ماراثون فالنسيا يثير الجدل بعد شهر من فيضانات إسبانيا
قرر العدَّاء باو جيسبرت عدم المشاركة في ماراثون فالنسيا، مطلع الأسبوع المقبل، لأنه لم يتمكن من التركيز على التدريب، وسط الدمار الذي ضرب ثالث أكبر مدينة في إسبانيا بسبب الفيضانات المفاجئة في أكتوبر.
وأثار قرار إقامة الماراثون في الأول من ديسمبر، الجدل، وذلك بعد شهرٍ واحدٍ فقط من وفاة 222 شخصاً في الفيضانات المميتة.
ويقول منتقدو القرار إن الأمر سابق لأوانه، بينما ترحب الشركات بالدعم السياحي الذي قد يساعد في التعافي من الأوضاع الناتجة عن الفيضانات.
وقال جيسبرت: “عندما تنظر حولك، تجد أن البلدة التي نشأت فيها لم تعد موجودة عملياً. ورغم أن غريزتك تدفعك إلى الركض لمدة أربع ساعات حتى تشعر وكأنك شخص عادي، فإن عقلك في مكان آخر”.
وقال جيسبرت (30 عاماً) إنه يأمل أن يخصص أولئك الذين قرروا المشاركة بعض الوقت لزيارة المدن المتضررة والتعاطف مع الضحايا الذين فقدوا الكثير.
رقم قياسي
وقبل أسبوعين، أبلغ المنظمون 35 ألف عدَّاء، وهو رقم قياسي، سجَّلوا للمشاركة في السباق الذي يبلغ طوله 42.2 كيلومتر حول مركز المدينة الساحلية، أنه سيقام على أي حال أثناء جمع الأموال للمساعدة في إعادة بناء المرافق الرياضية المتضررة.
وجاء في الموقع الرسمي للماراثون “فالنسيا تركض من أجل فالنسيا”، إذ تعهَّد المنظمون بالتبرع بثلاثة يورو (3.17 دولار) لكل عداء يصل إلى خط النهاية.
وتمت دعوة المشاركين في الماراثون، إذ يعد 62% منهم من الخارج و18% من مناطق إسبانية أخرى حسب المنظمين، للتبرع لصندوق مشترك للتعافي من الفيضانات والذي سيساهم فيه رعاة الماراثون أيضاً.
فيضانات فالنسيا
وأفادت تقارير بأن متظاهرين إسبان يحيون، الجمعة، ذكرى ضحايا أسوأ فيضانات ضربت البلاد منذ جيلٍ بعد شهر على مرورها.
واجتاح الغضب الدولة الأوروبية بعدما دمّرت كارثة 29 أكتوبر البنى التحتية ومنازل وسيارات، خصوصاً في منطقة فالنسيا في الشرق.
ووصلت رسائل التحذير عبر الهاتف إلى بعض السكان عندما كانت المياه تجتاح البلدات بالفعل، بينما بقيت عدة بلدات لأيام من دون أي مساعدة من الدولة، واعتمدت على المتطوعين من أجل الحصول على الطعام والمياه ومعدات التنظيف، بحسب “فرانس برس”.
ودفعت طريقة تعامل السلطات مع الكارثة النقابات والجمعيات والمنظمات المحلية للدعوة إلى تنظيم تظاهرات وتجمعات في المناطق الأكثر تضرراً الجمعة.
وقد تأخذ شكل تحرّكات رمزية عند الساعة 20.11 (19.11 بتوقيت جرينتش)، وهو التوقيت الذي أصدرت فيه سلطات منطقة فالنسيا تحذيراً بعد أكثر من 12 ساعة على صدور التحذير عن هيئة الأرصاد الوطنية.
ويتوقع أن تخرج مظاهرة أخرى في مدينة فالنسيا، ثاني مدن إسبانيا، السبت. وشارك 130 ألف شخص في أول مظاهرة مطالبين باستقالة رئيس المنطقة كارلوس مازون.
“الأسوأ هذا القرن”
وبلغ مستوى الغضب ذروته في بايبورتا التي كانت الأكثر تضرراً في الثالث من نوفمبر، عندما رشق الناجون الملك فيليبي السادس، وزوجته ليتيسيا، ورئيس الوزراء بيدرو سانشيز وكارلوس مازون بالوحل أثناء زيارة قاموا بها للبلدة.
تم إجلاء سانشيز ومازون من المكان، وانهارت الوحدة بين الطرفين مع تبادل الحكومة المركزية اليسارية، والإدارة الإقليمية المحافظة الاتهامات بشأن طريقة التعامل مع الفيضانات.
ووفق وكالات، قال سانشيز إن الفيضانات “كانت بالتأكيد الأسوأ في أوروبا هذا القرن”، وأقرَّ بوجود “نقصٍ حاد” في منطقة الكارثة، وتحدث عن “البلديات المدفونة في الوحل”.
وعدَّد وزير الاقتصاد كارلوس كويربو، الخميس، قائمة من الممتلكات المتضررة بناء على بيانات التأمين، بما في ذلك 69 ألف منزل، و125 ألف مركبة، و12 ألفاً و500 عمل تجاري.
وحاولت الحكومة جاهدة وضع حزم مساعدات تبلغ قيمتها 16.6 مليار يورو (17.5 مليار دولار) على شكل منح وقروض لمساعدة المواطنين على تجاوز المحنة.
وقال سانشيز في البرلمان هذا الأسبوع: “ما زال هناك عمل كثير ينبغي القيام به”.
وحذَّر بنك إسبانيا من أن الكارثة قد تخفض النمو في البلاد بنسبة تصل إلى 0.2% في الفصل الأخير من 2024.