سرطان الثدي.. معلومات وإشاعات –
د. أكرم خولاني
يُعد تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام شهر التوعية العالمي بسرطان الثدي، إذ تركز الجهود في مختلف دول العالم على زيادة الوعي حول مخاطره، والتعريف بأعراضه وأسبابه، إضافة إلى تسليط الضوء على أهمية الكشف المبكر ودوره الحاسم في العلاج والوقاية.
ما سرطان الثدي.. ما أعراضه.. وكيف يتم تشخيصه وعلاجه
هو نمو غير مسيطر عليه لخلايا غير طبيعية في أنسجة الثدي، تنمو وتنقسم بسرعة أكبر من الخلايا السليمة، ومع قدرة هذه الخلايا على الانتشار خلال أنسجة الثدي فإنها تقوم بتدمير الأنسجة المحيطة بها، وقد تنتشر من خلال الثدي إلى العقد اللمفية، أو إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وهو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا وانتشارًا بين النساء بعد سرطان الجلد، كما أنه يتسبب بأكبر عدد من الوفيات المرتبطة بالسرطان بين النساء، علمًا أنه لا يقتصر على النساء، بل يمكن أن يصيب الرجال أيضًا، ولكن النساء عرضة للإصابة أكثر بـ100 مرة من الرجال.
ورغم أن أشهر أعراض الإصابة هو الشعور بظهور كتلة أو تورم غير مؤلم في الثدي، أو تحت الإبط، فإن هناك أعراضًا أخرى أقل شيوعًا، مثل خروج إفرازات غير طبيعية من حلمة الثدي، أو تغير في حجم أو شكل أو لون الثدي، أو انعكاس أو انقلاب حلمة الثدي، أو تقشر أو توسف أو تيبس أو تساقط في جلد الهالة المحيطة بالحلمة، أو احمرار جلد الثدي أو تنقيره (علامة قشرة البرتقالة) أو تضخم في العقد اللمفاوية تحت الذراع عند منطقة الإبطين.
وعادة ما يتم التشخيص عبر إجراء بعض الاستقصاءات، وتشمل: التصوير الإشعاعي للثدي (ماموغرام)، واستخدام الموجات الفوق الصوتية (إيكو الثدي) لتحديد إذا كان انتفاخ الثدي الجديد عبارة عن كتلة صلبة أو تكيس ممتلئ بالسائل، وإجراء الخزعة الموجهة من الأنسجة في المنطقة المشتبه بإصابتها، وإجراء تصوير الثدي بالرنين المغناطيسي مع حقن الصبغة.
أما بالنسبة للعلاج فتتنوع الطرق التي يتبعها طبيب الأورام، ويتم تحديد خطة العلاج المناسبة لكل حالة بعد تحديد نوع السرطان ودرجته، وقد يكون جراحيًا أو هرمونيًا أو كيماويًا أو شعاعيًا.
ولعل أهم العوامل التي حسّنت نتائج علاجات سرطانات الثدي وزادت معدلات البقاء على قيد الحياة للمصابين بهذا السرطان هو الكشف المبكر عنه، فمع تطور وسائل التشخيص المبكر لسرطان الثدي حدث تحسن في فرص الشفاء من هذا المرض، فقد تصل نسبة الشفاء إلى 98% من الحالات التي تكتشف في مراحل المرض الأولى، وكلما تأخر الكشف عنه يصبح علاجه أصعب، وفرصة الشفاء أقل.
ما أسباب الإصابة بسرطان الثدي
لا يوجد سبب واضح للإصابة بسرطان الثدي، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمال الإصابة به، وأهمها:
التقدم بالعمر، وجود تاريخ عائلي للإصابة، البدانة، التدخين وشرب الكحول، العلاج الهرموني (وسائل منع الحمل الهرمونية، والسيدات بعد سن الضهي اللاتي يتلقين العلاجات الهرمونية البديلة لعلاج علامات وأعراض انقطاع الطمث).
إشاعات حول أسباب سرطان الثدي
هناك العديد من الإشاعات التي تنتشر حول مسببات سرطان الثدي، ولكنها غير صحيحة، وأهمها:
- مزيل التعرق يسبب سرطان الثدي: اعتقاد ما زال سائدًا منذ سنوات دون دعم طبي مسند، ومع أن البعض تحدث عن الألمنيوم في مزيلات رائحة العرق كمسبب لسرطان الثدي إلا أن هذا أيضًا غير مدعم بالدليل.
- حمالة الصدر تزيد حدوث سرطان: تظن بعض النساء أن حمالة الصدر تسبب صعوبة جريان السوائل اللمفية في الثدي مما يسمح للسموم بالانتشار فيه، والحقيقة أن الحمالة الضيقة أو الصغيرة ربما تسبب انزعاجًا وألمًا وتورمًا لكنها لا تسبب السرطان.
- تعرض منطقة الصدر لضربات، أو عصر الثدي، أو قرص حلمة الثدي، تؤدي إلى حدوث سرطان الثدي: كل ذلك لا يسبب السرطان، إنما قد يسبب تورمًا وازرقاقًا وألمًا، وربما تسبب بورم حميد يسمى التنخر الشحمي، وهو ندوب تحدث في النسج الشحمية.
- التوتر النفسي يسبب سرطان الثدي: لا علاقة مثبتة بين التوتر بحد ذاته وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، ولكن طريقة التعامل مع التوتر بسلوكيات غير صحية مثل شرب الكحول والإدمان والامتناع عن الرياضة قد تزيد من خطر الإصابة.
- ثقب الحلمة لتعليق المجوهرات فيها يسبب السرطان: غير صحيح، فهذا يعرضها للإنتانات فقط.
- تقنيات الحمل المساعد تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي: الحقيقة أن هذه التقنيات لا تجعل المرأة أكثر عرضة لسرطان الثدي.
- الإجهاض يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي: غير صحيح، فلا توجد علاقة بين حدوث الإجهاض والإصابة بسرطان الثدي.
- العمل في المناوبات الليلية يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي: غير صحيح، فقد تبين عدم وجود علاقة حقيقية بينهما.
هل يمكن الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي؟
نؤكد أنه لا شيء يمكنه أن يضمن عدم الإصابة بسرطان الثدي، لكن توجد بعض النصائح التي قد تفيد في التقليل من احتمال الإصابة كتغيير نوعية ونمط الحياة (أن يكون هناك نشاط متواصل عن طريق ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، إضافة إلى اعتماد الحركة كأسلوب حياة، واتباع نظام غذائي صحي، وتجنب المشروبات الروحية والتدخين)، وتجنب زيادة الوزن، والحرص على الرضاعة الطبيعية، والاستمرار بها لأطول فترة ممكنة، وتجنب الأدوية التي تحتوي على الهرمونات عند انقطاع الطمث، والحرص على تناول العقاقير الدوائية المثبطة لهرمون الاستروجين بعد بلوغ سن الـ60 عند السيدات اللواتي تتوفر لديهن عوامل خطر الإصابة بسرطان الثدي.
أولًا: الفحص الذاتي للثدي
يجب على كل شابة أن تطلب من طبيبها أن يعلمها كيفية إجرائه، فاكتساب المرأة خبرة الفحص الذاتي للثدي وتعرفها على أنسجة وبنية ثدييها على أساس دائم ومنتظم يجعلها قادرة على كشف أي تغير في الإحساس أو في شكل أو في نسيج الثدي، وإعلام الطبيب في أسرع وقت ممكن.
ويجب إجراء هذا الفحص بشكل دائم ومنتظم بدءًا من سن 20 عامًا، وعلى النساء بين سن 20-35 سنة إجراء الفحص مرة كل سنة ونصف إلى سنتين، والنساء فوق 35 سنة مرة سنويًا.
