اخبار تركيا

تصريحات أردوغان حول “الميثاق الوطني”.. هل تدخل تركيا مرحلة التصدي الاستباقي ضد التوسع الإسرائيلي؟

اخبار تركيا

في تصريحات لافتة حول السياسة الإقليمية، أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحديث عن “الميثاق الوطني” الذي تشمل حدوده أراضي دول إقليمية كانت يوماً ما تحت السيطرة العثمانية، الأمر الذي طرح تساؤلات عما إذا كانت أنقرة تنتقل إلى مرحلة “التصدي الاستباقي” لخطط التوسع الإسرائيلية.

وتصاعدت التحذيرات التركية بشأن حماية وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، في ظل تفاقم التوترات الناتجة عن العدوان الإسرائيلي علىقطاع غزةولبنان.

ووجه الرئيس التركيرجب طيب أردوغانتحذيرا صريحا، مشيرا إلى أن “أي محاولة من جانب إسرائيل لاحتلال الأراضي السورية تشكل تهديدا مباشرا لأمنتركيا، التي تربطها حدود شائكة وغير هادئة بالفعل مع الأراضي السورية”.

وفي كلمة ألقاها خلال ملتقى المخاتير فيإسطنبول، السبت الماضي، شدد أردوغان على أن بلاده “لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها الإقليمية”. وحذر إسرائيل بشدة من مغبة المساس بأي أراض تقع ضمن حدود “الميثاق الوطني”، الذي يعطيها حق المشاركة في تقرير مصير مناطق خارج حدودها الجغرافية كالموصلوكركوكبالعراقوحلبومناطق باليونانوبلغاريا.

الميثاق الوطني

الميثاق الوطني هو الوثيقة التي رسمت الحدود الجغرافية والسياسية للأراضي التي بقيت في يد الأتراك بعد انهيارالدولة العثمانيةعقبالحرب العالمية الأولى. واعتُمد بالإجماع في آخر جلسة للبرلمان العثماني المنعقد في إسطنبول بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 1920، قبل أن يعلَن رسميا للشعب في 17 فبراير/شباط من العام نفسه.

ويُعد بمثابة “المانيفستو” (البيان الرسمي) السياسي لتركيا في مفاوضات السلام التي أعقبت الحرب، حيث حدد الشروط الأساسية التي قبلتهاأنقرةلإنهاء هذه الحرب. وجاء اعتماده بعد جهود مكثفة من أعضاء البرلمان، خاصة المنتمين لجمعية الدفاع عن الحقوق، وبإشراف مباشر منمصطفى كمال أتاتورك، الذي أعد هذه الوثيقة في جلسة سرية، بحسب تقرير لـ “الجزيرة نت”.

في البداية، عُرف البيان باسم “بيان العهد الوطني”، ليتحول فيما بعد إلى “الميثاق الوطني”. وبموجبه، تم رسم الحدود التي يعيش فيها الأتراك العثمانيون رغم عدم دقتها الكاملة، وشملت مناطق مثلقبرص، وولاية الموصل ودير الزوروكارس وأردهان وباتوم وتراقيا الغربية وجزر الـ12.

ومن قرارات الميثاق الوطني:

تقرير مصير الأراضي التي تقطنها أغلبية عربية وقت توقيع هدنة مودروس (1918) من خلال استفتاء شعبي.
الأراضي غير المحتلة خلال هدنة مودروس التي تسكنها أغلبية تركية تُعد جزءا من الوطن القومي للأمة التركية ولا يمكن التنازل عنها.
تحديد مستقبل مناطق كارس وأردهان وباطوم عبر استفتاء شعبي.
تحديد مصير تراقيا الغربية بناء على تصويت سكانها.
ضمان أمن إسطنبول وبحر مرمرة، مع الحفاظ على حرية النقل والتجارة في مضيقيالبوسفوروالدردنيلبالتعاون مع الدول ذات المصالح.
صون حقوق الأقليات بشرط أن تحافظ الدول المجاورة على حقوق الأقليات المسلمة.
لتحقيق التطور في جميع المجالات، يجب أن تكون تركيا دولة مستقلة وحرة، مع إلغاء جميع القيود السياسية والتشريعية والمالية.

نهج استباقي

يرى الباحث السياسي محمد يوجا أن تحذيرات الرئيس التركي لإسرائيل، وغيرها من الأطراف، بشأن عدم الاقتراب أو تشكيل تهديد لأنقرة على امتداد حدود الميثاق الوطني، تحمل دلالات إستراتيجية عميقة.

ومن أبرز هذه الدلالات، بحسب يوجا، أن تركيا لن تكتفي بالمراقبة السلبية إلى أن يصل الخطر إلى داخل أراضيها، بل ستتبنى موقفا استباقيا يتمثل في التصدي لأي تهديد في المناطق المحيطة بها، مما يعكس تحولا في نهجها الدفاعي إلى سياسات أكثر فعالية.

وأوضح للجزيرة نت أن لدى أردوغان قناعة راسخة بأن أراضي الميثاق الوطني، رغم أنها ليست تحت السيادة التركية حاليا، ستظل مسؤولية قومية لتركيا بحكم الروابط الجغرافية والدينية والتاريخية التي تجمعها بها.

وبرأيه، فإن هذه التصريحات قد تكون دلالة واضحة على استعداد أنقرة لاتخاذ إجراءات عسكرية إذا لزم الأمر، للتصدي لأي خطر قد يشكله توسع إسرائيلي أو أي تهديد آخر، في إطار حماية أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية في المنطقة.

من جهة أخرى، انتقد الرئيس التركي المعارضة لاعتبارها التحذيرات من الخطط التوسعية الإسرائيلية “مبالغة”، رغم تقديم الوثائق والأدلة التي تثبت صحتها.

جاء ذلك بعد تصريحات رئيس حزبالشعب الجمهوريالمعارض أوزغور أوزال في كلمة أمام كتلته البرلمانية التي وصف فيها الحديث عن نية إسرائيل ورئيس وزرائهابنيامين نتنياهومهاجمة تركيا بأنه “غير منطقي على الإطلاق”. وطالب الحكومة بالكشف عن أي معلومات تتعلق بتهديدات حقيقية تواجه البلاد، مما دفعها للاستجابة بعقد جلسة مغلقة في البرلمان الأسبوع الماضي، يُحتفظ بسرية مضمونها لمدة 10 سنوات.

وخلال الجلسة، استعرض وزيرا الخارجيةهاكان فيدانوالدفاع يشار غولر تطورات العدوان الإسرائيلي وتوسيع الهجمات من غزة إلى مناطق أخرى، بالإضافة إلى المخاطر المحتملة التي قد تواجه تركيا.

تحركات داخلية

من جانبه، حذردولت بهجليزعيمحزب الحركة القوميةوالحليف الرئيسي للرئيس أردوغان، من أن “الفوضى في الدول المجاورة قد تمتد إلى حدودنا، ومن المرجح أن تتعرض تركيا لتحرشات إسرائيلية في المستقبل القريب”.

أثار بهجلي موجة من الجدل بعد مبادرات غير متوقعة قادها في البرلمان التركي، بدأت بمصافحة أعضاء حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، المتهم بصلاته معحزب العمال الكردستاني.

وفي حين يرى مراقبون، أن هذه الخطوات تحمل فوائد داخلية مثل تسريع إعادة صياغة الدستور وضمان ترشح أردوغان لولاية جديدة، يُعتقد أنها قد تخدم مصالح خارجية، من بينها تسهيل التوسع التركي في شمالسورياعبر تفاهمات مع الأكراد مقابل تنازلات من الحكومة التركية.

وأشار بهجلي، الثلاثاء الماضي، إلى إمكانية السماح لزعيم العمال الكردستاني المسجون،عبد الله أوجلان، بالتحدث أمام البرلمان التركي. وطرح احتمال إطلاق سراحه في حال إعلانه تفكيك الجماعة المسلحة، مما زاد من حدة الجدل حول مستقبل الحوار مع الأكراد في البلاد.

وفي أعقاب تصريحات بهجلي، قالت تولاي حاتم أغولاري، الزعيمة المشاركة للحزب الديمقراطي، في خطاب ألقته أمام نواب الحزب، “إنهم مستعدون للقيام بدورهم من أجل تحقيق سلام مشرف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *