سر ارتفاع معدلات انسحاب وشطب الشركات من البورصة المصرية
نتيجة طبيعية لمناخ الاستثمار السلبى..
شهدت البورصة المصرية، خلال الشهرين الماضيين فقط، شطب 3 شركات، وهو الأمر الذي أثار حالة من الجدل في أسواق المال، ولا سيما مع توقعات تسبب ذلك في أداء سلبى للاستثمار الفترة المقبلة وخاصة أن عمليات التخارج لا يوجد مقابلها طروحات جديدة، حسب ما ذكره خبراء.
وكانت إدارة البورصة أعلنت شطب شركتين خلال أكتوبر الماضي.
وكشف التقرير الشهري الصادر عن مركز معلومات البورصة، شطب شركتي جينيال تورز، والعربية المتحدة للشحن خلال أكتوبر، برأس مال للأولى يبلغ 30 مليون جنيه، وللأخيرة 200 مليون جنيه.
في المقابل، أعلن قطاع القيد بالبورصة، في 16 أكتوبر الماضي، تلقيه طلب قيد أسهم «المصرف المتحد»، بجدول قيد الأوراق المالية المصرية أسهم بالسوق الرئيسي، بقيمة 1.1 مليار جنيه.
وبحسب التقرير، سجلت قيمة التوزيعات النقدية على المساهمين في البورصة خلال أكتوبر، أعلى قيمة منذ بداية العام، عند 20.5 مليار جنيه، بينما كان أبريل الماضي ثاني أكثر أشهر العام من ناحية توزيع الأرباح النقدية على المساهمين بما يتجاوز 19 مليار جنيه.
وخلال نهاية ديسمبر 2024، أعلنت شركة حديد عز، إحدى أكبر شركات الصلب في مصر والشرق الأوسط، موافقة مجلس إدارتها على تنفيذ إجراءات الشطب الاختياري من جداول القيد بالبورصة المصرية، وهذا القرار في سياق مجموعة من التحديات التي تواجه الشركة على المستويين المحلي والدولي، والتي دفعتها إلى إعادة النظر في استمرارها داخل السوق المالية.
وأشارت الشركة، إلى أن تقلبات سعر سهم الشركة في البورصة تسبب في تأثيرات سلبية على المستثمرين وأداء الشركة، حيث الشطب الاختياري يهدف إلى تقليل هذه الضغوط، خاصة في ظل التحديات الراهنة.
بينما عام 2023، أعلنت البورصة المصرية شطب شركتين من كبار الشركات الموجودة بأسواق المال نتيجة صفقات استحواذ أيضًا هى: البويات والصناعات الكيماويات باكين عملاق صناعة الدهانات في مصر والشرق الأوسط نتيجة استحواذ إماراتى على أسهم الشركة، وكذلك شركة العز الدخيلة.
وحذر الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، من انخفاض عدد الشركات المقيدة في البورصة المصرية، وزيادة عمليات شطب الشركات.
وقال «توفيق»، إن البورصة مرآة للثقة فى الاقتصاد، لافتًا إلى أن قيمة الأسهم بالبورصة انخفضت من 114% من الناتج المحلى عام 2005 إلى 14% فقط حاليًا، وكذلك انخفاض عدد الشركات المقيدة، وزيادة عدد التى تشطب اسهمها، والتى تنزح للخليج، هو نتيجة طبيعية لمناخ الاستثمار السلبى.
الخروج من المؤشرات العالمية
وفي هذا السياق، قال إسلام عبد العاطي، المحلل المالي بشركة بايونير لتداول الأوراق المالية، إن سوق الأوراق المالية ينظر لها من ناحيتين أولهما ثانوي وثانيهما أولي، لافتًا إلى أن السوق الثانوية هي أسهم الشركات الموجود بالفعل ويتم التداول عليها، بينما الأولية هي إنشاء شركات جديدة.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«»، أن سوق البورصة الثانوية يعتبر غير مؤثر لدى البعض ولكنه له دور في جذب الاستثمارات الأجنبية، والذي تدخل من خلال سوق المال، موضحًا أن المستثمر الأجنبي، يفضل الاستثمار في شركات موجودة في السوق بحيث يستطيع تقييمها والخروج منها الوقت المناسب.
وتابع: «سوق البورصة أيضًا يسهل على البعض التمويل، فهناك بعض الشركات المساهمة في الاقتصاد ولديها عمالة وتصدير، تحتاج إلى عمل توسعات في أنشطتها فتضطر إلى اللجوء للبنوك أو زيادة رأس المال عن طريق البورصة هو الخيار الأسهل».
وأشار «عبد العاطي»، إلى أن الشركات التي تنسحب وتشطب من البورصة بتضر الاقتصاد والأسواق، حيث إنها تقلل حجم التداول وقيمتها، وخاصة إذا كانت هذه الشركات مؤثرة عالميًا، وهو ما يؤدي إلى خروج السوق المصرية من التصنيفات العالمية، مثل مؤشرات مورجان ستانلي ومؤشرات أمريكا، وبعض المؤشرات كأسواق ناشئة.
وأوضح أن هناك أهمية كبيرة لوجود الأسواق المصرية في المؤشرات العالمية وهي صناديق الاستثمار الأجنبية والتي لا تدخل إلا في الأسواق ضمن هذه المؤشرات والتي تعمل كدعاية للدول، متابعًا: «الأسواق في المنطقة التي تسعي إلى استقطاب استثمارات أجنبية تتمثل في تركيا ومصر وإسرائيل والسعودية والإمارات، وعند خروج مصر من المؤشرات العالمية يعطي فرصة أمام الصناديق الاستثمار الأجنبي إلى الذهاب إلى الأسواق الأخرى في المنطقة».
وحول النزوح الشركات إلى الخليج، أكد المحلل المالي، أن هناك بعض الشركات المصرية خرجت من السوق وتم الاستحواذ عليها من قبل بعض الخلايجة، نافيًا إدراج أي منهم في بورصة خارجية.
مصدر للعملة الصعبة
ومن ناحيته، قال إيهاب سعيد، خبير أسواق المال، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية سابقًا، إنه خلال 2014 كان مقيد في البورصة المصرية 247 شركة، وحتى الآن لا يوجد سوى 247 شركة أيضًا في 10 سنوات، وهذا يعني عدم وجود شركات جديدة تدخل الأسواق، لافتًا إلى أن السوق تعاني من دخول الشركات الضعيفة جدًا، بجانب خروج وشطب شركات أخرى.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«»، أنه في المقابل، إذا نظرنا إلى السوق السعودية الأكبر في المنطقة عام 2014 كان 110 شركات، وحاليًا 233 شركة، بنسبة زيادة 110%، قائلًا: «السوق الوحيدة الثابتة بل في تراجع في عدد شركاتها هي السوق المصرية، وهذا يرجع إلى إحجام بعض الشركات عن القيد، بالإضافة إلى تأخر الطروحات الحكومية لمدة 9 سنوات».
وأشار «سعيد»، إلى أن الحكومة تطرح شركتها بالقطارة، حيث تم طرح المصرف المتحد مؤخرًا بعد تعليمات صندوق النقد الدولي، خلال البرنامجين الماضيين.
وتابع: «إحجام القطاع الخاص جاء لعدم وجود مميزات للقيد في البورصة، بجانب الضرائب والقواعد وإجراءات، والقرارات التي تصدر دون أي تطبيق، حيث الشركات تخسر من طرح أسهمها في البورصة وآخرها شركة حديد عز والتي تسعي للخروج وهو ما يعد كارثة».
وأوضح خبير أسواق المال، أن البورصة المصرية أصبحت لا تعبر عن الاقتصاد، متابعًا: «خلال الـ10 سنوات الماضية لم تظهر البورصة سوى مرتين فقط خلال انخفاض قيمة العملة، فالبورصة مؤثرة في أي اقتصاد ولكن عدم الاهتمام بها في مصر يعتبر أحد أسباب أزمة الدولار لأنها مصدر للعملة الصعبة عن طريق جذب مستثمرين أجانب».
وطالب الحكومة بسرعة طرح بين 7 و8 شركات قوية جاذبة في البورصة المصرية، لافتًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى تسارع المستثمرين الأجانب لشراء الأسهم والحصص.