اخر الاخبار

استعداداً لحرب تجارية..الصين تتسلح بتدابير قوية لمواجهة ترمب

قال مستشارون ومحللو المخاطر الدولية في الصين، إن بكين أعدت تدابير مضادة وقوية للانتقام من الشركات الأميركية، حال قرر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إشعال حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”.

وحافظ الرئيس جو بايدن على معظم التدابير التي اتخذها سلفه ضد الصين، لكن ترمب توعد خلال حملته الانتخابية بزيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة من 10 إلى 20%، وصولاً إلى 60% على الواردات الصينية، وحتى 200% على السيارات التي تُصنّع في المكسيك، معتبراً أن الصين والاتحاد الأوروبي وشركاء بلاده التجاريين الآخرين “يعاملونها بشكل غير عادل”.

وفوجئت حكومة الرئيس الصيني شي جين بينج بفوز ترمب في انتخابات عام 2016، ومسارعته إلى فرض تعريفات جمركية أعلى وضوابط أكثر صرامة على الاستثمارات، مع فرض عقوبات وقيود على الشركات الصينية.

وفي حين جعلت التوقعات الاقتصادية الهشة للصين منذ ذلك الحين البلاد أكثر عرضة للضغوط الأميركية، فقد أدخلت بكين قوانين جديدة شاملة على مدى السنوات الـ8 الماضية، تسمح لها بإدراج الشركات الأجنبية في القائمة السوداء وفرض عقوباتها الخاصة وقطع الوصول الأميركي إلى سلاسل التوريد الحيوية. 

وقال وانج دونج، المدير التنفيذي لـ”معهد التعاون والتفاهم العالمي” بجامعة بكين: “هذه عملية ذات اتجاهين. ستحاول الصين بالطبع التعامل مع الرئيس ترمب بأي طريقة، ومحاولة التفاوض”.

وأضاف: “لكن إذا لم يتم تحقيق أي شيء من خلال المحادثات، كما حدث في عام 2018، واضطررنا إلى القتال، فسندافع بحزم عن حقوق الصين ومصالحها”. 

قانون العقوبات المناهضة للأجانب

وتمتلك الصين تحت تصرفها الآن قانون “العقوبات المناهضة للأجانب” الذي يسمح لها بمواجهة التدابير التي اتخذتها دول أخرى وقائمة الكيانات غير الموثوقة للشركات الأجنبية التي ترى أنها “قوضت” مصالحها الوطنية. 

ويعني قانون مراقبة الصادرات الموسع أن بكين يمكنها أيضاً تسليح هيمنتها العالمية على توريد العشرات من الموارد مثل المعادن النادرة والليثيوم التي تعد حيوية للتكنولوجيات الحديثة.

وفي هذا السياق، قال أندرو جيلهولم، رئيس تحليل الصين في شركة الاستشارات Control Risks، إن “الكثيرين قللوا من تقدير الضرر الذي يمكن أن تلحقه بكين بالمصالح الأميركية”.

وأشار إلى “طلقات تحذيرية” أُطلقت في الأشهر الأخيرة، شملت عقوبات مفروضة على Skydio، أكبر شركة أميركية لتصنيع المسيّرات ومورد للجيش الأوكراني، والتي تحظر على المجموعات الصينية تزويد الشركة بمكونات أساسية. 

كما هددت بكين بإدراج شركة PVH، للملابس الأميركية المالكة لعلامات تجارية مثل “كالفن كلاين” و”تومي هيلفيجر”، في القائمة غير الموثوقة، وهي خطوة قد تقطع وصول شركة الملابس إلى السوق الصينية الضخمة.




وقال جيلهولم: “هذه هي قمة جبل الجليد.. أظل أقول لعملائنا: تعتقدون أنكم قد وضعتم في الحسبان المخاطر الجيوسياسية والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكنكم لم تفعلوا ذلك، لأن الصين لم ترد بجدية بعد”.

وتسابق الصين الزمن لجعل سلاسل توريد التكنولوجيا والموارد أكثر مقاومة للاضطرابات الناجمة عن العقوبات الأميركية مع توسيع التجارة مع الدول الأقل انحيازاً لواشنطن. 

ومن وجهة نظر بكين، في حين كانت العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر استقراراً في نهاية رئاسة بايدن، استمرت سياسات الإدارة المنتهية ولايتها إلى حد كبير على نفس المنوال كما كانت في ولاية ترمب الأولى. 

وقال وانج تشونج، خبير السياسة الخارجية في جامعة تشجيانج للدراسات الدولية: “كان الجميع يتوقعون الأسوأ بالفعل، لذلك لن تكون هناك أي مفاجآت. الجميع مستعدون”.

لا تجاهل صيني

ولكن الصين لا تستطيع أن تتجاهل بسهولة تهديد ترمب أثناء حملته الانتخابية بفرض تعريفات جمركية شاملة تزيد على 60% على جميع الواردات الصينية، نظراً لتباطؤ النمو الاقتصادي، وضعف الثقة بين المستهلكين والشركات، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى مستويات تاريخية. 

وقال جونج جيونج، وهو أستاذ في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولية في بكين، إنه في حالة المفاوضات، يتوقع أن تكون الصين منفتحة على المزيد من الاستثمار المباشر في التصنيع الأميركي أو نقل المزيد من التصنيع إلى البلدان التي وجدتها واشنطن مقبولة. 

بدوره، قال جو مازور، محلل التجارة بين الولايات المتحدة والصين في شركة “تريفيوم” الاستشارية ببكين، إن “الخط الحمائي الأوسع لترمب قد يعمل لصالح الصين”.

وقال مازور: “إذا بدأت الاقتصادات الكبرى الأخرى في النظر إلى الولايات المتحدة كشريك تجاري غير موثوق به، فيمكنها السعي إلى تنمية علاقات تجارية أعمق مع الصين بحثاً عن أسواق تصدير أكثر ملاءمة”. 

ومع ذلك، يعتقد آخرون أن التدابير المضادة المخطط لها من جانب بكين من شأنها أن تخاطر بإيذاء الشركات الصينية واقتصادها فقط في الأمد البعيد.

وتكافح الصين لتعزيز الاقتصاد وسط شكوك حول قدرتها على تحقيق هدف النمو الرسمي لهذا العام بنحو 5%، وهو أحد أدنى أهدافها منذ عقود. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *