اخر الاخبار

“حراقات” النفط البدائية بدير الزور مستمرة بتهديد الصحة والبيئة

دير الزور – عبادة الشيخ

تنتشر “حراقات” بدائية في معظم البلدات والقرى بريف دير الزور الشرقي، مشكلة خطرًا على البيئة والزراعة، بسبب الدخان الناتج عن عمليات تكرير النفط بواسطتها.

وعلى الرغم من قرارات متكررة أصدرتها “الإدارة الذاتية” للسيطرة على هذه الظاهرة، ونقل “الحراقات” إلى مناطق قريبة من حقول النفط، لم يلتزم أصحابها بتلك القرارات.

وتستمر “الحراقات” في الظهور بمنطقة البادية في ريفي دير الزور الشرقي والشمالي، وتتركز بشكل أساسي في بلدة ذيبان بالريف الشرقي وفي قرية ماشخ بريف دير الزور الشمالي.

انتشار عشوائي

في قرى ريف دير الزور الشمالي، ينتشر استخدام “الحراقات” البدائية على طول سرير نهر “الخابور”، وتتركز بشكل رئيس في قرية ماشخ.

وتتكون كل “حراقة” من خزان معدني أسطواني الشكل يشبه البرميل، وتختلف أحجامها وفقًا لسعتها، لكن أصغرها يتسع لـ50 برميلًا، وفق ما قاله محمد الشيخ (20 عامًا)، وهو عامل في إحدى هذه “الحراقات”.

وتستخدم “الحراقات” مخلفات النفط، المعروفة بـ”الجير”، وقد تكون مرتبطة بآبار النفط المنتشرة في المنطقة، ودائمًا ما تحوي بجانبها على بركة ماء تتسع لـ100 برميل لكل “حراقة”، تُستغل لتبريد الإنتاج قبل فرزه في الخزانات.

بعد الإنتاج، يتم بيع كل مادة على حدة لتجار السوق الحرة، وبعض “الحراقات” تبيع الإنتاج كاملًا دون فرز لهيئة المحروقات التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، التي تخصص بدورها المحروقات لفئات مختلفة، سواء للتدفئة والزراعة والخدمات، ما يسبب سوءًا بجودة المحروقات المقدمة للأهالي.

رائد الكريز يملك عدة “حراقات” في بلدة الدحلة بريف دير الزور الشرقي، قال ل، إنه بعد شراء النفط الخام من الآبار، تفرز المواد بعد تكريرها لمازوت وبنزين وكاز.

ويباع جزء منها لهيئة المحروقات، وهناك “حراقات” أخرى تبيعه لخطوط التهريب التي تصدّر المحروقات إلى مناطق سيطرة النظام السوري، أو تُجمع هذه المنتجات وتُنقل عبر صهاريج تابعة لشركة “قاطرجي” التي تنقلها لمناطق سيطرة النظام.

100 ألف دولار ضمان

تفرض “الإدارة الذاتية” في مناطق شمال شرقي سوريا ضمانات للسماح للتجار بالعمل في مجال تكرير النفط، وتتجاوز هذه الضمانات قيمة 100 ألف دولار.

ومن بين المتقدمين للحصول على ضمان مشابه، كان إسماعيل الهنيدي الذي ينحدر من قرية الحريجية شمالي دير الزور، والذي قال ل، إن التقدم يتطلب وساطة من القيادات العسكرية في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية”.

وأضاف أن عقودًا تفرضها “قسد” على المتقدم لاستخراج ترخيص، في حال نقص الإنتاج أو حدوث أي تجاوز يخالف الاتفاق، وتنص على عقوبات تصل إلى السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، بالإضافة إلى مصادرة جميع المبالغ المدفوعة كضمان.

في حال كان إنتاج البئر يتجاوز 500 برميلًا وما فوق، يجب دفع مبلغ يتراوح بين 100 ألف و150 ألف دولار.

أضرار جسيمة

هشام، طبيب داخلية في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شرقي دير الزور، قال ل، إن الأمراض باتت تنتشر بكثرة بين المدنيين نتيجة للروائح المنبعثة من “الحراقات”.

وأضاف أن الأدخنة الناجمة عن عمل “الحراقات” تعتبر ضارة للجهاز التنفسي وصحة الإنسان بشكل عام، وتسبب أضرارًا على البيئة كذلك، ما ينعكس سلبًا على المزروعات المجاورة للمنطقة التي تتم فيها عملية حرق النفط، خاصة المزروعات من القمح والشعير.

من جهته، مخلف الحسين، وهو صيدلاني زراعي شرقي دير الزور، قال ل، إن كميات إنتاج الحقول المزروعة في المنطقة تراجعت بشكل ملحوظ، بسبب الانبعاثات التي تطلقها “الحراقات” وتأثيرها الضار على التربة.

وتفصح ”الإدارة الذاتية” عن إنتاج قرابة 150 ألف برميل من النفط يوميًا، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة “الشرق الأوسط“، في آب 2023، عن نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لـ”الإدارة الذاتية”، حسن كوجر، مشيرًا إلى أن “الإدارة” تستثمر أقل من نصف الآبار والحقول النفطية في مناطق سيطرتها.

ووفق تقديرات سابقة قدمها الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات” مناف قومان، ل، بناء على معلومات جمعها خلال الإعداد لدراسة حول اقتصاد “الإدارة الذاتية”، فإن “الإدارة” تنتج من الآبار النفطية في محافظة دير الزور وحدها 48500 برميل يوميًا، من أصل 80 إلى 120 ألف برميل (مجمل إنتاجها اليوم).

وتوزع “قسد” جزءًا من هذا الإنتاج على “حراقات” النفط للاستهلاك المحلي، وهو الجزء الأصغر من الإنتاج، إضافة إلى جزء آخر تصدّره نحو كردستان العراق لبيعه، وجزء يباع في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *