اخر الاخبار

تحول سياسات “ميتا”.. هل يسعى زوكربيرج للتقارب مع إدارة ترمب؟

حاول مارك زوكربيرج لسنوات عدة، إبقاء منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به بعيدة عن صراعات السياسة الحزبية، لكن التغييرات الأخيرة التي أجرتها “ميتا” في استراتيجيتها وسياساتها، من خلال تبني مواقف أكثر انفتاحاً تجاه حرية التعبير، فُسرت على أنها محاولة للتقارب مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأوضحت الصحيفة في تحليل نشر، الأربعاء، أنه نظراً للمشاكل الكثيرة المرتبطة بإدارة تلك المنصات التي باتت بمثابة “حكومات شبه رسمية”، فإن آخر ما قد يرغب فيه زوكربيرج هو أن يصبح متورطاً بشكل كبير مع الحكومات الفعلية، التي قد تستخدم قوة القانون للمطالبة بفرض رقابة على أصوات معينة، أو التلاعب بمواضيع حساسة سياسياً، أو التهديد بسجن المسؤولين التنفيذيين في “ميتا” لعدم الامتثال للقواعد. 

لكن الصحيفة أضافت أن هذا ما كان الوضع عليه في الماضي، أما الآن، وقبل أيام قليلة من بدء ولاية ترمب الثانية، فإن زوكربيرج يقوم بإجراء تحول كبير في شركته نحو حركة MAGA (جعل أميركا عظيمة مرة أخرى) المرتبطة بترمب.

ورأت الصحيفة أن القيام بهذه العملية يكشف أن “ميتا” لديها فراغاً كبيراً في جوهرها، إذ إنها ليست متأكدة تماماً من ماهيتها، أو من أين ستأتي المرحلة التالية من نموها، لكنها في الوقت الحالي، ستتبنى أي قيم يعتقد مؤسسها زوكربيرج أنها ضرورية من أجل بقائها. 

ميتا.. تغييرات متسارعة

وأشارت الصحيفة إلى أن التغييرات الأخيرة التي شهدتها الشركة بدأت قبل الانتخابات الأميركية، عندما قام زوكربيرج، الذي أدت مساهماته في جهود نزاهة الانتخابات في عام 2020 إلى دفع ترمب إلى تهديده بالسجن مدى الحياة، بمدح الرئيس المُنتخَب ووصف تصرفه في لحظة محاولة اغتياله أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة بأنه “قوي ومُلهم”. 

وذكرت الصحيفة أن هذه التغييرات تسارعت في الأسابيع الأخيرة، بعد أن التقى ترمب، وزوكربيرج في منتجع مار إيه لاجو في فلوريدا، لإصلاح العلاقات.

والأسبوع الماضي، تم استبدال رئيس السياسة العالمية في “ميتا”، نيك كليج، الذي تولى سابقاً منصب نائب رئيس الوزراء البريطاني، والاثنين، أعلنت “ميتا” عن تعيين ثلاثة أعضاء جدد في مجلس إدارتها، بما في ذلك دانا وايت، المدير التنفيذي لرابطة Ultimate Fighting Championship، وهو صديق مقرب وحليف سياسي للرئيس المُنتخَب. 

كما أعلن زوكربيرج، في مقطع فيديو نشره على تطبيق “إنستجرام”، الثلاثاء، أن “ميتا” ستستبدل برنامج تدقيق الحقائق الخاص بها بميزة “ملاحظات المجتمع”، المشابهة للسياسة المُتبعة في منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي.  

كما تعمل الشركة على مراجعة قواعدها، للسماح بمزيد من الانتقادات لمجموعات معينة، بما في ذلك المهاجرين والمتحولين جنسياً، مع السماح للمستخدمين برؤية المزيد من “المحتوى المدني” في خلاصة الأخبار الخاصة بهم، فضلاً عن نقل عمليات مراجعة المحتوى من كاليفورنيا إلى تكساس لتجنب ظهور أي انحياز سياسي، على حد قوله. 

ووصفت الصحيفة، السبب الذي ذكره زوكربيرج وراء هذه التغييرات، وهو أن “ميتا” أدركت أن قواعدها القديمة أدت إلى وجود رقابة مفرطة، وأنها يجب أن تعود إلى جذورها كمنصة للتعبير الحر، بأنه “هراء”. 

وقالت “نيويورك تايمز” إن الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” غيَّر وجهات نظره بشأن حرية التعبير عدة مرات من قبل، وذلك عادةً بما يتماشى مع الرياح السياسية السائدة، معتبرة أن تفاصيل التغييرات الأخيرة، وكذلك طريقة الإعلان عنها، تُظهر الغرض الحقيقي ورائها بوضوح. 

وأضافت: “النظرية الأشهر حول دوافع زوكربيرج هي أنه ببساطة يفعل الشيء المناسب سياسياً، وهو ما يتمثل الآن في التودد إلى إدارة ترمب المقبلة، تماماً كما فعل العديد من عمالقة وادي السيليكون، وذلك على أمل الحصول على صفقات أفضل له ولشركة (ميتا) أثناء وجود ترمب في منصبه”. 

وذكرت الصحيفة أن هناك نظرية مختلفة، مدعومة بالمحادثات التي تم إجرائها من قبلها مع العديد من أصدقاء وزملاء زوكربيرج في الأشهر الأخيرة، وهي أن سياساته الشخصية قد تحولت بشكل حاد نحو اليمين منذ عام 2020، وأن تبنيه لأفكار ترمب قد يكون نابعاً من حماس حقيقي وليس من انتهازية. 

وتابعت: “صحيح أنه لا يمكن إثبات هذه النظرية أو دحضها، لكنها تبدو معقولة، ومن الواضح أن زوكربيرج كان يدرس كتاب القواعد الخاص بالملياردير إيلون ماسك، ففي مقطع الفيديو الذي نشره هذا الأسبوع للإعلان عن التغييرات التي أجرتها (ميتا)، تحدث مؤسس الشركة بازدراء شديد عن (الإعلام التقليدي)، وهي عبارة مفضلة لدى ماسك، كما اتهم موظفيه في كاليفورنيا بالتحيز السياسي، كما فعل ماسك عندما استحوذ على منصة تويتر (إكس حالياً)”. 

قواعد ميتا الجديدة

ورأت الصحيفة أنه مهما كان السبب وراء هذه التغييرات التي أجراها زوكربيرج في “ميتا”، فإنها تمثل أكبر عملية إعادة ترتيب سياسي للشركة منذ عام 2016، عندما استجابت للمعلومات المضللة التي انتشرت على “فيسبوك”، والانتقادات واسعة النطاق لدورها في انتخاب ترمب من خلال تعديل قواعدها واستثمار مليارات الدولارات في مراجعة المحتوى. 

ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أن قائمة الأشخاص المتضررين من قواعد “ميتا” الجديدة قد تكون طويلة، إذ قد تشمل المهاجرين، والمتحولين جنسياً، وضحايا التنمر والتحرش عبر الإنترنت، بالإضافة إلى مستخدمي “فيسبوك” و”إنستجرام” الذين يرغبون في رؤية معلومات موثوقة عند استخدام هذه المنصات. 

وتابعت: “لكن الضحية الأغرب قد يكون زوكربيرج نفسه، الذي لطالما كان يسعى لتجنب الوقوع في أزمة بسبب الضغوط السياسية، لكنه سيتم الحُكم عليه الآن أو على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة، أو حتى تتغير الرياح السياسية في الولايات المتحدة مرة أخرى من خلال مدى استعداده للاستسلام لليمين في قضايا حرية التعبير”. 

وذكرت الصحيفة أن مؤسس “ميتا” قد يجد أن حلفائه الجدد في اليمين يطلبون منه فرض المزيد من الرقابة، أو أن يكونوا أقل تسامحاً مع أخطائه، على عكس ما كان الحال عليه مع اليسار، كما أن الفوائد التي يتوقعها من التودد إلى ترمب قد لا تتحقق بشكل كامل كما يأمل، بالإضافة إلى وجود عامل معقد آخر وهو أن ماسك، المستشار التكنولوجي الأقرب للرئيس المُنتخَب، ليس من محبيه.  

ووفقاً للصحيفة، فإن المشكلة الحقيقية التي تواجهها “ميتا” هي أنها لا تعرف ما هي، فهل هي مجرد مزود لتطبيقات التواصل الاجتماعي القديمة؟ أم هي رائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر؟ أم هي مُصمَمة لإنشاء أجهزة الواقع المُعزَز من الجيل التالي؟ أم هي وسيلة يستخدمها الناس للتواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم؟ أم هي شيء آخر أغرب من ذلك؟  

وختمت الصحيفة تحليلها قائلة، إن إعادة ترتيب سياسات “ميتا” قد يمنح زوكربيرج بعض الوقت للإجابة على هذه الأسئلة، لكن لكي تنمو الشركة بعد انتهاء ولاية ترمب في البيت الأبيض، فإنه يتعين عليه أن يفعل ما هو أكثر من مجرد “الانحناء للريح”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *