أزمة “نهب المساعدات” تزيد معاناة سكان غزة
تصاعدت أزمة نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة ما فاقم من معاناة السكان بشكل كبير وسط تفش للجوع ونقص كبير في الغذاء والأدوية.
وقال مسؤولو منظمات الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني وشركات النقل، إن عمليات النهب باتت العقبة الأكبر أمام توزيع المساعدات في النصف الجنوبي من غزة، حيث يقيم الغالبية العظمى من الفلسطينيين النازحين، فيما يشير عمال الإغاثة وشركات النقل إلى أن العصابات المسلحة تقوم بقتل وضرب واختطاف سائقي شاحنات المساعدات في المنطقة المحيطة بمعبر كرم أبو سالم، الذي يعد بوابة الدخول الرئيسية إلى جنوب القطاع.
وخلصت مذكرة داخلية للأمم المتحدة، الشهر الماضي، إلى أن هذه العصابات “ربما تستفيد من رعاية سلبية، إن لم تكن نشطة، أو حماية من القوات الإسرائيلية”، وجاء في المذكرة أن أحد زعماء هذه العصابات أنشأ “مجمعاً يشبه القواعد العسكرية في منطقة مقيدة وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي وتمر بها دوريات من قبله”.
وتقول منظمات الإغاثة إن السُلطات الإسرائيلية رفضت معظم طلباتها لتحسين تدابير حماية قوافل المساعدات، بما في ذلك المناشدات بتوفير طرق أكثر أماناً، وفتح المعابر بشكل أكبر، والسماح للشرطة المدنية في غزة بحماية الشاحنات.
وسلطت صحيفة “واشنطن بوست” الضوء على حادث كبير وقع ليل السبت الماضي، بعد أن تعرضت 98 شاحنة من أصل 109 شاحنات كانت تحمل مساعدات غذائية من الأمم المتحدة من معبر كرم أبو سالم للنهب على يد مسلحين.
بدوره، قال رجل الأعمال الغزاوي أدهم شحيبر، الذي كان لديه ثماني شاحنات في القافلة، للصحيفة: “اللصوص أطلقوا النار على الشاحنات واحتجزوا أحد السائقين لعدة ساعات”، بينما قال بيان صادر عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الهجوم “تسبب في إصابات للعاملين في مجال النقل وألحق أضراراً جسيمة في الشاحنات”.
حماس تشكل قوة لمواجهة العصابات
وقالت مصادر مقربة من حركة “حماس” لوكالة “رويترز”، الثلاثاء، إن الحركة وفصائل أخرى في غزة شكلوا قوة مسلحة تهدف لـ”منع نهب قوافل المساعدات” في القطاع المحاصر.
وقال مسؤول حكومي من “حماس” للوكالة، إن “القوة الجديدة التي تتألف من مقاتلين مدربين تدريباً جيداً من (حماس) وجماعات متحالفة معها تعرف باسم (اللجان الشعبية والثورية)، وهي مستعدة لإطلاق النار على اللصوص في حالة عدم استسلامهم”.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “القوة تعمل في وسط وجنوب قطاع غزة”، لافتاً إلى أنها “نفذت ما لا يقل عن 15 مهمة حتى الآن”.
وكانت وزارة الداخلية في غزة أعلنت، الاثنين، عن “بدء حملةً تستهدف مجموعات متخصصة في قطع الطرق وسرقة المساعدات الدولية في خان يونس جنوب قطاع غزة”.
وأوضحت الوزارة الذي تديرها “حماس”، أن “هذه الحملة ستمتد إلى باقي مناطق القطاع”، مشيرةً إلى “تزايد عمليات السطو وسرقة شاحنات المساعدات في الأسابيع الأخيرة”.
وذكرت داخلية حماس أن أكثر من “20 شخصاً من عصابات لصوص شاحنات المساعدات، سقطوا جرّاء تنفيذ الأجهزة الأمنية عمليةً بالتعاون مع لجان عشائرية”.
وأوضح بيان الداخلية، أنّ سقوط هؤلاء الأشخاص الـ20، هي “بداية عمل أمني موسع تم التخطيط له مطولاً وسيتوسع ليشمل كل من تورط في سرقة شاحنات المساعدات”.
وذكر تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر الماضي حصلت عليه صحيفة “واشنطن بوست”، أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية “خسرت خلال فترة الصيف مساعدات إنسانية بقيمة 25.5 مليون دولار بسبب النهب”، لافتاً إلى “سرقة ما يقرب من نصف المساعدات الغذائية التي نقلها برنامج الأغذية العالمي على طول الطريق الجنوبي لغزة”.
وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارجريت هاريس: “أصبح من الصعب للغاية إدخال المساعدات، وذلك بعد سلسلة من حوادث النهب في مطلع الأسبوع”، بحسب ما نقلته “رويترز”.
مسارات جديدة لإيصال المساعدات
من جهته، وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الثلاثاء، ما قال إنه “استمرار لعمليات النهب للمساعدات”، بأنه “أمر مشين”، مشدداً على ضرورة الوقف الفوري لتلك العمليات.
وتابع: “ما رأيناه هو انهيار في الوضع الأمني داخل غزة، وهناك العديد من الأسباب لهذا الانهيار. وما نحاول العمل عليه مع الجيش الإسرائيلي والوكالات الأممية هو إيجاد حلول لإيصال المزيد من المساعدات للأشخاص الذين يحتاجون إليها”.
وذكر ميلر في إفادة صحافية، أن “الجيش الإسرائيلي فتح، الأسبوع الماضي، بناءً على طلب الولايات المتحدة طرقاً جديدة لإيصال المساعدات الإنسانية”، معرباً عن أمله بأن “تساعد بعض هذه الطرق الجديدة في تحويل القوافل بعيداً عن اللصوص”.
ويتسبب النقص الكبير في الغذاء والأدوية وسلع أخرى في تفشي الجوع والمعاناة بين المدنيين، وذلك بعد 13 شهراً من الحملة العسكرية المدمرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وعلقت إسرائيل واردات البضائع التجارية، الشهر الماضي، ولم تدخل غزة منذئذ سوى شاحنات المساعدات التي تحمل جزءاً ضئيلاً للغاية مما تقول جماعات الإغاثة إنه ضروري للقطاع الذي فقد فيه معظم الناس منازلهم وليس لديهم أي أموال تذكر، بحسب “رويترز”.
اتهامات متبادلة
وتتهم إسرائيل حركة “حماس” بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية، لكن الأخيرة تنفي ذلك، وتتهم تل أبيب بمحاولة إثارة الفوضى في غزة من خلال استهداف أفراد الشرطة الذين يحرسون قوافل المساعدات.
وذكرت منظمات الإغاثة، أن السُلطات الإسرائيلية رفضت معظم طلباتها لتحسين تدابير حماية قوافل المساعدات، بما في ذلك المناشدات بتوفير طرق أكثر أماناً، وفتح المعابر بشكل أكبر، والسماح للشرطة المدنية في غزة بحماية الشاحنات، بحسب ما نقلته “واشنطن بوست”.
وقال مسؤولو منظمات الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني وشركات النقل للصحيفة الأميركية، إن “عمليات النهب باتت العقبة الأكبر أمام توزيع المساعدات في جنوب غزة”.
وأفاد عمال الإغاثة ومسؤولو الأمم المتحدة وعمال النقل وسائقو الشاحنات، بأن “القوات الإسرائيلية، التي عادةً ما تكون قريبة للغاية من هذه الهجمات، فشلت عدة مرات في التدخل أثناء حدوث عمليات النهب”.
وأشار منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية مهند هادي، إلى غزة “باتت بلا قانون، إذ لا يوجد أمن في أي مكان”، مضيفاً أن “إسرائيل هي القوة المحتلة، ولذا فإن هذا الأمر يقع على عاتقها، ويجب عليها التأكد من حماية المنطقة وتأمينها”.