كيف نرتقي بالرياضة؟ كرة القدم أنموذجًا
ناصر بن سلطان العموري
اختُتِمَتْ مؤخرًا بطولة كأس الخليج لكرة القدم السادسة والعشرين، والتي أقيمت في دولة الكويت، وانتهت بفوز منتخب البحرين الشقيق على منتخبنا في المباراة النهائية بعد مباراة دراماتيكية متباينة في شوطيها بين فرح وحزن.
لن ندخل في صلب تحليل المباراة؛ فهي قد أُشبعت تحليلًا من المختصين بعالم كرة القدم وغيرهم من المتابعين بها. ولكوني قد حضرت المباراة، فإن لدي عدة نقاط تفرض عليّ أمانة القلم، طرحها عبر هذا المقال، لعلها تجد صدى لدى الجهات المختصة.
أولًا: الجماهير العُمانية: متى الانصاف؟ شاهدتُ الجماهير العُمانية الحاضرة للمباراة النهائية والتي قطع بعضهم مسافات طويلة بالسيارة، وقد تخطى حدود الدولة تلو الأخرى، ليحضر المباراة، لكنهم عندما وصلوا أخذوا يبحثون عن تذاكر للمباراة خارج ملعب اللقاء! الأمر كان بحاجة لتنظيم من جانب الاتحاد العُماني لكرة القدم، من خلال وضع إعلانات حول أماكن بيع التذاكر، عوضًا عن التكدس الذي شاهدناه عند بوابة إستاد جابر الأحمد، والبحث والسؤال هنا وهناك عن التذاكر، متخوفين عن عدم حضور اللقاء، وقد تجشموا عناء السفر. ولعدم وجود تنظيم من قبل الاتحاد العُماني كان الدخول قبل بداية اللقاء بدقائق عشوائيًا وغير مُنظَّم للجماهير العُمانية التي حصلت على التذاكر متأخرة، كيف حصلت عليها لا يهم! مما تسبب في أن تكون جماهير الخصم أكثر تنظيمًا وعددًا في التشجيع، خلال مجريات اللقاء، وهو ما أثّر بطبيعة على سير المباراة. واعتقد أن الأمر بحاجة لاستحداث لجنة شغلها الشاغل تنظيم حضور الجماهير للمباريات خصوصا النهائية منها يتم إسناد متابعة هذا الملف إليها من ناحية أماكن التجمع وطرق الحصول على التذاكر.
ثانيًا: إخفاق النهائيات: أتمنى من الاتحاد العُماني لكرة القدم البدء في إعداد دارسة متأنية حول أسباب إخفاق المنتخب في الحصول على البطولة، رغم وصوله للمباراة النهائية 6 مرات، وهو ما يمثل رقمًا كبيرًا لمرات الوصول، مقابل الفوز باللقب مرتين فقط! أي أقل من النصف، مما يمثل إخفاقًا، له مُسبِّباته التي قد تكون إدارية بحتة أو فنية أو حتى رياضة أو اجتماعية! فقط تصوروا كيف سيكون وضعنا لو كنا حصلنا على البطولة 4 مرات! لكن كلمة “لو” وأضع تحتها ألف خط ووراؤها ألف سبب!
ثالثًا: الدوري العُماني: حقيقية لا تعليق! حلمنا أن يكون لدينا دوري محترفين، لكننا ما زلنا ندور في دوامة الأحلام، ونسينا أن الوضع بحاجة لعمل وجهد ودعم ونية وطنية مُخلِصة؛ فاللاعب العُماني موهوب بالفطرة، وفى كل الرياضات، والدليل تأهلنا للمباراة النهائية أكثر من مرة، ومقارعتنا لدول تعد كرة القدم عندهم صناعة، والدوري لديهم عالمي، ونجومه قيمتهم بملايين الدولارات؛ بل وتفوَّقنا عليهم على أرض الميدان، ليس بفضل قوة الدوري لدينا، ولا توفر الملاعب الرياضية المتكاملة عندنا، لكن بفضل وطنية وقتالية اللاعب العُماني وموهبته، التي لا يختلف عليها اثنان. الخوف الآن من هجرة لاعبينا للبحث عن التميز والاهتمام والمستقبل المشرق خارج الديار في ظل مستوى الدوري لدينا. ولذلك، المطلوب الان التكامل والاتحاد بين جميع اطراف المنظومة الرياضية في السلطنة، والعمل على نقل مسابقات الدوري لدينا الى مصاف دوري المحترفين، بما يؤهلنا من دعم الأندية لاستقبال اللاعبين المحترفين وجلب المزيد من الرعاة من شركات القطاع الخاص لتطوير الكرة العُمانية ورفع قيمة اللاعب المحلي.
رابعًا: الاستثمار الرياضي: لكي نرتقي بالرياضة العُمانية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، لا بُد من قرار جريء من الحكومة بإلزام الشركات الكبرى والبنوك للبدء في الاستثمار في الأندية العُمانية، ودخول خط الاستثمار في الأندية الرياضية، من خلال رعاية أفضل 6 أندية محلية بمخصصات مالية تكفي لجلب لاعبين ومدربين، وإعداد فرق سنية بالأندية؛ وهو ما سوف يزيد من المتابعة الجماهيرية، ويجلب معه رعاة آخرين، وينشط النقل التلفزيوني، ويرفع قيمة المسابقة تسويقيًا. ومن شأن هذه التجربة ان تساهم في تنشيط قطاع مجال جديد في الاستثمار وإيجاد فرص عمل، كما يمكن لهذه التجربة ان ترتقي بكرة القدم وغيرها من الرياضات وتصل للعالمية وتنافس، عوضًا عن حصرها في الاطار الخليجي عبر كأس الخليج فقط!!
خامسًا: البنية الأساسية الرياضية: ما اقصده هنا المجمعات الرياضية وملاعب الأندية المحلية، فالمرء منا يشعر بالغيرة عند زيارة ملاعب الدول الأخرى من اندية واستادات حكومية، وكيف وصلت البني الأساسية الرياضية لديهم من تطور وجمالية تأسر العيون، ونحن أكبر مجمع رياضي لدينا وهو مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر لم يشهد أي تجديد أو توسعة منذ سنين، ما تغير بعض الإضافات البسيطة التي لا تُذكر، وكان بالإمكان تجديده أسوة بما يحصل من تجديد للملاعب العالمية. ولما لا يتم الاستعانة بتلك الشركات العالمية التي قامت بتجديد ملاعب عالمية وتحويلها الى أيقونات رياضية. علاوة على أن التوجه في استثمار الأندية الرياضية لدينا من شأنه ان يرتقي بالبنية الأساسية الرياضية، من خلال ضخ الأموال لتكون بشكل افضل واجمل وارقي تسعد الحاضر المحب للرياضة وتخدمه على اكمل وجه.
كلمة خارج النص..
شكرًا عُمانتل والشركات العُمانية الأخرى التي قامت بدعم المنتخب من خلال تسيير عدة رحلات لحضور النهائي، وتخيلوا كيف سيكون حال الحضور العُماني بالنهائي، لو لم تكن هناك هذه الجماهير بعد أزمة الحصول على التذاكر! وهذا يُعيدنا إلى نقطة المشجع العُماني الذي يجب أن يكون هو الأهم في أي استحقاق خارجي؛ فهو اللاعب رقم 12، الذي لا يُمكن الاستغناء عنه.