رأس العين.. ارتفاع سعر المازوت يشل قطاعات حيوية
تشهد مادة المازوت ارتفاعًا غير مسبوق في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة، حيث تجاوز سعر البرميل حاجز الـ160 دولارًا أمريكيًا (مايقارب 2.5 مليون ليرة سورية أو 5840 ليرة تركية).
ويعود هذا الارتفاع إلى عدم وصول المازوت إلا بكميات قليلة عبر طرق “التهريب” من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى رأس العين حيث يسيطر “الجيش الوطني السوري”.
شلل في قطاعات اقتصادية وزراعية
كانت أسعار البرميل (200 ليتر) خلال السنوات الأربع الماضية تتراوح بين 100 دولار و120 دولارًا، ما أضاف أعباء مالية ثقيلة على السكان، وخلق تحديات لمختلف القطاعات التي تعتمد على المازوت في عملها.
مصطفى السبع، مزارع من قرية حروبي غربي رأس العين، قال إن الارتفاع الحاد في أسعار المازوت تسبب في شلل عمله الزراعي، إذ يعتمد بشكل رئيس على تشغيل محرك “الديزل” لري أرضه.
وأضاف، ل، أن تكلفة تشغيل المحرك تضاعفت بشكل لا يمكنه تحمله، ومع الارتفاع الحالي لأسعار المازوت، أصبح من المستحيل توفير الكميات اللازمة لساعات الري المعتادة.
وفي حال استمر الارتفاع، فإنه يشكل تهديدًا حقيقيًا للمحاصيل الزراعية في المنطقة، خاصة بالنسبة للمزارعين الذين يعتمدون على المحروقات بسبب عدم قدرتهم على تركيب منظومات طاقة شمسية.
من جانبه، قال كمال عز الدين، وهو صاحب فرن معجنات في مدينة رأس العين، إن ارتفاع أسعار المازوت أثر على عمله اليومي، ودفعه لرفع أسعار منتجاته من أجل تغطية تكاليف التشغيل المرتفعة.
وذكر أن الفرن يتطلب يوميًا ما لا يقل عن 600 ليتر من المازوت، ما يعادل حوالي 500 دولار أمريكي، وطالب بفتح معبر رسمي يربط المناطق ببعضها، ما يسمح بدخول المواد الأساسية، وخاصة المحروقات.
تشديد من “قسد”
أحد العاملين في “تهريب” المحروقات من المناطق الفاصلة بين “قسد” و”الجيش الوطني”، قال ل إن دخول المحروقات إلى منطقة رأس العين أصبح شبه مستحيل بسبب التشديدات التي فرضتها “قسد” على طريق “M4” الدولي الفاصل بينهما منذ أكثر من شهر ونصف.
وأوضح أن المهربين كانوا يشترون سابقًا أكثر من 40 ألف ليتر من المازوت يوميًا من الساتر الفاصل، لكن لم تعد الكميات التي تصل إليهم تتجاوز 2000 ليتر يوميًا، ويعود ذلك إلى إغلاق غالبية طرق “التهريب” من قبل “قسد”، ما سبب نقصًا حادًا في مادة المازوت في الأسواق.
وأضاف أن أسعار المازوت في ارتفاع مستمر، ومن المحتمل أن تصل إلى ما يقارب 200 دولار للبرميل، إذا استمرت هذه القيود على حالها.
ولا توجد أسعار ثابتة للمحروقات في رأس العين، إذ تشهد تقلبات مستمرة نتيجة قلة وصولها وصعوبة تأمينها من المناطق التي تسيطر عليها “قسد” بطرق غير نظامية (تهريب).
ويباع ليتر المازوت العادي (المكرر بالحراقات) بـ12 ألف ليرة سورية، وليتر المازوت “المكرر” والمازوت الثقيل المستخدم للتدفئة والطهو بـ10 آلاف ليرة سورية، وليتر المازوت الأوروبي والتركي بـ17 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل وسطيًا 15 ألف ليرة).
وتتراوح أجور العمال اليومية بين 80 ألفًا و100 ألف ليرة سورية، ويعمل معظم سكان المنطقة البالغ عددهم نحو 115 ألف نسمة بالزراعة وتربية المواشي.
محرومة من المحروقات
قال المتحدث باسم المجلس المحلي، زياد ملكي، إن ارتفاع أسعار المازوت في رأس العين يعود إلى ما وصفها بسياسة “قسد” في حصار المنطقة، ومنعها من الحصول على حصتها من الثروات الباطنية الموجودة في الحقول النفطية.
وأوضح ملكي أن المجلس المحلي قام بتوفير المحروقات التركية بشكل كافٍ للمنطقة، لكن اختلاف أسعارها لم يلقَ الإقبال المتوقع من قبل السكان.
وأضاف أن أسعار المازوت السوري ارتفعت عدة مرات، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
وأشار إلى أن المجلس المحلي يعمل حاليًا على إيجاد حلول إسعافية، أهمها دعم المحروقات وتوفيرها من خلال شركات تركية بأسعار تكون مناسبة لأصحاب المنشآت الصناعية والزراعية وحتى الأهالي.
ومن وقت لآخر، تتكرر أزمات مواد المحروقات في رأس العين، وأبرزها كانت في آب 2023، حين شهدت المدينة وريفها الواسع أزمة كبيرة في المحروقات بسبب انقطاع معظم أنواعها.
وباتت “بسطات” بيع المحروقات على جانبي الطرقات في رأس العين مصدر رزق لشريحة واسعة من السكان، وسط تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وخلال جولة في مركز مدينة رأس العين، رصد مراسل أكثر من 30 “بسطة” لبيع المحروقات، إلى جانب ثلاث محطات وقود رئيسة.
وتقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني”، ويحيط بها جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
اقرأ أيضًا: “بسطات” المحروقات تنافس المحطات في رأس العين
مرتبط
المصدر: عنب بلدي