اخر الاخبار

تقرير مناخي: تقدم بطيء في سياسات صافي الانبعاثات الصفري

بينما تتصاعد التحذيرات العالمية من التداعيات القاسية للتغير المناخي على سكان الأرض، صدر تقرير، الخميس، يكشف عن “بوادر مشجعة” على تسارع التقدم في سياسات صافي الانبعاثات الصفري “لكن غير كافية”.

التقرير، الذي يعد الأول لـ”فرقة العمل لسياسات الصفر الصافي”، حمل عنوان: “سياسات الصفر الصافي: تقييم التقدم ومراجعة السياسات”، وهو يمثل إحدى المبادرات الرامية إلى تعزيز التزامات الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة لدى الكيانات غير الحكومية.

ويأتي صدور هذا التقرير بينما تتواصل فعاليات مؤتمر المناخ Cop في باكو، عاصمة أذربيجان، بغية التوصل إلى توافق عالمي بشأن آليات مواجهة تداعيات التغير المناخي.

ويهدف التقرير إلى تحليل السياسات العالمية المتعلقة بأنشطة الصفر الصافي للشركات، والمؤسسات المالية الكبرى. 

أهداف اتفاق باريس

رغم البوادر الإيجابية، حذَّرت فرقة العمل من أن هذه السياسات لا تزال غير متوافقة بشكل كامل مع هدف الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية، وهو ما يعكس استمرار الانحراف عن أهداف اتفاق باريس للمناخ.

سياسات الصفر الصافي جزء أساسي من جهود مكافحة تغير المناخ، إذ تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التوازن بين الكربون المنبعث، والمُزال من الجو، ما يعزز الالتزام العالمي نحو مستقبل يتماشى مع أهداف اتفاق باريس للمناخ، ويمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية. 

ومع زيادة الضغط لتحقيق هذه الأهداف، بدأت العديد من دول مجموعة العشرين سن سياسات لدعم الشركات والمؤسسات المالية في التحول إلى الصفر الصافي، وتضاعف عدد السياسات الموجهة لهذه الكيانات منذ 2020.

الاعتماد على الوقود الأحفوري

ويقول التقرير إن بعض السياسات الاقتصادية الحقيقية، لا سيما في الأسواق الناشئة مثل جنوب إفريقيا، تظهر التزاماً أكبر بتقليل اعتماد الشركات على الوقود الأحفوري، وتوسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة، والحد من إزالة الغابات. 

ورغم تقدم كبير في تطبيق إجراءات التمويل المستدام حول العالم، مثل التصنيفات البيئية وخطط الانتقال، لا يزال التنسيق السياسي العالمي بعيداً عن تحقيق الاتساق مع أهداف المناخ، إذ لم يتم تنفيذ أي من توصيات مجموعة الخبراء رفيعي المستوى بشكل كامل في سياسات دول مجموعة العشرين. 

غياب العدالة المناخية

ويعتبر غياب مفهوم العدالة المناخية الشاملة، ونقص السياسات التي تضمن حماية حقوق المجتمعات الضعيفة في التنمية المستدامة من أبرز العوائق التي تضعف من فعالية سياسات الصفر الصافي.

ومع التقدم التدريجي في بعض المناطق، تتطلب المرحلة المقبلة سد الفجوات في السياسات، وإدماج قضايا الطبيعة، والتكيف مع الأهداف الاجتماعية بشكل أكبر ضمن الإطار السياسي العالمي، لضمان انتقال عادل نحو الصفر الصافي، يحقق الفائدة للاقتصادات والمجتمعات على مستوى العالم.

اعتمدت فرقة العمل في دراستها على تحليل أكثر من 1000 أداة سياسية ضمن مجموعة دول العشرين G20، وهو من أوائل التقارير التي تقيّم بيئة السياسات على نطاق واسع في هذا المجال. 

ووجدت الدراسة أن الدول جميعها ضمن هذه المجموعة لديها سياسات تدعم انتقال الكيانات غير الحكومية إلى الصفر الصافي. وقد تضاعفت السياسات الموجهة لهذه الكيانات 3 مرات منذ عام 2020.

كما أشار التقرير إلى وجود سياسات جديدة في الأسواق الناشئة، تتطلب من الشركات والمؤسسات المالية اتخاذ خطوات فعلية نحو تحقيق هدف الصفر الصافي، إذ تشمل هذه السياسات الوقود الأحفوري، والطاقة المتجددة، واستخدام الأراضي، ومنع إزالة الغابات.

ورغم هذا التقدم، أكد التقرير على وجود فجوات كبيرة في السياسات، إذ لم يتم تبني أي من التوصيات التسع المقدمة من قبل مجموعة الخبراء في السياسة العالمية بشكل كامل. 

كما لم تتم معالجة قضايا الطبيعة، والتكيف، والأهداف الاجتماعية بصورة كافية في سياسات الصفر الصافي. 

وأشارت فرقة العمل إلى أهمية التوجه نحو السياسات التي تحقق العدالة المناخية، وتولي اهتماماً لاحتياجات المجتمعات الضعيفة، والدول النامية.

نحو إغلاق الفجوة

وفي تعليقها على النتائج، قالت الرئيسة المشاركة لفرقة العمل، هيلينا فاينس فيستاس، في بيان تلقت “الشرق” نسخة منه: “تشير أبحاثنا إلى صورة مختلطة. من جهة، نحن متفائلون لأن سياسات الصفر الصافي تتسع وتتحرك بوتيرة متسارعة، لكن الخطوات المتخذة حتى الآن غير كافية لتحقيق أهداف اتفاق باريس. نحن بحاجة إلى إغلاق هذه الفجوة السياسية لضمان المسار الصحيح نحو 1.5 درجة مئوية”.

وتظهر نتائج التقرير الأول لفريق العمل أهمية سياسات الصفر الصافي، فقد وضعت جميع دول مجموعة العشرين تقريباً، والعديد من الدول الأخرى، أهدافاً للصفر الصافي “لكن يمكن للدول تحقيق أهدافها طويلة الأمد إذا تعاونت الشركات والمؤسسات المالية، والمدن والمناطق التي تمتلك أهداف صفر صافي خاصة بها”، كما تقول لورانس توبيانا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة المناخ الأوروبية.

وتشير توبيانا إلى وجود فرصة حرجة لصانعي السياسات لاستخلاص الدروس من أفضل الممارسات المنعكسة في هذا التقرير، ولتثبيت سياسات صفر صافي قوية لضمان مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للجميع.

وتقول رئيس الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، رزان خليفة المبارك، إن”الوصول إلى مستقبل إيجابي للطبيعة وخالٍ من الانبعاثات يتطلب نهجاً شاملاً من جميع شرائح المجتمع، ويستدعي وجود بيئة سياسية داعمة للكيانات غير الحكومية لقيادة العمل المناخي”.

وتضيف: “تأتي أهمية تقرير فريق العمل في هذا السياق، إذ يُظهر أن التحرك جارٍ، ولكن لا يزال يتطلب المزيد لتحقيق بيئة داعمة بشكل كامل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *