات متتالية في 11 يومًا، مارس/ آذار الماضي، علق قائلًا “مواجهاتنا ضد الاتحاد كانت سهلة”.
كما أظهر غرورًا كبيرًا عندما صرح بعد التتويج بكأس الدرعية للسوبر بأن “هناك فريق واحد فقط قادر على هزيمة الهلال هو الصف الثاني للفريق”، في رسالة استهزاء بكل الخصوم.
لكن البعض ربط بين هذه الثقة الزائدة وسقوط الهلال في المباراة التالية على يد العين الإماراتي (24) في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال، وهي خسارة جاءت بعد الفوز في 34 مباراة متتالية.
وعندما سُئل عن سبب هذه النوعية من التصريحات، رد بقوله “تصريحاتي طبيعية في عالم كرة القدم، أحاول اكتساب الثقة من خلال هذه الكلمات”.
هجوم بسبب العين
يعاني البليهي من انتقادات قوية من جانب جماهير الهلال، على خلفية الهفوات التي ارتكبها خلال مباراتي العين في نصف نهائي دوري الأبطال، لدرجة أن البعض طالب بمعاقبته بإبعاده عن التشكيل في الفترة المقبلة.
ومن خلال التعليقات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ترى معظم الجماهير أن المدافع تسبب بأخطاء في استقبال الفريق 4 أهداف، 3 في مباراة الذهاب، وهدف الإياب.
وأخطأ اللاعب بتغطية التسلل مرتين في مباراة الذهاب، الأولى أدت لهدف والثانية تسببت في ركلة جزاء، جاء منها هدف ثانٍ، قبل أن يتسبب بنفسه في ركلة جزاء أخرى ليستقبل الفريق هدفًا ثالثًا.
وكرر صاحب الـ34 عامًا خطأه بتغطية التسلل في لعبة انتهت بهدف العين الوحيد في مباراة الإياب، أمس الثلاثاء.
إنجازات عديدة
ورغم ذلك كله، لا يمكن إنكار أن البليهي يملك سجلًا مليئًا بالإنجازات الجماعية والفردية، تجعله واحدًا من أساطير الكرة السعودية عبر التاريخ، على الأقل في الخط الدفاعي.
ومنذ انتقاله إلى الهلال عام 2017، توج البليهي بالدوري السعودي للمحترفين 4 مرات، أعوام 2018، و2020، و2021، و2022، وفي طريقه لحصد اللقب الخامس هذا الموسم، إذ يبتعد الفريق في صدارة جدول الترتيب، وبات تتويجه مسألة وقت.
كما فاز البليهي بلقبين في كأس الملك عامي 2020 و2023، و3 ألقاب في كأس السوبر أعوام 2018، و2021، و2023.
إضافة إلى ذلك، حصد البليهي لقبين في دوري أبطال آسيا عامي 2019 و2021، وكسب الميدالية الفضية في كأس العالم للأندية عام 2022.
وعلى المستوى الدولي، نجح البليهي في المشاركة مرتين مع السعودية في كأس العالم في نسختي 2018، و2022، فضلًا عن مشاركتين في كأس آسيا 2019 و2023، لكنه لم يستطع حصد لقب مع الأخضر حتى الآن.
مدافع هدّاف
بعيدًا عن الأرقام، يعتبر البليهي عنصرًا أساسيًا لا غنى عنه في دفاع الهلال والمنتخب السعودي رغم تقدمه في العمر (34 عامًا).
وفرض البليهي نفسه كأحد أفضل مدافعي الدوري السعودي للمحترفين، لينافس نخبة من المدافعين العالميين، يتقدمهم زميله كاليدو كوليبالي، وإيمريك لابورت.
ولعب البليهي 41 مباراة هذا الموسم بكل البطولات، ولم يغب عن الهلال في الدوري سوى مرتين فقط للإيقاف.
ولا يمكن لأحد أن ينكر دور البليهي الأساسي في سلسلة الانتصارات التاريخية التي استمرت 34 مباراة متتالية بكل البطولات، إذ تمكن من حماية عرين الزعيم بمساعدة زملائه.
وبفضل جهود البليهي، فإن الهلال صاحب أقوى دفاع في الدوري بتلقيه 17 هدفًا، كما أنه الأكثر خروجًا بشباك نظيفة بـ14 مباراة.
ولا تقتصر أدوار البليهي على التغطية الدفاعية وإفساد هجمات الخصوم، وفرض الرقابة اللصيقة على مهاجمين كبار مثل رونالدو وميسي وبنزيما، وإنما تمتد أيضًا لتقديم إسهامات هجومية مهمة.
وأحرز البليهي 17 هدفًا بقميص الهلال، إضافة إلى 2 مع منتخب السعودية، علمًا بأن آخر 5 أهداف وقّع عليها جاءت في الوقت القاتل.
وخطف البليهي انتصارًا ثمينًا للأخضر بهدفه ضد عمان في الوقت المحتسب بدلًا من الضائع بكأس أمم آسيا، كما أحرز للهلال أمام الفيحاء قبل 4 دقائق من نهاية الوقت الأصلي للمباراة في الدوري السعودي.
وسجل أيضًا هدفًا للهلال ضد نافباخور الأوزبكي في الوقت المحتسب في دوري أبطال آسيا.
وفي الموسم الماضي، سجل هدفًا قاتلًا ضد الوحدة بنهائي كأس خادم الحرمين، كما سجل المدافع هدف الفوز القاتل على الطائي في الدوري.