القمة العالمية لطاقة المستقبل تساهم في دفع جهود التعاون المناخي بعد مؤتمر كوب 28
كشفت الجهات المنظمة للقمة العالمية لطاقة المستقبل في أبوظبي عن النجاح اللافت الذي حققته الدورة الأخيرة من الفعالية التي استمرت لثلاثة أيام خلال الشهر الماضي، على الرغم من الظروف الجوية الاستثنائية التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال مدة انعقادها.
وشهدت هذه الدورة، التي تُعدّ هي الأضخم في تاريخ القمة على مدار 16 عامًا، مشاركة قياسية من مختلف أنحاء العالم، ممّا يؤكد أهمية التغيير العاجل في قطاع الطاقة وتعزيز أطر التعاون التي اُتفق عليها قبل ستة أشهر في مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 28)، الذي عُقد في دبي.
واستضافت (مصدر) Masdar الدورة 16 من القمة العالمية لطاقة المستقبل التي انطلقت في مركز أبوظبي الوطني للمعارض خلال المدة الممتدة من 16 إلى 18 من أبريل الماضي، وقد استقطبت الفعالية أكثر من 16 ألف زائر من 106 دول حول العالم، لاستكشاف أحدث الابتكارات من أكثر من 450 جهة عارضة، مما يمثل زيادة بنسبة تبلغ 22% عن دورة العام الماضي.
وزاد عدد الدول المشاركة إلى أكثر من 60 دولة، بالإضافة إلى 9 أجنحة وطنية بزيادة قدرها 53%، كما وصلت مساحة العرض إلى 35 ألف متر مربع، بزيادة تبلغ 12% عن عام 2023. وقد شهدت هذه الدورة نجاحًا باهرًا على الرغم من الظروف الجوية الصعبة التي واجهتها المنطقة خلال مدة انعقادها.
الهيدروجين الأخضر والتنقل الكهربائي:
شهد برنامج التبادل المعرفي الشامل إضافة ثلاثة منتديات جديدة حول التمويل الأخضر، والتنقل الكهربائي، وضبط معدّل ارتفاع حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، إلى جانب خمسة مؤتمرات ركزت في مواضيع النفايات البيئية والطاقة الشمسية والمياه والطاقة النظيفة والمدن الذكية والمناخ والبيئة.
بالإضافة إلى قمة الهيدروجين الأخضر التي استضافتها مصدر، ليصل عدد الجلسات الإجمالي إلى 150 جلسة حيوية، شارك فيها أكثر من 350 متحدثًا بارزًا.
وافتتحت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، القمة بكلمة دعت فيها إلى التعاون الجماعي استنادًا إلى الأطر التي أقرها مؤتمر الأطراف كوب 28.
وحثت سموها المشاركين على التعاون لضبط معدّل ارتفاع حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية عما كانت عليه قبل العصر الصناعي، كما طالبت بدعم المبادرات من خلال تعزيز التمويل المختلط، وحذرت من العمل الفردي.
وأشار فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إلى ضرورة التركيز في حجم المهمة التي تواجه قطاع الطاقة، كما تحدث عن أحدث بيانات القدرة الإنتاجية للوكالة، التي تظهر أن العالم لم ينجح حتى الآن بتلبية متطلبات الطاقة المتجددة التي تصل إلى 1100 جيجاوات سنويًا، على الرغم من تسجيل أكبر معدلات توليد تلك الطاقة خلال العام الماضي. كما دعا لا كاميرا إلى تصحيح المسار العالمي لمعالجة أوجه القصور، التي لا تتوافق مع ظروف دول النصف الجنوبي من العالم.
وتعليقًا على هذا الموضوع، قال لا كاميرا: “شكلت القمة منصة مثالية للكشف عن البيانات المثيرة للقلق، حيث أظهر الحضور تقبلًا ملحوظًا للحقائق وأبدى استعداده لسماع الحلول. كما عكست القدرة على نقل الرسائل الحيوية إلى صناع السياسات وقادة القطاع مدى تأثير القمة العالمية لطاقة المستقبل”.
أجندة تعزيز التمويل الأخضر:
استضافت قمة التمويل الأخضر الجديدة جلسة حوارية حول التحديات التي تواجه الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وتطويرها. وقدم ماركو فان ويفرين هوجرفورست من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، الداعمة لتحليلات ورؤى الفعالية، صندوقًا جديدًا للأسهم الخاصة يهدف إلى تحقيق النجاح المالي إلى جانب إحداث تأثير إيجابي في البيئة والمجتمع ضمن المشاريع المنخفضة الكربون في باكستان.
وقال هوجرفورست: “تمثل القمة بما تضمه من حضور متميز ومؤثر المكان الأنسب لإطلاق أول صندوق منخفض الكربون للأسهم الخاصة في باكستان، الذي يهدف إلى ردم الفجوة بين مجال تمويل الشركات الناشئة في باكستان والأدوار التحفيزية لشركاء التنمية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وشراكة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والشبكة الاستشارية للتمويل الخاص، والتي تؤدي دورًا مهمًا في تحقيق ذلك”.
تفاصيل التعاون والبيانات:
شهدت القمة العالمية لطاقة المستقبل هذا العام الإطلاق الرسمي لتقرير توقعات الطاقة الشمسية لعام 2024، الصادر عن جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية، الذي يسلط الضوء على المساهمات المتنامية للطاقة الشمسية في تحويل قطاع الطاقة ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويشير التقرير إلى تميز المنطقة بأعلى مستويات إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، حيث تساهم بعض الدول الأعضاء في الجمعية في توفير معدل إشعاع شمسي يتجاوز 2,000 كيلووات في الساعة لكل متر مربع سنويًا.
كما سلط التقرير الضوء على زيادة قدرة الطاقة الشمسية في المنطقة بنسبة تبلغ 2% في عام 2023، فضلًا عن أن مزيج توليد الطاقة الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يزال أقل بكثير من المستويات المطلوبة لاستبدال نسبة تبلغ 87% التي يساهم بها الوقود الأحفوري.
وشهدت القمة إطلاق مشروع (التعاون الأوروبي – الخليجي للتحول الأخضر)، الذي يهدف إلى توفير منصة مشتركة لتبادل أفضل الممارسات والخبرات بين الاتحاد الأوروبي والجهات المعنية في منطقة الخليج العربي.
كما يشجع المشروع على اعتماد السياسات والتقنيات التي تدعم التحول الأخضر في منطقة الخليج العربي، بالإضافة إلى تعزيز بيئة أعمال مواتية للتعاون بين شركات التكنولوجيا الخضراء في الاتحاد الأوروبي ونظيراتها في منطقة الخليج العربي.
الاستفادة من الابتكار:
عرضت العديد من الشركات الناشئة خلال القمة منتجاتها وحلولها المبتكرة المتعلقة بالاستدامة في جميع المساحات المخصصة، بما يشمل منطقة ابتكار الهيدروجين الأخضر، ومنطقة الابتكار لشركة مصدر، ومبادرة ملتقى تبادل الابتكارات بمجال المناخ (كليكس) – وهي منصة مخصصة تضم 22 شركة ناشئة وشركات صغيرة ومتوسطة أسستها أو تقودها أو تديرها سيدات.
ومن أبرز الشركات الناشئة التي تسعى للحصول على التمويل شركة فود تو فيرتلايزر، ومقرها دولة الإمارات، التي عرضت مجموعة من الآلات المخصصة التي تستخدم تكنولوجيا التجفيف الحاصلة على براءة اختراع لتحويل نفايات المواد الغذائية وغيرها من النفايات العضوية إلى أسمدة عضوية غنية بالمغذيات. وهو ما يشكل مثالًا واحدًا ضمن مجموعة واسعة من الابتكارات التي تمنح الأمل بمستقبل أفضل وأكثر استدامة.
وتجد الإشارة إلى أن القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 ستُقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض خلال المدة الممتدة من 14 إلى 16 من يناير 2025.