يعد الوقت الأمثل لإجراء الفحص الذاتي للثدي عادة بعد مرور عدة أيام من انتهاء الحيض، في اليوم السادس إلى العاشر تقريبًا، حتى لا تكون الأثداء محتقنة، أما إذا توقفت الدورة الشهرية نهائيًا فلا مشكلة بموعد إجراء الفحص، ويتم إجراؤه كما يلي:
تجلس المرأة أو تقف دون ملابس أو حمالة صدر أمام المرآة وتضع ذراعيها إلى جانبيها وتقوم بفحص ثدييها بصريًا بأن تقف ووجهها للمرآة وتبحث عن أي أثر تنقير أو تجعيد أو تغيرات في حجم الثدي أو شكله أو تناسقه، ثم تتحقق مما إذا كانت حلمتا الثدي تتجهان للداخل وليس للخارج، ثم تضع اليدين بإحكام على الوركين وتشد عضلات الصدر وتتحقق من شكل وتناظر الثديين، ثم ترفع ذراعيها فوق مستوى الرأس مع الضغط براحتي اليدين معًا، ثم تضع اليدين على الخصر وتنحني للأمام.
بعد ذلك تقوم بفحص الثديين باستخدام يديها، ومن الطرق الشائعة لإجراء الجزء اليدوي من عملية فحص الثدي ما يلي:
تستلقي على ظهرها مع وضع وسادة تحت كتفها الأيمن، ثم تتحسس ثديها الأيمن بباطن الأصابع الثلاثة الوسطى ليدها اليسرى، فتضغط بشكل خفيف ومتوسط وثابت على أن تتحرك أصابعها بشكل دائري دون رفعها عن الجلد، ثم تتابع التحسس على أن تكون حركة الأصابع صعودًا ونزولًا هذه المرة، وتتحسس أي تغيرات غير طبيعية في الثدي، وفوق وأسفل الترقوة، وفي منطقة الإبط، ثم تكرر الخطوات نفسها لفحص الثدي الأيسر باستعمال اليد اليمنى.
يمكن تكرار الخطوات أعلاه في أثناء الاستحمام باستعمال اليدين المبللتين بالماء والصابون حيث يتسنى تمرير الأصابع فوق جلد الثديين بسلاسة أكبر.
ثانيًا: فحص الثدي في العيادة
إذا كانت هناك قصة عائلية للإصابة، أو إذا كانت المريضة تنتمي لإحدى مجموعات الخطر الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، فينصح بأن تخضع لفحص الثدي في العيادة مرة واحدة كل ثلاث سنوات حتى بلوغها سن الـ40 عامًا، ثم بمعدل مرة واحدة كل سنة فيما بعد، ويقوم الطبيب بتفقد نسيج الثدي للبحث عن كتل أو تغيرات أخرى، كذلك تفقد الغدد اللمفاوية الموجودة في منطقة الإبط.
ثالثًا: تصوير الثدي الشعاعي (ماموغرافي)
يعتبر تصوير أنسجة الثدي بالأشعة السينية بجهاز الماموغرام الفحص الأكثر موثوقية للكشف المبكر عن كتل سرطانية في الثدي، حتى قبل أن يشعر الطبيب بها بواسطة اللمس اليدوي للثدي، لذا يستخدم الكشف بالتصوير الشعاعي جزءًا من خطة الفحص الخاصة بالكشف عن سرطان الثدي لدى النساء اللواتي لا تظهر عليهن علامات أو أعراض المرض، ولهذا ينصح بإجراء هذا الفحص لكل النساء فوق سن الـ40 عاما بشكل دوري كل عام أو عامين في حال عدم وجود عوامل خطورة للإصابة.
ويتغير العمر الموصى به بالبدء بإجراء الفحص ووتيرة الفحوص وفق البيئة المحيطة، والفئة التي تنتمي إليها السيدة، ووجود عوامل خطورة للإصابة بسرطان الثدي، ويجب إجراء التصوير فورًا في بعض الحالات وهي: ملاحظة وجود كتلة صلبة خلال الفحص اليدوي، أو ظهور إفرازات دموية من الحلمة، أو ظهور تغييرات في الجلد، أو الشعور بآلام في الثدي.
لكن حتى الماموغرام ليس مثاليًا أيضًا، فهناك نسبة معينة من الأورام السرطانية لا تظهر في الصورة (جواب سلبي خاطئ)، لذلك عند الاشتباه بوجود آفة في الثدي وعدم ظهورها على التصوير الشعاعي يجب اللجوء إلى الاستقصاءات التشخيصية الأخرى.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي