اخر الاخبار

رئيسة “الصليب الأحمر” ل: سنساعد السوريين على التعافي

كانت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” من أبرز المنظمات الدولية التي زارت دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 من كانون الأول 2024، والتقى وفد منها رئيس حكومة دمشق المؤقتة، محمد البشير.

رئيسة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ميريانا سبولياريتش، كانت ضمن الوفد الذي زار دمشق والتقى البشير، في 6 من كانون الثاني الحالي، إلى جانب رئيس “الهلال الأحمر السوري”، حازم بقلة، وأعضاء من “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، ومدير مكتب الشؤون السياسية في حلب، سعد نعسان.

تعود بداية نشاط “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في سوريا إلى العام 1976، ويضم فريقها أكثر من 700 موظف يعملون في مكاتبها بدمشق وحلب ودير الزور والحسكة وحمص، وتخطط “اللجنة” لزيادة عملها “بشكل كبير” هذا العام، وفق ما تحدثت به سبولياريتش ل.

وتعمل “اللجنة” بشكل رئيس مع “الهلال الأحمر السوري”، وتتضمن أنشطتها استعادة الروابط بين أفراد العائلات التي شتتتها النزاعات والأزمات، وتأمين الغذاء والدواء والماء للمتضررين، والتوعية لمخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة.

تواصلت مع رئيسة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ميريانا سبولياريتش، وطرحت عليها أسئلة حول نتائج زيارتها الأخيرة إلى سوريا، والتعاون مع حكومة دمشق المؤقتة، ورؤية اللجنة وأولوياتها بالعمل في سوريا، وعملها حول ملف المفقودين.

زيارة استكشافية

قالت ميريانا سبولياريتش في حديثها ل، إن الهدف الرئيس من زيارتها لدمشق كان “التواصل مع السلطات الجديدة”، واستكشاف كيفية توسيع نطاق مساعداتنا الإنسانية “نظرًا للاحتياجات الهائلة في سوريا التي تتطلب دعمًا كبيرًا”.

وتركز النقاش مع رئيس حكومة دمشق المؤقتة، محمد البشير، على التحديات الإنسانية الحرجة في سوريا والدور الحيوي للقانون الدولي الإنساني في معالجتها.

وأكدت سبولياريتش التزام “اللجنة” بدعم السوريين في جميع أنحاء البلاد، بالتعاون “الوثيق” مع “الهلال الأحمر العربي السوري”، والتزام “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بدعم عائلات المفقودين في بحثهم عن إجابات.

كما كانت زيارة سبولياريتش لتقييم حالة البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك أنظمة الصحة والمياه والكهرباء، التي تعد حيوية لرفاهية وصمود المجتمعات في سوريا، و”سنواصل العمل لضمان استدامة إمدادات الطاقة والمياه للسكان، وسنعمل أيضًا على زيادة مساعداتنا في قطاع الصحة”، وفق تعبير سبولياريتش.

ولم يكن لـ”اللجنة” مكاتب في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد، لكن سبولياريتش زارت إدلب، ووصفت زيارتها بأنها تبعث الأمل بأن يتم تسهيل العمل الإنساني، ما يمكننا من ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين.

وكان الوصول الإنساني خلال الـ13 سنة الماضية “غالبًا ما يُسيّس”، وفق سبولياريتش، وهو نمط عاقب الأكثر ضعفًا من خلال جعل الحصول على المساعدة أكثر صعوبة.

ونوهت سبولياريتش إلى أنه رغم القيود المفروضة على الوصول في شمالي سوريا، نفذت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” أكثر من 120 مشروعًا في إدلب وشمال حلب خلال العقد الماضي، مع التركيز بشكل رئيس على إعادة تأهيل المياه والبنية التحتية.

ورغم أن “اللجنة” وجدت طرقًا لدعم المحتاجين (في إشارة إلى مناطق سيطرة المعارضة)، فإن الوصول المباشر أكثر كفاءة بكثير، وبالنظر إلى حجم الاحتياجات في سوريا، فمن مصلحة الجميع تسهيل الدعم الإنساني حتى يتم الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص بأسرع وقت ممكن، و”لتحقيق ذلك، ستكون الآليات التي تضمن وصولًا آمنًا وغير معرقل للمنظمات الإنسانية إلى المحتاجين أمرًا بالغ الأهمية”، وفق تعبير سبولياريتش.

