رحلة المدرب لانا تصطدم بواقع الكرة السورية
– يامن المغربي
انتهت سريعًا سلسلة الانتصارات التي حققها المنتخب السوري تحت قيادة مدربه الإسباني خوسيه لانا، بهزيمته أمام منتخب تايلاند ضمن بطولة “كأس ملك تايلند” الودية، الأسبوع الماضي.
الخسارة التي تعد الأولى في مشوار لانا مع المنتخب، بعد ثلاثة انتصارات متتالية ضمن مباريات ودية (اثنتان منها ضمن دورة الهند وواحدة في بطولة كأس ملك تايلند)، فتحت نار الصحافة المحلية ضد المدرب الذي اصطدم بواقع صعب تعيشه كرة القدم السورية منذ سنوات طويلة.
وتأتي هذه المباريات تحضيرًا لخوض المنتخب السوري تصفيات كأس آسيا 2027، التي ستنطلق في آذار 2025، وتستمر لعام كامل تقريبًا.
انتقادات الإعلام تستهدف الجميع
خسارة المنتخب السوري أمام منتخب تايلند فتحت باب الانتقادات الصحفية لأدائه، ومهاجمة اللاعبين والمدرب.
صحيفة “البعث” الناطقة بلسان الحزب الحاكم في سوريا، نشرت تقريرين في يوم واحد، اعتبرت خلالهما أن هناك “إشارات استفهام على أداء المنتخب”، وأن الهزيمة “كشفت حقيقة التخبط”.
وقالت في تقرير نشرته منتصف تشرين الأول الحالي، إن المنتخب قدم أداء سيئًا وتحديدًا في الشوط الأول، ولولا حارس المرمى استيبان خليل لانتهى الأمر بنتيجة كارثية.
واعتبرت أن المنتخب السوري لم يظهر بالمستوى المطلوب “دون معرفة الأسباب”.
وهاجم تقرير آخر، بنفس اليوم، المدرب لانا واللاعبين، مدافعًا عن المدرب السابق، هيكتور كوبر، وواصفًا الأداء بأنه “متواضع وعشوائي” مع غياب أي لمسة للمدرب.
الهجوم شمل كذلك اتحاد كرة القدم برئاسة صلاح رمضان، ووجه التقرير اتهامات للاتحاد باتباعه أساليب لحرف البوصلة عن أسباب تخبط المنتخب، مع وجود خلل في العمل يرفض أعضاء المنظومة المسؤولة عن كرة القدم تحمل مسؤوليته.
من جهتها، سلطت صحيفة “تشرين” الحكومية الضوء على افتقاد المنتخب للاعب فعّال في خط الهجوم، رافضة أي تبريرات وأعذار للمدرب والكادر الفني، مع المطالبة بـ”العمل بشكل جدي لتغيير الصورة”.
اللاعب السابق للمنتخب السوري زياد شعبو، نشر مقالًا في موقع “هاشتاغ سوريا” المحلي، دافع خلاله عن المدرب الإسباني الذي يقود منتخبًا عانى من عدم الاستقرار الفني في المرحلة السابقة مع تغيير مستمر في هوية ولاعبي المنتخب.
كما اعتبر أن لانا يملك “ديناميكية في محاولة تغيير المراكز وتجريب الوجوه الجديدة وبث الثقة في نفوس اللاعبين”، رافضًا الحديث عن السلبيات خلال مباريات تجريبية.
لانا، المولود في 1975، لا يملك أي خبرة على صعيد تدريب منتخبات الرجال، إذ انحصر عمله في تدريب منتخبات الفئات السنية منذ عام 2016.
ولم يسبق للمدرب أن مارس كرة القدم، وتوضح تصريحات صحفية له أنه حصل على تعليم أكاديمي يخص كرة القدم.
وأعلن اتحاد كرة القدم السوري عن التعاقد مع لانا في آب الماضي، بعد انتهاء عقد المدرب السابق هيكتور كوبر، في حزيران الماضي.
لانا قال في مؤتمر صحفي عقب المباراة، إن العمل جارٍ على رفع وتيرة اللاعبين، وتلافي الثغرات وتعزيز مراكز القوة خلال المنافسات المقبلة، وفق ما نشره اتحاد كرة القدم عبر صفحته الرسمية في “فيس بوك“.
مهمة صعبة
تمر كرة القدم السورية بصعوبات كبيرة، في مقدمتها غياب أي اهتمام جدي من قبل المسؤولين في المنظومة الرياضية بالبنية التحتية، سواء كانت لوجستية (ملاعب ومراكز تدريب وغيرها)، أو فيما يخص اللاعبين أنفسهم، عبر الاهتمام بالقواعد والمواهب، عدا عن تخبط قرارات اتحاد كرة القدم نفسه، وفشله في توفير عوائد مادية تحتاج إليها الأندية، عبر عمليات بيع حقوق بث المباريات.
بالإضافة إلى ما سبق، أعلن الاتحاد، في 14 من تشرين الأول الحالي، تأجيل منافسات الدوري الممتاز للموسم الجديد، لتنطلق في 25 بدلًا من 18 من الشهر نفسه (تشرين الأول).
الاتحاد برر قراره بـ”إفساح المجال للأندية التي لا يحق لها تسجيل لاعبين جدد من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لتسديد ما يترتب عليها من أمور مالية، بالإضافة إلى الالتزامات المالية تجاه اتحاد كرة القدم، نافيًا في الوقت نفسه أن تكون عدم جاهزية الملاعب سببًا في تأخير انطلاق المنافسات.
وسبق أن أعلن نادي “أهلي حلب” (الاتحاد) عن تجهيز ملعبه التدريبي الجديد في آب الماضي، دون أن يشير إلى أي دور لاتحاد كرة القدم، أو الاتحاد الرياضي العام (أعلى سلطة رياضية في سوريا) في عملية التجهيز، علمًا أن ملكية النادي عامة وليست خاصة.
وحتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يعلن الاتحاد عن تعاقده مع جهة إعلامية للنقل التلفزيوني للمباريات، إذ يعود أحدث قرار بهذا الصدد إلى تاريخ 23 من أيلول الماضي، عندما قرر الاتحاد “إعلان جلسة تعاقد بالتراضي” لبيع حقوق البث لبطولتي الدوري وكأس الجمهورية، بالإضافة إلى الإعلانات داخل الملاعب، وحقوق اسم مالك بطولة الدوري لموسمي 2024-2025.
وكان مقررًا أن تعقد الجلسة في مقر الاتحاد بمنطقة الفيحاء بدمشق في 28 من أيلول الماضي.
وجاء القرار حينها بعدما فشلت عملية البيع عدة مرات عبر المزاد العلني.
ولم يعلن اتحاد كرة القدم عما توصل إليه من عقود بالتراضي، وما الجهات التي حصلت على حقوق البث.
من خارج الحدود
تشكل الظروف الأمنية التي تشهدها المنطقة بعد الأحداث في لبنان، عاملًا إضافيًا لعدم نجاح قد يكون متوقعًا للمدرب لانا، خاصة أن هذه الظروف دفعته لرفض الإقامة في العاصمة السورية دمشق، وبالتالي لن يكون قريبًا من أجواء الدوري المحلي على الأقل، أو التعرف إلى ظروف اللاعبين المحليين وشكل كرة القدم في سوريا ومشكلاتها.
وقال مدير المنتخب السوري، موفق فتح الله، في تصريحات لموقع “هاشتاغ” المحلي، في 9 من تشرين الأول الحالي، إن لانا لن يعود مع بعثة المنتخب إلى دمشق عقب بطولة “ملك تايلند”، بسبب الظروف الأمنية الحالية في لبنان وسوريا.
تعكس هذه القرارات والظروف جزءًا صغيرًا من صورة عامة للرياضة عمومًا، وكرة القدم خصوصًا في مناطق سيطرة النظام السوري، والتي يعمل لانا في ظلها حاليًا، وبالتالي فلن يكون من المتوقع أن ينجح المدرب الإسباني مع المنتخب السوري في ظل اتحاد متخبط، وغياب هوية واضحة للمنتخب، والمحسوبية والفساد في كرة القدم السورية، على الرغم من أنه حائز برفقة منتخب بلاده على بطولة كأس الأمم الأوروبية (تحت 19 عامًا).
مرتبط
المصدر: عنب بلدي