كيف استغل ترمب “السراب الأحمر” لرفض نتائج انتخابات 2020؟
بعد ساعات من انتهاء الانتخابات الأميركية عام 2020 دون حسم نتائجها، أعلن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي للرئاسة دونالد ترمب مبكراً، حينها، فوزه بالسباق الرئاسي، رغم أن ملايين الأصوات لم تفرز بعد.
ومع بدء تراجع تقدمه المبكر في بعض الولايات الحاسمة، دعا ترمب علناً إلى وقف فرز الأصوات، وزعم أن الأصوات المتبقية “مزورة”، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، التي أشارت إلى أنه من المعتاد أن يتراجع تقدم مرشح في سباق انتخابي متقارب عند فرز المزيد من الأصوات.
ولا يعد هذا التغيّر في النتائج علامة على ارتكاب مخالفات أو حدوث حالات تزوير انتخابي وهي مسألة نادرة الحدوث، بل نتيجة استمرار مسؤولي الانتخابات بفرز بعض الأصوات في وقت أبكر من غيرها، وفق الصحيفة.
وكانت أولى الأصوات التي فُرِزت عام 2020 في بعض الولايات الرئيسية تميل لصالح الجمهوريين، ما أدى إلى ما يُعرف بـ”السراب الأحمر”، بينما كانت الأصوات اللاحقة تميل لصالح الديمقراطيين، ما أفضى إلى “التحول الأزرق”، وفوز جو بايدن، آنذاك.
ورغم أن طرق التصويت والقواعد قد تغيّرت منذ 2020، إلا أنه في حال تغيّرت نتائج بعض السباقات هذا العام بين المساء والصباح، أو بين يوم الثلاثاء وبقية الأسبوع، فهناك عدة أسباب لمثل هذا التحول.
الديمقراطيون والميل للتصويت بالبريد
وأصبح الديمقراطيون منذ 2020 يميلون للتصويت عبر البريد أكثر من الجمهوريين، وفي بعض الولايات المتأرجحة التي تشهد تنافساً شديداً، يتم فرز أصوات البريد في وقت لاحق عن الأصوات المباشرة.
وقد حطّمت انتخابات 2020، التي جرت خلال أزمة جائحة كورونا، الأرقام القياسية للتصويت المبكر وعبر البريد.
وساهمت أصوات البريد في توسيع الفجوة، إذ حث بايدن مؤيديه على التصويت عبر البريد كبديل أكثر أماناً لتجنب ازدحام يوم الانتخابات، بينما شجع ترمب أنصاره على تجنب التصويت بالبريد.
وظهر ترمب متقدماً في الولايات المتأرجحة، بنسلفانيا وويسكونسن وميشيجان، بعد فرز الأصوات المباشرة، لكن النتائج تحولت لصالح الديمقراطيين بعد احتساب أصوات البريد.
وأعلن ترمب فوزه بعد الساعة الثانية صباحاً من يوم الأربعاء، 4 نوفمبر، قائلاً من البيت الأبيض: “لقد فزنا بهذه الانتخابات”، ووصف استمرار فرز الأصوات في الولايات الرئيسية بأنه “احتيال كبير على الأمة”.
في وقت لاحق من صباح الأربعاء، نشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنه “كان متقدماً بشكل كبير في العديد من الولايات الرئيسية” قبل أن تفرز “دفعات مفاجئة من الأصوات”. وفي ظهر يوم الأربعاء، أُعلن فوز بايدن بميشيجان وويسكونسن.
وفي اليوم التالي، أدلى ترمب بعدد من التصريحات التي وصفتها “واشنطن بوست” بـ”الزائفة” للصحافيين، قائلاً إنه سيفوز إذا تم احتساب “الأصوات القانونية” فقط، وهاجم التصويت عبر البريد، مدعياً أنه “كان يتقدم في جميع المواقع الرئيسية، ثم بدأت أرقامنا تتراجع بشكل مذهل”.
لكن لم تكن هناك “دفعات مفاجئة من الأصوات”، بل ملايين من أصوات البريد القانونية التي كانت تنتظر الفرز.
ولا تسمح القوانين في بنسلفانيا وويسكونسن للمسؤولين عن الانتخابات بفتح وفرز أصوات البريد حتى يوم الانتخابات، وفي ذلك الوقت، كانت قوانين ميشيجان تسمح ببدء الفرز قبل يوم واحد فقط، في حين تسمح بعض الولايات بقبول أصوات البريد التي تحمل ختم يوم الانتخابات، مما يستغرق عدة أيام حتى تصل عبر النظام البريدي.
ويستغرق فرز أصوات البريد وقتاً طويلاً، من فتح المظاريف والتحقق من التوقيعات، إلى إعدادها للفرز، فيما لا تسمح بنسلفانيا ببدء فرز أصوات البريد إلا بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
وفي 6 نوفمبر، واصل ترمب نشر شكاوى عن النظام الانتخابي وعملية فرز الأصوات، بينما كانت حملته ترفع دعاوى قانونية للطعن في النتائج.
وقال ترمب حينها، إن “ولاية بنسلفانيا تصرفت بشكل مروع وغير قانوني”.
وأنهت ولاية بنسلفانيا فرز أصواتها، السبت (7 نوفمبر)، وكانت أصواتها الانتخابية هي التي حسمت الرئاسة لصالح بايدن.
وقامت السلطات المحلية والفيدرالية بتشديد قوانين وسياسات الانتخابات منذ عام 2020 لجعل من الصعب تقويض خيارات الناخبين.
الضواحي الكبيرة
وتميل غالبية المقاطعات الحضرية والضواحي الكبيرة لصالح الديمقراطيين، لذا، فإن الولاية التي تظهر نتائج حمراء لفترة طويلة سواء كانت ساعات أو أيام قد تشهد زيادة في الأصوات الزرقاء مع فرز أصوات المناطق الحضرية والضواحي.
وفي ولاية فرجينيا، تحول الفرز من الأحمر إلى الأزرق في منتصف ليل في يوم الانتخابات عام 2020، وذلك عندما وصلت النتائج من الضواحي الشعبية القريبة من واشنطن العاصمة، والتي تُعتبر بشكل كبير ديمقراطية.
ويتطلب القانون الفيدرالي من معظم الأماكن السماح للناخبين بإدلاء أصوات مؤقتة في الانتخابات الوطنية إذا واجهوا مشكلة في مراكز الاقتراع، مثل نسيان إحضار الهوية أو عدم وجود أسمائهم في قائمة الناخبين. وتُوضع تلك الأصوات جانباً حتى يتمكن المسؤولون عن الانتخابات من تحديد ما إذا كان كل ناخب مؤهلاً.
وعادة ما يكون عدد الأصوات المؤقتة قليلة جداً بحيث لا يؤثر على نتيجة الانتخابات، إلا إذا كان السباق متقارباً بشكل كبير.
ولكن الأشخاص الذين يدلون بأصوات مؤقتة غالباً ما يكونون ناخبين جدد، أو طلاب جامعات، أو أشخاص لم يدلوا بأصواتهم منذ فترة طويلة، أو أشخاص انتقلوا مؤخراً.
وغالبية هؤلاء الأشخاص يميلون إلى التصويت لصالح الديمقراطيين.
الجمهوريون والنتائج المبكرة
في عام 2020، كانت الولايات التي أُغلِقت فيها مراكز الاقتراع مبكراً تميل إلى دعم الجمهوريين، لذا فاز ترمب بالعديد من الولايات الأولى التي أُعلنت نتائجها.
لكن مجموع أصوات المجمع الانتخابي، وهو أمر بالغ الأهمية، كان متقارباً منذ البداية، إذ تفرز بعض الولايات الزرقاء ذات الكثافة السكانية العالية، مثل كاليفورنيا، الأصوات بشكل أبطأ من غيرها.
وتم إعلان فوز بايدن، 7 نوفمبر 2020، لكن فارق أصوات المجمع الانتخابي، 306 مقابل 232، لم يتضح حتى تم إعلان الفوز بجورجيا في 19 نوفمبر 2020.
متى نعرف إذا كان هناك “تحول أزرق” في 2024؟
توقعت “واشنطن بوست” الإعلان عن نتائج 2024 في وقت مبكر عن عام 2020، لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت إذا كان السباق بين ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس متقارباً.
وقد تكون التحولات الزرقاء الملحوظة أقل احتمالاً هذا العام، بحسب الصحيفة الأميركية.
وعمل المسؤولون عن الانتخابات في الولايات التي لم يكن لديها الكثير من التصويت المبكر قبل عام 2020 على إصلاح بعض المشكلات، ويأملون أن يكونوا أكثر كفاءة.
وحتى الآن، أدلى عدد أقل من الأشخاص بأصوات مبكرة هذا العام مقارنة بعام 2020، ويبدو أن المزيد من الناخبين المبكرين يميلون إلى الجمهوريين.
وقد شجعت حملة ترمب على التصويت المبكر، رغم من أن الرئيس السابق نفسه لا يزال في بعض الأحيان ينتقده.
وقال إدوارد ب. فولي، أستاذ قانون الانتخابات في جامعة ولاية أوهايو الذي صاغ مصطلح “التحول الأزرق” عام 2013، في رسالة إلكترونية إنه “يتوقع حدوث تحول أزرق أقل في ولاية بنسلفانيا هذا العام”.