لقاء رئيسة "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، ميريانا سبولياريتش، مع رئيس حكومة دمشق المؤقتة محمد البشير - 4 من كانون الثاني 2025 (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)

لقاء رئيسة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ميريانا سبولياريتش، مع رئيس حكومة دمشق المؤقتة محمد البشير – 4 كانون الثاني 2025 (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)

تحديات.. التعافي يستغرق وقتًا

قالت سبولياريتش إن السنوات الماضية في سوريا خلفت “ندوبًا غائرة، وتركت السكان المدنيين في سوريا يواجهون تحديات كبيرة”، مشيرة إلى أن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني “أمر حاسم” لتمهيد الطريق نحو الاستقرار طويل الأمد.

واحترام القانون الدولي الإنساني يخفف من المعاناة عبر مساعدة العائلات في الحصول على إجابات حول أحبائهم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، ومعاملة المحتجزين بإنسانية، وشعور الناس بالأمان للعودة إلى منازلهم.

وأكدت سبولياريتش ضرورة حماية المرافق الصحية من الأعمال العدائية، ووجوب حماية البنية التحتية الحيوية في مناطق النزاع المستمرة على طول نهر الفرات شمال شرقي سوريا، حيث يعتمد عليها ملايين الأشخاص للحصول على مياه الشرب والطاقة الكهربائية.

ويجب على المجتمع الدولي أيضًا ضمان الدعم المستدام لمساعدة سوريا على التعافي وإعادة البناء، فالاحتياجات الإنسانية هائلة، وستتطلب من المنظمات الإنسانية مثل “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” توسيع نطاق عملها في جميع أنحاء البلاد.

وأوضحت سبولياريتش أن التعافي سيستغرق “وقتًا طويلًا”، إذ لا يزال العديد من السوريين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و”يجب علينا ضمان استمرار حصولهم على الدعم الذي يحتاجونه (…) يجب أن نضمن انتقالًا سلسًا من الإغاثة الإنسانية إلى التعافي والتنمية”، ومن الضروري أن يواصل المجتمع الدولي تقديم دعم مستدام لسوريا، لتلبية الاحتياجات العاجلة للناس اليوم، مع وضع الأسس للتعافي والنمو على المدى الطويل.

وتلتزم “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بمساعدة السوريين على التعافي وإعادة البناء بالتعاون مع “الهلال الأحمر العربي السوري” وشركاء آخرين، وفق سبولياريتش، وتخطط “اللجنة” لزيادة حجم عملها بشكل كبير هذا العام، بما في ذلك دعم قطاع الصحة والبنية التحتية الحيوية للمياه، وتحسين سبل العيش، وإعادة التواصل بين العائلات، وزيارة بعض أماكن الاحتجاز.

وأضافت سبولياريتش ل، “لا يمكننا تحمل تقليص المساعدات الفورية التي لا يزال يعتمد عليها الملايين من السوريين. نحن ندعو المانحين وشركاءنا إلى الاستمرار في دعم جهودنا الإنسانية الحالية”.

والسوريون يحتاجون بشكل عاجل إلى إعادة البناء والمضي قدمًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا، “إنها مسؤوليتنا المشتركة أن نقف إلى جانبهم، ونضمن حصولهم على الموارد والدعم الذي يحتاجونه للتعافي ولبناء طريق نحو السلام والاستقرار الدائمين”.

البحث عن المفقودين خطوة أساسية

التقت سبولياريتش مع ممثلي عائلات المحتجزين والمفقودين خلال زيارتها لسوريا، وذكرت أن الصور المروعة لسجن “صيدنايا” وغيره من مراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى معاناة العائلات التي تبحث عن أحبائها، تسلط الضوء على حجم المعاناة التي يمكن تخفيفها إذا مُنحت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” إمكانية الوصول إلى المحتجزين.

الوصول إلى المحتجزين سيتيح لـ”اللجنة” مراقبة الأوضاع وإعادة التواصل بين المحتجزين وعائلاتهم.

والعثور على إجابات لعائلات المفقودين “مهمة بالغة التعقيد ستتطلب سنوات من العمل، وجهودًا جماعية من جميع الأطراف المعنية. ومع ذلك، يظل هذا الجهد خطوة أساسية نحو التعافي والمصالحة”، بحسب تعبير سبولياريتش.

وقالت سبولياريتش ل، إن “اللجنة” سجلت أكثر من 40 ألف مفقود، ومن المحتمل أن يكون هناك عشرات الآلاف من المفقودين الذين لم يتم التعرف عليهم بعد، وستعمل “اللجنة” مع الإدارة الجديدة على بناء القدرات وآليات التنسيق لتوفير المعلومات بأسرع وقت ممكن لأكبر عدد ممكن من العائلات حول أماكن أحبائهم.

