«ملف البطالة »
تحت المجهر
بقلم: موفق الخطاب
الملف الأمني ربما هو أعظم هاجس يقلق الأنظمة والدول والمجتمعات على حد سواء ،
لكن هنالك ملف آخر قد لا يقل خطورة عن الملف الأمني الا وهو { ملف البطالة} .
وسنتناول اليوم هذا الملف وعلاقته بالوضع الأمني.
فمن الأهمية بمكان أن يتحلى الجميع بسعة الصدر والشجاعة في تناول هذا الملف و يؤشر الإخفاقات التي أدت الى تعاظم هذا الملف و وصوله الى حالة الإنسداد وما هي اسبابه وانعكاساته؟؟
فالمصارحة تقع ضمن الأمانة الوظيفية والشعور بالمسؤولية لتبدأ بعدها المعالجة بعيداً عن المزايدات والتصريحات ولغة الأرقام التي يدحضها الواقع المرير والتي اصبحت تثير الانتباه ليس في اروقة البرلمان فحسب بل غدت مادة تندر لقطاع الشباب وأسرهم في الشارع و وسائل التواصل الاجتماعي .
واود ان اشير هنا بان تناولنا لهذا الملف لا يستهدف دولة بعينها بل هو معضلة كبيرة تعاني منها اغلب الشعوب العربية التي يرهقها هذا الملف وخاصة الدول التي تعرضت لحروب وارهاب وتطاحن طائفي و نكبات اقتصادية دون الخوض في تأشيرها..
البطالة اليوم تمثل أكبر خطر يهدد الاستقرار والسلم المجتمعي وهي ككرة الثلج التي تتدحرج متسارعة من أعلى القمة ولن تستطيع قوة إيقافها في حال انطلاقها ولا أحد بمقدوره ان يتكهن بأضرارها عند وصولها القعر ، وقد تتمكن بعض الانظمة من قمع المظاهرات وقطع الاتصالات وارهاب الشباب كما هو حاصل في العراق لكن لن يتمكنوا قطعا من احتواء هذا الطوفان.
فالبطالة تعني الفقر و العوز وهي تؤدي الى تفشي الامراض النفسية وهي اولى خطوات الضياع، و تمثل بيئة خصبة لتهوي بجيل الشباب إلى الدرك الأسفل من المهالك ، وقد يسلك بعدها ذلك العاطل طرقاً ملتوية ليؤمن بها لقمة عيشه بعد أن يصبح عالة على أهله ، وربما ستزيد بعدها حالات الاحتيال والانحلال ثم الجريمة المنظمة التي سترهق اجهزة الدولة .
وعندما يقع المحظور، سيلاحقهم القضاء وسيكونون عالة على الدولة في استشفائهم واصلاحهم ثم إعادتهم الى جادة الصواب.
وشطر آخر منهم عندما يبلغ بهم اليأس مبلغه سينزون في إحدى حجر بيوتهم لتتلبسهم الأمراض النفسية والجسدية ليستدرجهم أصدقاء السوء ليخرجونهم من عزلتهم للتخفيف من معاناتهم بفصلهم عن الواقع المرير واقناعهم واستدراجهم في تعاطي المخدرات وهذا اعظم خطر يواجهه المجتمع ويمزقه.
والخطر الأمني الأكبر عندما يخترقهم الأعداء في تجنيدهم بالعمل بالضد من مصالح الدولة والمجتمع مقابل دراهم معدودة !
عليه بات من الأهمية بمكان أن تولي الدولة ومؤسساتها ملف البطالة الأهمية القصوى للحفاظ على أمن المجتمع ليبقى مستقراً ومزدهراً عصياً على الأعداء.
تُمثل البطالة اليوم تحدياً خطيراً لا يقل خطورة عن الارهاب و الحروب والتهديد الخارجي والأوبئة والكوارث فهو لا يؤرق العوائل فحسب وقد اصابها اليأس بل هو نذير شؤم مستطر يهدد استقرار المجتمع .
ويجب أن يتم دراسة و معالجة هذه الظاهرة قبل ان نصل الى نقطة اللاعودة.
وأدناه اهم الخطوات في تفكيك هذا الملف :
* أن يكون هنالك تنسيق بين مخرجات الجامعات وسوق العمل فمن غير المعقول ان تدفع الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد بعشرات الآلاف سنويا ليزيد المشكلة تعقيدا دون تخطيط لحاجة السوق.
* وهنالك جانب اخر يساهم في القضاء على البطالة هو التفكير الجدي في خلق بيئة استثمارية والانفتاح على الإستثمار بكل قطاعاته وتسهيل الإجراءآت لهم وإلزام الشركات الأجنبية والمستثمرين الذين يرومون دخول سوق العمل بأن يكون لهم دور فاعل مع الدولة في القضاء على أزمة البطالة وليس بالضرورة ان يتم اتخام القطاع الحكومي حتى يصيبه العجز من توظيف هذه الاعداد المتراكمة كبطالة مقنعة.
* ثم يجب أن لا يقتصر دور الوزارة المعنية بإستقبال العاطلين ثم صرف المعونة لهم مرحليا لعدة أشهر !
ولا بسن قوانين لا تجد طريقها إلى التنفيذ ! ولا بإقامة معارض توظيف صورية يعزف عنها الكثير من العاطلين لانها لا تلبي اختصاصاتهم وطموحهم والامثلة كثيرة ولا يسعنا ذكرها من طرح فرص عمل مخجلة لحملة الشهادات !
* التحلي بالشجاعة و المصارحة ثم وضع برنامج متكامل يدرس الظاهرة ويضع لها الحلول المناسبة في تفعيل توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص فعلياً بصورة تدريجية وليس الركون لاطلاق تصريحات رنانة احرجت من يقوم عليها ..
فهل ادركتم سادتي بعد كل ما سطرناه خطورة ترك ملف البطالة دون وضع حلول استراتيجية له وليس ترقيعية وتسويف وتأجيل النظر في عواقبه في كل مرة ؟