. ماذا يعني؟
خطيب بدلة
أخيرًا عرفنا أن رئيس أمريكا، لغاية عام 2028، سيكون دونالد ترامب ذاته، الذي حكم أمريكا وقسمًا كبيرًا من العالم، بين عامي 2016 و2020، وكما هي العادة في العالم المتحضر، هنأه الرئيس بايدن، وهنأته كذلك منافسته كامالا هاريس، ووعدت بمساعدته في نقل السلطة سلميًا إليه.
ترامب يزعج الحزب “الديمقراطي” الأمريكي، عندما يكتسحهم في الانتخابات، وينغصهم حينما يفوزون عليه، إذ يخرج وجماعته ليملؤوا الشوارع بأعمال شغب، تتعارض مع الديمقراطية الأمريكية العريقة. وهناك مسألة، ربما انتبهتم إليها، أن ترامب هذا قطع الطريق على تجربة فريدة من نوعها، وهي أن تحكم امرأة ما، هيلاري كلينتون أو كامالا هاريس، أعظم دولة في العالم، أمريكا.
يمارس ترامب دعايته الانتخابية، وانتقاد خصومه، وحتى سلطته، بطريقة رجل الأعمال القادر على تحويل أي مسألة تعرض عليه إلى صفقة. يعد الأمريكيين بالرخاء الاقتصادي، ويلتزم بوعده إذ يجلب لهم، خلال حكمه، كثيرًا من المال، لا يتورع، أحيانًا، في إطلاق تصريحات غير لائقة، كقوله، في أثناء حملته الانتخابية سنة 2016، إن حكام أمريكا الديمقراطيين، في عهد أوباما، هم الذين صنعوا تنظيم “داعش”، وهذا كلام غير صحيح، بالطبع. وفي حملته الانتخابية الأخيرة، قال إن إيران أفلست خلال فترته الرئاسية السابقة، ولكنها، في عهد جو بايدن وهاريس، امتلكت مئات المليارات من الدولارات، ما ساعدها على تمويل جماعات إرهابية، مثل “حزب الله” و”الحوثيين”، بسخاء.
يعادي ترامب الجماعات الإخوانية، وكان يقف وراء حصار قطر ابتداء من حزيران 2017، وعندما يريد أن يفعل شيئًا، لا يكترث للقوانين الدولية، ففي السنة ذاتها، 2017، اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبر المستوطنات الإسرائيلية مشروعة، وقد رد له المستوطنون الجميل، عندما أطلقوا اسمه على إحدى المستوطنات الجديدة.
ذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن وصول ترامب للرئاسة في أمريكا ليس في مصلحة نظام بشار الأسد. هذا التصور، برأيي، يفتقد إلى ما يؤيده من أدلة. ففي فترة ترامب السابقة، لم يتعرض الأسد لأي أذى، سوى ضرب مطار “الشعيرات” بصواريخ “توماهوك”، ردًا على ضرب خان شيخون بالكيماوي، ويمكننا الآن أن نذهب إلى ما هو أبعد، فنقول إن سوريا ليست ضمن أولويات ترامب الرئيسة، فقد صرح، في أثناء حملته الانتخابية، بأنه سيوقف الحروب، في أكرانيا، والشرق الأوسط، فإذا فعل ذلك، وخرج بوتين من هذه “الحرب/الورطة” منتصرًا، فلا شيء يمنعه، وقتئذ، من تولي الملف السوري، وهذا يعني، حرفيًا، الإبقاء على بشار الأسد، وأما إيران، فلا شك أنها تستشعر، اليوم، مخاطر وجودية، فقد صرح ترامب، مرارًا، بأنه يؤيد ضرب المنشآت النووية الإيرانية من قبل إسرائيل، وإن لم يحصل هذا، فالعقوبات الأمريكية ستعود لإرهاق كاهل الملالي.
أخيرًا، كل ما ورد في هذه المقالة القصيرة عبارة عن تأملات في المشهد، قد تصح وقد تخطئ، هذا لأن ترامب، الجمهوري المشاكس قد فاز، فلو أن كامالا هاريس هي التي فازت، لما تغير شيء في السياسة الأمريكية الداخلية أو الخارجية، أو سائر الأزمات التي تعصف بالعالم.
المصدر: عنب بلدي