ونوهت سبولياريتش إلى أهمية حماية مواقع الدفن لضمان عدم العبث بالمواقع المحتملة، ولضمان أن تتم عمليات فتح المقابر وفق أعلى المعايير في الطب الشرعي.

ومنع حدوث حالات اختفاء جديدة “هو أمر بالغ الأهمية، ويتطلب التزامًا صارمًا بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان لحماية الأفراد من الأذى”، وفق سبولياريتش.

رئيسة اللجنة الدولية لمنظمة الصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش خلال زيارة ميدانية في مدينة حلب شمالي سوريا - 5 من كانون الثاني 2025 (ICRC Syria/ إكس)رئيسة اللجنة الدولية لمنظمة الصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش خلال زيارة ميدانية في مدينة حلب شمالي سوريا - 5 من كانون الثاني 2025 (ICRC Syria/ إكس)

رئيسة اللجنة الدولية لمنظمة الصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش خلال زيارة ميدانية في مدينة حلب شمالي سوريا – 5 كانون الثاني 2025 (ICRC Syria/ إكس)

مفقودون داخل سوريا وخارجها

خلال النصف الأول من 2024، تلقت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في سوريا 683 طلبًا جديدًا للبحث عن مفقودين من بين الطلبات عن مفقودين 86 طلبًا يتعلق بلاجئين سوريين مفقودين في الخارج. وحددت اللجنة هوية 17 لاجئًا سوريًا توفوا في البحر المتوسط، وأوصلت الأخبار إلى عائلاتهم، بحسب تقرير صدر لها في 25 من تشرين الثاني 2024.

عمليات الاختفاء للأشخاص في سوريا لها سببان رئيسان، إما اختفاء قسري على يد الأطراف العسكرية في مختلف الجغرافيا السوريا، أو الاختفاء والفقد على طرق اللجوء (البرية والبحرية).

بحسب أحدث توثيق لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، صدر في 28 من كانون الأول 2024، لا يزال هناك 112 ألفًا و414 شخصًا مختفين قسرًا على يد النظام السابق.

وذكرت “الشبكة” أنه رغم فتح السجون، وعدم معرفة عودة عشرات آلاف المعتقلين السوريين، ما زالوا يُعتبرون مختفين قسرًا، لأنه لم تسلم جثامينهم إلى ذويهم، ولم تكشف تفاصيل دقيقة عن مصيرهم.

و”الكشف عن هذه الحقائق يتطلب جهودًا طويلة ومكثفة للوصول إلى الحقيقة الكاملة حول ما حدث لكل فرد من هؤلاء الضحايا، وذلك يجب أن يتم ضمن إطار محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مع تقديم تعويضات عادلة للضحايا وأسرهم”، وفق “الشبكة السورية”.

عمليات الإفراج التي طالت السجون بعد سيطرة “إدارة العمليات العسكرية” أظهرت أن الغالبية العظمى من المختفين قسرًا لقوا حتفهم تحت التعذيب، أو في ظروف احتجاز غير إنسانية، أو من خلال الإعدام الميداني، وفق “الشبكة السورية”.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة الصادرة في 2021، إلى أن أكثر من 130 ألف شخص في عداد المفقودين نتيجة “الصراع” في سوريا.

وجمعت “اللجنة الدولية لشؤون المفقودين” (ICMP) بيانات من نحو 60 ألف قريب من أقارب المفقودين (مقيمين داخل سوريا وخارجها)، أبلغوا عن حوالي 22 ألف حالة فقدان أشخاص.

أبلغت 3046 أسرة من أسر المفقودين “اللجنة الدولية لشؤون المفقودين” عن فقدان أشخاص، وتلقّت “اللجنة” الدولية إبلاغات عن 56 موقعًا محتملًا يكتسب أهمية جنائية، بما في ذلك مواقع المقابر الجماعية.

أما بالنسبة لطرق اللجوء، فالحالات الأبرز للمفقودين فيها هي الغرق في البحر المتوسط، يضاف إليها فقدان أو موت المهاجرين في الطرق البرية.

وكان السوريون يسلكون طرقًا مختلفة للوصول إلى أوروبا، في الوقت الذي تتكرر فيه حالات غرق قوارب تحمل مهاجرين في المتوسط أو بحر المانش.

وبحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، فإن نحو 8600 حالة وفاة حصلت في 2023 على طريق الهجرة (أكثر من نصفها بسبب الغرق)، بزيادة بنسبة 20% عن العام الذي سبقه، ما يعكس الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح.

سوريا.. فتح السجون يحيي ذكرى معتقلي الثمانينيات

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *