اخر الاخبار

صحافة تركية تنتقد وصف أنقرة بـ”المحتلة” في سوريا

بعد انتهاء محادثات “أستانة 22” الأسبوع الماضي، كثف مبعوث الرئيس الروسي الخاص، ألكسندر لافرنتييف، من تصريحاته بما يتعلق بالملف السوري، أحدها حمل انتقادًا أو وصفًا اعتبره محللون أتراك سلبيًا تجاه تركيا.

تتقاطع مصالح تركيا وروسيا في عدد من الملفات، أبرزها سوريا وليبيا وأوكرانيا.

لافرنتييف اعتبر أن تركيا تتصرف كـ”دولة محتلة” في سوريا، مبيّنًا أن الأمر يتعلق بدعمها للمعارضة السورية، والقضية الرئيسة هي انسحاب القوات التركية من سوريا.

قال الدبلوماسي الروسي، “دعونا نسمي الأشياء بمسمياتها، إنهم (الأتراك) يتصرفون كدولة محتلة، ومن الصعب على دمشق للغاية الدخول في حوار دون ضمانات معينة من تركيا بشأن انسحاب قواتها”.

لا يمكن التغاضي عن ذلك

الخبير التركي في السياسات الأمنية، عمر أوزكيزيلجيك، كتب مقالًا نشر في موقع “Aslinda” التركي تحدث فيه عن تصريح لافرنتييف، معتبرًا أن ميل روسيا إلى تعريف تركيا كدولة محتلة في سوريا ليس قضية يمكن التغاضي عنها.

وذكر أوزكيزيلجيك، أن لافرنتييف لا يعارض فقط العملية العسكرية المحتملة التي تقوم بها تركيا ضد “وحدات حماية الشعب”، عماد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بل يعرّف تركيا أيضًا بأنها دولة محتلة في سوريا ويطالب بإنهاء دعم تركيا للمعارضة السورية.

وأشار أوزكيزيلجيك، إلى أن روسيا من أجل حماية “الوحدات الكردية” (تصنفها أنقرة إرهابية) تنشر قواتها إلى جانب قوات النظام في مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا.

ورغم تصريحات تركيا “الإيجابية” حول التقارب مع الأسد، أيد لافرنتييف موقف النظام السوري “الصارم”، وهو ما يعتقد أوزكيزيلجيك أنه “ليس مفاجئًا، لمن يتابع الميدان السوري، فالآن أصبحت الخطابات متوافقة مع التطورات الميدانية”، وفق أوزكيزيلجيك.

لافرينتييف، قال في 12 من تشرين الثاني الحالي، إن شن تركيا عملية عسكرية جديدة في سوريا غير مقبول، وإن روسيا أكدت بشكل متكرر عدم قبولها القيام بعمليات تركية جديدة في سوريا، “ما زلنا نأمل أن يمتنع الجانب التركي عن هذه الخطوات، لأنها قد تكون لها عواقب سلبية على سوريا نفسها”.

العمليات العسكرية التركية لن تحل المشكلة، بل ستؤدي فقط إلى تفاقمها، بحسب الوزير الروسي، وسيكون لها تأثير مزعزع للاستقرار في سياق الأزمة، التي لم يتم حلها على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وفي قطاع غزة.

تحول في المعادلة الروسية

الصحفي التركي فهيم تاشتكين يرى، في مقال له في صحيفة “Duvar“، أن “مصطلح المحتل، كان أكثر من اللازم، بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أنهم يستحقون أن يكونوا في سوريا”.

وأشار تاشتكين إلى أن روسيا تصف كل القوات الأجنبية في سوريا (عدا قواتها وإيران) بأنها “غازية”، والوجود العسكري التركي ليس استثناء.

ويرى تاشتكين أن التحول في الموقف الروسي ينبع من تحول المعادلة التي أقامتها روسيا مع تركيا وإيران في سوريا (محادثات أستانة) نحو التعاون التركي- الأمريكي، أي أن الروس يضغطون على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يتوقع إيماءات من ترامب.

ورغم أن روسيا تجد أن هناك ضغطًا تركيًا على الولايات المتحدة لسحب واشنطن قواتها من سوريا، يجب أن تتجنب عواقب تحدث عنها تاشتكين هي:

أولًا، الاتفاق التركي- الأمريكي (انسحاب أمريكا من مناطق في سوريا) يفتح مجال سيطرة جديدة لتركيا في سوريا، وهو ما سيعزز موقف تركيا في مفاوضات دمشق- وأنقرة، وقد يضعف توقع خروج الجيش التركي من سوريا الذي تقوم عليه صيغة الانسحاب التدريجي في تطبيع دمشق- أنقرة.

ثانيًا، انسحاب الولايات المتحدة بالاتفاق مع تركيا يعيد أردوغان إلى اللعبة الأمريكية القديمة المتمثلة في استهداف دمشق.

يريد بوتين أن يأخذ أردوغان إلى دمشق للوصول إلى تسوية، لكن نية أردوغان التوصل إلى اتفاق مع ترامب وتوسيع السيطرة في الشمال السوري قد يعرقل الاستراتيجية التي وضعها الكرملين.

وتعتقد موسكو أن قضاء الوقت في تطبيع دمشق- أنقرة لا طائل من ورائه في هذه المرحلة، لهذا السبب يعتقد الروس أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا بعد تولي ترامب منصبه في 20 كانون الثاني 2025، فسيكون ذلك وسيلة مفيدة للتفاوض الفوري في سوريا.

وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، استبعد أن تمارس موسكو ضغوطًا كبيرة على النظام لاتخاذ خطوات كبيرة بشأن القضايا الحاسمة.

وذكر فيدان في تصريح له، السبت 16 من تشرين الثاني، “إذا أرادت حكومة دمشق اتخاذ خطوات بشأن بعض القضايا الحاسمة فلا أعتقد أن الروس سيقولون لا، لكنني لا أعتقد أن الروس سيمارسون ضغوطًا كبيرة على حكومة دمشق لاتخاذ هذه الخطوات، وبصراحة، يبدو أنهم يقفون على الحياد بعض الشيئ بشأن هذه القضية”.

بدأ مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري بلقاء جمع وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام في 28 من كانون الأول 2022، وتحوّل فيما بعد إلى “رباعية” تشارك بها إيران، قبل إعلان روسيا بداية العام الحالي انهياره.

ومنذ أيار الماضي تتابعت التصريحات الإعلامية من أردوغان والأسد حول المسار والعودة إلى طاولة التفاوض، بلهجة أقل تصعيدًا، وصولًا إلى حديث عن لقاء مستقبلي بين الأسد وأردوغان والتنبؤ بمكانه وزمانه.

لكن هذا اللقاء اصطدم بتمسك النظام السوري بشرط الانسحاب التركي من الشمال السوري، وهو ما تعارضه أنقرة حاليًا لأسباب ترتبط بأمنها القومي.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *