“بلا ضجة كبيرة”.. هكذا يخطط بايدن لمغادرة البيت الأبيض
يتطلّع الديمقراطيون إلى طي صفحة “عام صعب”، خسروا فيه السباق إلى البيت الأبيض مجدداً أمام الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب، الذي خطف الكثير من الأضواء قبل فترة طويلة من توليه منصبه لولاية ثانية، وسط موجة استياء بين أنصار الحزب الديمقراطي، وفق صحيفة “ذا هيل”.
وذكرت الصحيفة، أن الرئيس جو بايدن شرع في عدة رحلات خارجية مهمة منذ الانتخابات، كما أصدر عفواً كاملاً عن نجله هانتر، ما أثار تساؤلات بعد إصراره طيلة شهور على أنه لن يفعل ذلك.
ويعمل الرئيس الأميركي بايدن كذلك، على عدة ملفاتا عالقة في نهاية ولايته، إذ يسعى إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعزيز المساعدات لأوكرانيا، بينما يلقي خطابات في واشنطن وحولها خلال فترة العطلات. كما أحدث بايدن ضجة قبل عيد الميلاد مباشرة بإعلانه عن تخفيف أحكام 37 شخصاً ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام الفيدرالية.
مع ذلك، لم يسجل الرئيس حضوراً جماهيرياً يُذكر، في حين استحوذت سلسلة إعلانات ترمب عن حكومته الثانية، ومقابلة تلفزيونية، ومؤتمره الصحافي الأول منذ فوزه بالانتخابات في مقر إقامته بمنتجع “مار إيه لاجو” بولاية فلوريدا على قدر كبير من اهتمام وسائل الإعلام.
وهذا بالإضافة إلى مشاركة ترمب وحلفائه في مفاوضات تمويل الحكومة المرهقة في نهاية العام، التي التزم بايدن والبيت الأبيض الصمت فيها إلى حد كبير. وقاد هذه الجهود إلى حد كبير زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب النائب حكيم جيفريز.
غياب متوقع
واعتبر الجمهوريون أن غياب الرئيس بايدن عن اللحظات المهمة “أمر متوقع”، بالإضافة إلى تجنبه للصحافة بكل الوسائل تقريباً.
ونقت الصحيفة عن دوج هيه، وهو خبير استراتيجي في الحزب الجمهوري، قوله: “لقد اختفى (بايدن) لفترة طويلة. لقد رأيناه يذهب إلى إفريقيا، ولم يرد على أي أسئلة، كان بمقدور الجميع ملاحظة ذلك، وكان بمنأى عن الصحافة إلى حد كبير. نحن نعلم أنه سيذهب إلى إيطاليا، ومن المفترض أن تتمتع وسائل الإعلام بنفس القدر من الوصول”.
ووفقاً لصحيفة “ذا هيل”، لم يفعل الديمقراطيون أيضاً الكثير لدعم زعيم حزبهم، وبدلاً من ذلك عبروا عن تطلعهم لرحيل بايدن عن منصبه، حتى لو لم كانوا لا يحبون من سيخلفه.
وفي تعليق على الأمر، قالت إحدى جماعات الضغط الديمقراطية: “لا يوجد سوى مثل هذا المستوى الكبير من خيبة الأمل في الطريقة التي تنتهي بها هذه الرئاسة. الأمر أشبه بالاستقالة في هذه المرحلة”.
وأضافت المجموعة: “في صفوف الديمقراطيين، لا أحد يتطلع إلى أن يصبح دونالد ترمب رئيساً، لكن الجميع مستعدون لانتهاء رئاسة بايدن”.
من جانبه، قال جون فافرو، كاتب خطابات الرئيس السابق باراك أوباما، إن المؤتمر الصحافي لترمب سلط الضوء على فكرة أن بايدن كان غائباً عن الساحة العامة، على الرغم من حقيقة أن بايدن نفسه كان يلقي خطاباً في وزارة العمل بينما كان ترمب يعلن عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار من “سوفت بنك”.
وأضاف فافرو على مدونته الصوتية Pod Save America: “كان بشكل أو بآخر إعلاناً سياسياً رئاسياً عادياً إلى حد ما، والفرق الوحيد هو: ترمب ليس رئيساً بعد. وهي حقيقة أصبح نسيانها أكثر سهولة وبساطة، إذ أن بايدن على ما يبدو يختفي من الساحة العامة مع انتهاء ولايته”.
وذكر فافرو، أن ترمب حضر مباراة كرة القدم السنوية بين الجيش والبحرية في ولاية ماريلاند في وقت سابق من الشهر الجاري، لافتاً إلى أن بايدن لم يحضرها منذ انتخابه.
واعتبر أن ترمب وضع نفسه مجدداً في دائرة الضوء الإعلامية، بشكل جزئي من خلال المرافقين له، بما في ذلك مرشحه المتعثر لمنصب وزير الدفاع، المذيع في شبكة Fox News بيت هيجسيث.
ترمب “أكثر تحفظاً”
في المقابل، قال بعض الديمقراطيين إنهم غير منزعجين من سرقة ترمب للأضواء في الشهر الأخير، معتبرين أنه لا يتصرف بشكل غير لائق، ويبدو “أكثر تحفظاً” مما كان عليه قبل 8 سنوات، فيما يشعر أنصار للحزب الديمقراطي باستياء إزاء ما تبقى من فترة ولاية بايدن.
وأشار آخرون إلى أن الرئيس السابق أوباما، سرق انتباه وسائل الإعلام في عام 2008، عندما انتُخب لأول مرة بينما كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش يغادر البيت الأبيض.
وحقيقة أن ترمب يتصرّف مثل الرئيس قبل توليه منصبه رسمياً، وصفها أحد المانحين الديمقراطيين منذ فترة طويلة بأنها “مسألة إعلامية” أكثر من كونها مشكلة حقيقية.
وأضاف: “لم أر الكثير من الأمور التي فعلها، التي تعد مثيرة للاعتراض. إنه يحث الناس على الاستثمار في الولايات المتحدة، وهذا أمر جيد. إنه يجتمع مع قادة أجانب. عندما يفوز أشخاص آخرون في الانتخابات، فإنهم غالباً ما يتلقون مكالمات هاتفية من قادة أجانب”.
وتابع المانح الديمقراطي: “بالتأكيد، المحادثات ليست مختلفة كثيراً عندما وجها لوجه عن تلك التي تجري عبر الهاتف. إذا تصرف (ترمب) بشكل غير لائق، فسيكون ذلك مزعجاً، لكنه يبدو أكثر تحفظاً مما كان عليه قبل ثماني سنوات”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “الناس، بما في ذلك على الأرجح الكثير من الناس في البيت الأبيض، مستعدون لانتهاء الأمر. الإدارة أنجزت الكثير، لكن أهم شيء كان الفوز، ولم نفز”.
في غضون ذلك، يواصل البيت الأبيض العمل وراء الكواليس على جبهتين خارجيتين رئيسيتين عندما يتعلق الأمر بزيادة المساعدات لأوكرانيا، ومحاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
لكن ترمب أثار جدلاً واسعاً خلال بعض الاجتماعات، التي عقدها مع قادة أجانب، وبينهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بمزاحه عن إمكانية أن تصبح كندا الولاية الـ51 للولايات المتحدة، بعد تهديده بفرض رسوم جمركية كبيرة.
“إرث” بايدن
لكن آدم أبرامز، الذي كان مسؤولاً عن الاتصالات في البيت الأبيض في عهد أوباما، اعتبر أن بايدن لا يزال قادراً على جذب الانتباه خلال الأسابيع الأخيرة من رئاسته، لتحديد إرثه وفقاً لشروطه إذا اختار القيام بذلك باستخدام منصة السلطة.
وقال أبرامز: “الرئيس بايدن يستطيع وسيستفيد بشكل كامل من منصة السلطة لتعريف إرثه التاريخي، وتفصيل كل ما حققه، والمنطق الملحوظ لقيمه ونطاق إنجازاته. مع ذلك، بصفته الرئيس، لا يحتاج إلى التنافس على جذب انتباه وسائل الإعلام، أو الجمهور، يمكنه أن يأمر بذلك”.
وأضاف: “بينما يستمر الحماس مع انتقال ترمب، ومعركة التمويل في نهاية العام في الكابيتول، يعمل الرئيس بايدن بنشاط على تعزيز سجله من خلال استغلال الجزء الأخير (من ولايته) لإحراز تقدم في أولوياته الأساسية”.
بدوره، وصف إيفان زابين، المسؤول السابق في اللجنة الوطنية الديمقراطية، مشاعر نهاية العام، بأنها أقل تركيزاً على بايدن، وأكثر تركيزاً على الاستياء بشكل عام بين الديمقراطيين.
وقال زابين، إن “الخسارة ليست أمراً ممتعاً”، لافتاً إلى أن هذا شعور سائد في مختلف أطياف الحزب الديمقراطي، مضيفاً: “لن أقول إن هذا الأمر الإرهاق الناجم عن بايدن، لكنه أقرب إلى شعور (حسناً، لقد كان الأداء سيئاً، استرح استعداداً للانتخابات المقبلة”.