الحرب في غزة.. تقدم في المفاوضات بعد “انفراجة منتصف الليل”
أحرزت المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة “تقدماً كبيراً”، خاصة بعد “انفراجة منتصف الليل” في المحادثات التي تستضيفها قطر، وحضرها ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، والتي أسفرت عن “مسودة نهائية” جرى تسليمها للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وفق تأكيدات مصادر عدة.
وأعلن الديوان الأميري القطري، أن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل، الاثنين، وفد حركة “حماس”، لبحث وقف إطلاق النار في غزة، واستعراض آخر مستجدات المفاوضات، الهادفة إلى تحقيق هدنة طويلة الأمد في القطاع.
وقال مسؤول مطلع على المفاوضات لـ”رويترز”، الاثنين، إن الوسطاء سلموا إسرائيل وحركة “حماس” الفلسطينية مسودة “نهائية” لوقف الحرب في قطاع غزة، إثر “انفراجة” تحققت بعد “منتصف الليل”، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات، مشيراً إلى أن إسرائيل “تريد الاتفاق”، وأضاف: “سنرى قريباً ما إذا كان الجانب الآخر يريد نفس الشيء”.
وذكر المسؤول أن قطر قدمت للجانبين مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، خلال محادثات في الدوحة جرت بمشاركة رئيس الموساد ديفيد بارنياع، والشين بيت رونين بار، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بينما قال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب لم تتلق من قطر مسودة مقترح الاتفاق.
وأضاف المسؤول أن ستيف ويتكوف الذي سيصبح مبعوث ترمب للشرق الأوسط لدى توليه المنصب الأسبوع المقبل حضر المحادثات، وقال مصدر أميركي إن بريت مكجورك مبعوث الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن حضر أيضاً.
وقال المسؤول المطلع: “الساعات الأربع والعشرون المقبلة ستكون حاسمة في التوصل إلى الاتفاق”، ووصف المسودة بأنها نتيجة لانفراجة تحققت في الساعات الأولى من صباح الاثنين.
ونقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية (مكان)، الاثنين، عن مسؤول إسرائيلي القول إن وفدي إسرائيل و”حماس” في قطر تلقيا مسودة الاتفاق، وإن الوفد الإسرائيلي أطلع زعماء إسرائيل عليها.
وقال مسؤول في حركة “حماس” لـ”رويترز” إن المحادثات بشأن قضايا رئيسية تتعلق باتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حققت تقدماً.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية المسألة: “المفاوضات حققت تقدماً في قضايا رئيسية ونعمل لاستكمال ما تبقى قريباً”.
وقال تلفزيون NBC الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين مطلعين إن المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة أحرزت “تقدماً كبيراً” خلال مطلع الأسبوع الجاري، وقال مصدر دبلوماسي للتلفزيون: “نحن أقرب من أي وقت مضى” إلى اتفاق.
تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار
وذكر المسؤولون أن الإفراج عن الدفعة الأولى من المحتجزين لدى حركة “حماس” في قطاع غزة سيكون بعد 48 ساعة من إعلان وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار المقترح.
وقال مسؤول أميركي إن المجموعة الأولى من المحتجزين المنتظر إطلاق سراحهم بموجب الاتفاق المقترح “في حالة سيئة للغاية”، مضيفاً أنه سيعقب ذلك في نهاية المطاف إطلاق سراح بقية الرهائن المحتجزين في غزة، بما في ذلك الأميركيون الذين لا يزالون محتجزين.
وأشار التلفزيون إلى أن مقترح وقف إطلاق النار يدعو إسرائيل أيضا للانسحاب من المناطق المأهولة في غزة إلى الحدود الإسرائيلية.
ولم ترد إسرائيل ولا وزارة الخارجية القطرية على طلبات من “رويترز” للحصول على تأكيد أو تعليق، وأشار مسؤولون من الجانبين إلى إحراز تقدم في المحادثات، لكن دون تأكيد التوصل إلى مسودة نهائية.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الاتفاق قد يتم إبرامه في غضون أيام قليلة إذا ردت “حماس” على الاقتراح، وقال مسؤول فلسطيني قريب من المحادثات إن المعلومات الواردة من الدوحة “مشجعة للغاية”، وأضاف “جرى تقريب وجهات النظر، في دفعة كبيرة وقوية للانطلاق نحو اتفاق، إذا ما استمرت الأمور بشكل جيد”.
وتبذل الولايات المتحدة وقطر ومصر جهود وساطة منذ أكثر من عام لإنهاء الحرب في قطاع غزة لكن دون نتيجة حتى الآن.
ملامح الاتفاق
واتفق الجانبان منذ شهور بشكل عام على مبدأ وقف القتال مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم “حماس” والإفراج عن فلسطينيين معتقلين في سجون إسرائيل.
لكن “حماس” تصر على أن الاتفاق لا بد وأن يؤدي إلى إنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، في حين قالت تل أبيب إنها لن تنهي الحرب حتى يتم القضاء على الحركة تماماً.
وذكرت القناة الـ13 الإسرائيلية أن الاثنين “يوم حاسم بالنسبة للاتفاق”، لكن “من المبكر الحديث عن التفاؤل وما إلى ذلك، ولكنها بلا شك ساعات حاسمة”، مشيراً إلى أن الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ما زال في قطر.
وقالت القناة إنه خلال الـ24 ساعة الأخيرة حدث تقدم في عدد من قضايا التفاوض، بما في ذلك هوية الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم، وأيضاً ما يتعلق بانتشار قوات الجيش الإسرائيلي خلال وقف إطلاق النار وبعده.
وأوضحت القناة أن الاتفاق المطروح هو اتفاق جزئي، ولا يشمل إطلاق سراح الجميع، مشيرة إلى أنه سيتم الإفراج عن الرجال المسنين، النساء، والأطفال، بالإضافة إلى حالات إنسانية. أما باقي الأسرى، خصوصاً الرجال الشباب والجنود، فهم ليسوا مشمولين في الاتفاق المطروح، وسيكونون جزءا من المراحل القادمة إذا تم التوصل إليها.
وأشارت القناة إلى أنه إذا استمرت عملية التفاوض بالوتيرة الحالية، يمكن الإعلان عن اتفاق خلال الأيام القريبة. بعد ذلك، ستُعقد جلسة للمجلس الوزاري المصغر “الكابينت” وأخرى للحكومة للمصادقة على القرار، مع تخصيص وقت للاستئنافات أمام المحكمة العليا، ثم يبدأ تنفيذ عملية الإفراج.
وقالت القناة إن إسرائيل تأمل في التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترمب في 20 يناير. ومع ذلك، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق مسبقاً، فإن وقف إطلاق النار وبدء الإفراج عن الأسرى سيبدأ بعد التنصيب.
وبشأن عدم تضمن الاتفاق المقترح إنهاء الحرب، أوضحت القناة الـ13 الإسرائيلية أنه نظراً لأن الاتفاق مرحلي ولا يشمل الإفراج عن جميع الأسرى، فإن الخطة لا تتضمن إنهاء الحرب، بل تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفي وممر نتساريم.
كما أشارت إلى أنه خلال 42 يوماً من وقف إطلاق النار، من المفترض أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة، لكنه سيكون قادراً على العودة بعد ذلك. فيما سيشهد اليوم السادس عشر من تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، بدء النقاش حول تفاصيل المراحل المقبلة، بما في ذلك تعريفات إنهاء الحرب وشكل “اليوم التالي”.
وكانت مصادر مطلعة على المفاوضات قد قالت لـ”الشرق”، الأحد، إن ملامح الاتفاق تنص على أن المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح 34 محتجزاً إسرائيلياً في غزة مقابل شهر ونصف الشهر من وقف إطلاق النار في القطاع، وإطلاق سراح حوالي ألف أسير فلسطيني، بالإضافة إلى تلقي إسرائيل قائمة بأسماء الأسرى الأحياء، وإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي خارج المناطق المأهولة، إلى جانب عودة النازحين إلى الشمال بعد تفتيش السيارات التي تقلهم من قبل جهة ثالثة، وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الحالات الإنسانية للعلاج.
وأضافت المصادر أن المفاوضات حول المرحلة الثانية تبدأ بعد مرور أسبوع من بدء تطبيق المرحلة الأولى، على أن تتضمن إطلاق سراح ما تبقى من المحتجزين الإسرائيليين مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وفترة وقف إطلاق نار ثانية لمدة شهر ونصف الشهر. وتتضمن مفاوضات المرحلة الثانية بحث ترتيبات وقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
كما أنه في حال التوصل إلى اتفاق حول المرحلة الثانية يجري بحث المرحلة الثالثة التي تتضمن إعادة إعمار قطاع غزة وإدارة القطاع.
قبل “جحيم ترمب”
ويُنظر على نطاق واسع في المنطقة إلى تنصيب ترمب في 20 يناير، باعتباره موعداً نهائياً للتوصل إلى اتفاق.
وحذر الرئيس الأميركي المنتخب من أن “أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها”، إذا لم يفرج عن الرهائن بحلول موعد تنصيبه. كما ضغط بايدن بقوة من أجل التوصل إلى اتفاق قبل مغادرته المنصب.
وقال المسؤول المطلع على المفاوضات إن المحادثات استمرت حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين، إذ تولى ويتكوف مبعوث ترمب مهمة حث الوفد الإسرائيلي في الدوحة على الموافقة، بينما تولى رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني دفع مسؤولي حماس للتوصل لاتفاق.
وأضاف المسؤول أن رئيس المخابرات المصرية حسن محمود رشاد كان أيضاً في العاصمة القطرية من أجل المحادثات.
وسافر ويتكوف إلى قطر وإسرائيل عدة مرات منذ أواخر نوفمبر. وكان في الدوحة الجمعة وسافر إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السبت قبل العودة إلى الدوحة.
وقال البيت الأبيض إن بايدن تحدث الأحد مع نتنياهو، و”شدد على الحاجة الفورية لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن وزيادة إيصال المساعدات الإنسانية وهو ما سيتحقق مع وقف القتال بموجب الاتفاق”.
سموتريتش: الاتفاق كارثي
وانتقد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الاثنين المقترحات الأحدث باعتبارها صفقة “استسلام”. وقال في بيان “الاتفاق الذي يجري العمل عليه كارثة على الأمن القومي لدولة إسرائيل”.
وأضاف سموتريتش أن “الاتفاق الذي يجري العمل عليها كارثة على الأمن القومي لدولة إسرائيل”، مؤكداً “لن نكون جزءا من اتفاق استسلام يشمل إطلاق سراح إرهابيين ووقف الحرب”، واعتبر أن “هذا هو الوقت المناسب لمواصلة العمل بكل قوتنا لاحتلال قطاع غزة بالكامل والسيطرة على المساعدات الإنسانية بدلاً من حماس حتى تستسلم بالكامل”.