ما تفسير الرسائل الأمريكية المتضاربة حيال التطبيع مع الأسد
تركت دعوة الولايات المتحدة الدول العربية إلى الضغط على النظام السوري لإحداث تغيير حقيقي، والتشكيك بالمقابل باتخاذ بشار الأسد، أي خطوة تجاه الحل السياسي، أكثر من علامة استفهام، خاصة وأن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كانت قد عرقلت في أواخر نيسان الماضي، تمرير قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد“.
وفي اليوم الذي كان فيه رئيس النظام، بشار الأسد، موجودًا في البحرين للمشاركة في أعمال القمة العربية التي عُقدت، الخميس 16 من أيار، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، إن بلاده “على تواصل مستمر مع أعضاء جامعة الدول العربية، وتشجعهم للضغط على النظام السوري ودفعه لإحداث تغيير ذي معنى”.
وتابع أن واشنطن تشكك لأسباب واضحة في مدى استعداد النظام لاتخاذ الخطوات اللازمة لحل الأزمة السورية، واتخاذ خطوات تصب في مصلحة الشعب السوري، لكنها تقف مع شركائها العرب بشأن هذه القضية.
رسائل في اتجاهين
وبينما يحمل حديث الخارجية الأمريكية إشارات قد تُقرأ في إطار “لوم” بعض الدول العربية التي سعت لعرقلة تمرير قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد”، يكشف في الآن ذاته عن رسائل متضاربة بشأن التطبيع مع النظام.
ومن جهة تشكك إدارة بايدن بوجود رغبة لدى النظام بتقديم تنازلات في سبيل المضي في تحقيق الحل السياسي، ومن جهة أخرى تُفسح المجال أمام الدول للتطبيع معه، وهو ما يتفق معه رئيس “المجلس السوري الأمريكي”، فاروق بلال.
ويُفسر رئيس المجلس، في حديث إلى، “التناقض والتضارب بالمواقف الأمريكية حيال سوريا” بانقسام الإدارة الأمريكية في تعاطيها مع الملف السوري إلى فريقين.
ولا يعارض الفريق الأول التطبيع العربي مع النظام على أمل تحقيق حل سياسي، أما الفريق الثاني، حسب بلال، يعارض التطبيع مع النظام السوري، تحت اعتبار جرائم الحرب التي ارتكبها الأخير، و”الفريقان موجودان في دوائر صنع القرار الأمريكي”.
ولا يقتصر تضارب المواقف الأمريكية على الملف السوري، ويضرب رئيس “المجلس السوري الأمريكي” أمثلة على ذلك، منها أوكرانيا، موضحًا، “القرارات لا تتخذ من مؤسسة أمريكية واحدة، ولذلك من الطبيعي أن نرى تضاربًا في المواقف الأمريكية في الملف السوري وغيرها من الملفات الخارجية”.
وكانت إدارة بايدن قد رفضت في نهايات نيسان الماضي، وضع مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” ضمن حزمة التشريعات العاجلة التي جرى التصويت عليها في مجلس الشيوخ، ووقع عليها الرئيس جو بايدن وأصبحت قوانين نافذة، في موقف بعث انطباعًا بأن إدارة الرئيس الأمريكي لا تريد خنق النظام السوري، ولا تعارض التطبيع معه.
تجميد الملف السوري
على النسق ذاته، يُقر مدير البرنامج السوري في “المجلس الأطلنطي” (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، بوجود “تخبط أمريكي في الموقف من سوريا”، وقال ل، إن “إدارة بايدن لا تود تمرير عقوبات جديدة على النظام السوري، وفي الوقت ذاته ليست مع رفع المفروضة سابقًا، بمعنى أن واشنطن تود إبقاء الوضع السوري على حاله”.
وأكد إدلبي أن معارضة إدارة بايدن مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع النظام السوري” ليست متعلقة بالتطبيع مع النظام، وإنما بالعقوبات على الدول التي تتعامل مع النظام.
الإدارة الأمريكية لا تريد فرض قيود إضافية في المنطقة، بحسب إدلبي، إذ تعتقد أنها حققت أفضل ما يمكن تحقيقه في سوريا، أي إبقاء الوضع مجمدًا، وتثبيت وقف إطلاق النار بين الأطراف المسيطرة داخل سوريا.
والأمر الآخر، الذي يُقرأ من كل ذلك، هو أن إدارة بايدن تود القول “إنها خارج الملف السوري”، كما قال إدلبي.
وعن الرسالة الأمريكية المراد إيصالها من خلال التشكيك بجدية النظام السوري، في أثناء انعقاد قمة المنامة، فإنها تأتي في سياق الرأي غير المعلن الذي كانت الإدارة تقوله للدول العربية في الخفاء، بحسب إدلبي، الذي يعتقد أنها خطوة جيدة أنها أظهرته للعلن، ولكن ذلك “ليس انحيازًا كبيرًا عن موقف الادارة في تفضيل مبدأ تجميد الملف السوري”.
وفي 16 من أيار، شارك رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في قمة المنامة من دون أن يلقي كلمة.
وأكد بيان القمة الختامي على ضرورة إنهاء الأزمة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم “2254”، وعلى رفض التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وأي محاولات لإحداث تغييرات ديمغرافية فيها، في تكرار عربي للبيانات السابقة بخصوص الملف السوري.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي