مخاوف من قلة الحصّادات وارتفاع أجورها في رأس العين
مع اقتراب موسم الحصاد، تزداد مخاوف المزارعين في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة من عدم كفاية الحصّادات الآلية وارتفاع إيجاراتها، في منطقة تعتمد على المزروعات في المقام الأول كمصدر دخل.
هذه المخاوف تتجدد كل عام، وفي موسم 2023، ارتفع إيجار الحصادة قبل أيام من انطلاق الموسم، ما أجبر المزارعين على دفع تكاليف أعلى، وكانت حينها بين 6 و 8 دولارات أمريكية للدونم الواحد.
“تحت رحمة” الحصادات
في كل عام، يطالب المزارعون بتوفير الحصادات، للحفاظ على جودة محاصيلهم من القمح والشعير، لأن تأخير الحصاد غير محمود، فقد تتسبب درجات الحرارة العالية في كسر نباتات القمح وتلف الحبوب داخلها، ما يؤدي إلى خسارة المحصول.
بالإضافة إلى ذلك، يشعر المزارعون بالقلق إزاء نشوب الحرائق التي تحدث بانتظام في المناطق الزراعية، ما يجعلهم مجبرين على دفع إيجارات مرتفعة للحصادة، ويكونون “تحت رحمة” أصحاب الحصادات حسب وصف مزارعين التقتهم.
قال مرعي السليم، وهو مزارع منذ 25 عامًا في قرية العزيزية غربي رأس العين، إن قلة الحصادات وتأخر الحصاد يخلق مخاوف لديه كبقية المزارعين من ضرر المحصول، أو حدوث حرائق مع ارتفاع درجات الحرارة.
وأضاف ل أن قلة الحصادات في رأس العين وقِدمها واهترائها يجعل الأمر أكثر تعقيدًا في عملية الحصاد أيضًا.
وأشار إلى ضرورة التعاون بين الجهات المحلية و”الحكومة المؤقتة” لإيجاد حلول فعالة لحصاد هذا الموسم بسلاسة وتصريفه بأسعار مناسبة للمزارعين.
ويحمل المزارع حسن العزيز من قرية لوذي شرقي رأس العين، نفس المخاوف، إذ يملك 60 دونمًا من القمح و20 دونمًا من الشعير هذا العام.
واستذكر المزارع حادثة حريق في أرض جاره عام 2023، حين تأخرا في الحصاد، وأدى إلى وصول الحريق إلى أرضه الزراعية أيضًا، وخسارته 25 دونمًا من إجمالي 50 دونمًا من القمح الذي كان قد زرعه حينها.
وأضاف أن الوضع هذا العام يبدو أكثر خطورة، نظرًا لقلة الحصادات، وكون أغلبها قديمة وتحتاج إلى استبدال.
كلفة تشغيلية مرتفعة
يواجه أصحاب الحصادات تحديات لا تختلف كثيرًا عن تحديات المزارعين حسب قولهم، فهم يضطرون إلى تحمل تكاليف تشغيلية مرتفعة، بدءًا من المحروقات وانقطاعها المتكرر، وصولًا إلى تكاليف شراء وصيانة قطع الغيار.
وقال سيف الدين المحمد وهو صاحب حصادة في رأس العين، إن أجور الحصاد ستكون مرتفعة حتمًا عن العام الماضي، كون التكلفة التشغيلية صارت أعلى.
وأضاف، ل، أن لديه حصادة يعمل عليها منذ أكثر من 20 عامًا، وأن أزمة قلة عدد الحصادات لم تحصل إلا خلال هذه الأعوام الماضية، بسبب ضيق المنطقة جغرافيًا.
وذكر المحمد أن حصادته حصدت عام 2023، دونم “السقي” بتكلفة 7 دولارات، ودونم البعل 8 دولارات، وبسبب ارتفاع المحروقات، ومطالبة العمال برفع أجورهم سيرفع أجرة الحصادة بشكل يناسب العامل والمزارع لهذا العام.
ولفت إلى أن سعر برميل المازوت (220 ليترًا) وصل إلى أكثر من 150 دولارًا أمريكيًا، إضافة إلى غلاء قطع الغيار بنسبة وصلت إلى 80% عن عام 2023.
وفي حال توفرت المحروقات وقطع الغيار بأسعار مناسبة، فمن الطبيعي أن يخفض أصحاب الحصادات أجورها، حسب قوله.
مساحات منخفضة
رئيس مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي، عمر حمود، قال ل إن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح انخفضت هذا العام مقارنة بعام 2023، وبلغت 110 آلاف دونم، بينما كانت نحو 400 ألف دونم عام 2023، وذلك بسبب بحث المزارعين عن بدائل مربحة.
وأوضح أن عدد الحصادات الفعّالة في المنطقة بلغ 70 حصادة، معتبرًا أنها كافية لحصاد محصول القمح وحتى الشعير في المنطقة.
وأضاف أن المجلس المحلي يعمل على عقد اجتماعات دورية مع المزارعين وأصحاب الحصادات من أجل الوصول إلى تسعيرة تناسب الطرفين، لافتًا إلى تقديم المجلس الدعم لأصحاب الجرارات في حال نشوب حرائق في الأراضي الزراعية.
خسائر في القمح والقطن
في موسم حصاد القمح برأس العين عام 2023، اشتكى مزارعون من تكدّس المحصول لديهم، لعدم تسلم “الحكومة المؤقتة” إلا كميات قليلة منه، ما جعلهم عرضة لاحتكار وتحكم التجار في محصولهم، نظرًا إلى غياب أماكن مناسبة للتخزين وصعوبات في الحفاظ على جودة المحصول، ما يؤدي إلى تلفه.
وحددت “المؤقتة” حينها سعر شراء طن القمح القاسي الصافي من الدرجة الأولى بمبلغ 330 دولارًا أمريكيًا، ورغم تحديد السعر لم يتمكن المزارعون من بيع القمح القاسي الصافي بأكثر من 220 دولارًا للطن، والقمح الطري بسعر 150 دولارًا للطن.
ولم تتدخل “الحكومة المؤقتة” في شراء محصول القطن المزروع ضمن مناطق سيطرتها، ما عرض المزارعين لخسائر كبيرة، نتيجة اضطرارهم لتخفيض أسعار المبيع، وتراوح سعر الطن بين 500 و550 دولارًا أمريكيًا، في حين كان سعره عام 2022 يتراوح بين 750 و800 دولار.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي