السلطة الفلسطينية قلقة على مستقبل غزة بعد عودة حماس للمشهد
لم تعلن السلطة الفلسطينية بعد موقفاً من الاتفاق بين حركة “حماس” وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، لكنها لا تخفي قلقها الشديد على مستقبل القطاع بعد عودة “حماس” إلى واجهة المشهد الغزي مجدداً.
وقال مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية لـ”الشرق” إنهم مرتاحون لوقف إطلاق النار المؤقت، لكن عودة “حماس” إلى صدارة المشهد قد تؤدي إلى عودة الحرب مجدداً، ومواصلة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وإعاقة إعادة إعمار القطاع، وصولاً إلى تنفيذ إسرائيل لمخططها الرّامي إلى تهجير تدريجي للسكان من خلال تجفيف مصادر الحياة.
وعبر أحد المسؤولين عن ذلك قائلاً: “نرحب بوقف النار، وكنا نأمل لو تم ذلك قبل وقت طويل، لكن تحرك حركة حماس لإدارة قطاع غزة، قد تتسبب بعودة الحرب والحصار واعاقة إعادة الاعمار”.
خطاب “حماس”
وأضاف المسؤول الفلسطيني: “خطاب رئيس حركة حماس في غزة الدكتور خليل الحية، بعد الإعلان عن الاتفاق، يشير إلى وجهة حماس في المرحلة القادمة وهي البقاء في الحكم، وهو ما تعلن إسرائيل ومن خلفها أميركا، بأنها لن توقف الحرب ما دامت الحركة في الحكم”.
وقال مسؤول آخر: “خطاب مسؤول حماس وتوجيهه الشكر لـ(حزب الله) والحوثيين يعني أن الحركة مصمّمة على مواصلة السياسة القديمة والتحالفات القديمة، وهذا ليس فقط ستستخدمه إسرائيل لاستئناف الحرب بعد استكمال تبادل الأسرى، وإنما سيجعل الدول العربية، خاصة الخليج العربي، تتردد كثيراً في تمويل إعادة الاعمار، وهذا أيضاً سيجعل أميركا، خاصة الرئيس الجديد دونالد ترمب يدعم مساعي وخطط نتنياهو في غزة تحت ذريعة التخلص من وجود حركة حماس”.
ومضى يقول: “كنا نتوقع من حماس أن تعلن انتهاء الحرب، وابتعادها عن الواجهة، وأن تدعو السلطة الفلسطينية ومعها الدول العربية إلى تولي مهمة إدارة غزة، وإعادة الإعمار وتعزيز بقاء الناس على أرضهم، كما فعل حزب الله في لبنان بعد وقف إطلاق النار هناك”.
ولا يخفي المسؤولون في السلطة الفلسطينية قلقهم من أن حركة “حماس” ستواصل تعزيز دورها في غزة على أنقاض القطاع، وهو ما قد يشكل عامل تهجير للسكان”.
وقال مسؤول ثالث: “كنا نتوقع أن تفعل حماس كما فعل حزب الله عام 2006، أن تعلن أنها لو كانت تعلم أن إسرائيل ستقتل عشرات الآلاف وتدمير قطاع غزة لما قامت بهجوم السابع من أكتوبر، وعلى ذلك تعلن عن تنحيها جانباً والطلب من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية القدوم إلى القطاع والعمل مع المجتمع الدولي على حماية وقف إطلاق النار وإطلاق خطة مارشال لإعادة إعمار ما دمرته الحرب”.
وأضاف: “إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب عشرات المليارات من الدولارات، ودول العالم لن تتبرع بهذه المبالغ الهائلة إلا في سياق عملية سياسة تضمن الاستقرار السياسي والحل السياسي، وإسرائيل ومن خلفها أميركا والغرب والدول العربية لن تتعامل مع حماس، والحركة تراهن على أنها ستفرض نفسها بالقوة، وهذه أوهام”.
“خلية أزمة إغاثية”
من جانبها، قرّرت الحكومة الفلسطينية، الخميس، تشكيل خلية أزمة للعمل على توفير الإغاثة العاجلة والممكنة في قطاع غزة فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال مسؤول كبير في الحكومة لـ”الشرق”: “سنتحرك حيثما كان ذلك ممكناً لتقديم العون لأهلنا في قطاع غزة وقد شكلنا خلية أزمة من الوزارات الخدمية للشروع فوراً في تقديم ما يمكن من خدمات وإغاثة وإعادة إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي والمشافي والطرق وغيرها”.
ومضى يقول: “سنفحص مع الأشقاء المصريين فرصة إعادة فتح معبر رفح وما يمكننا إدخاله من هذا المعبر من مواد إغاثة وخدمات، إلى أن تتضح معالم المرحلة المقبلة”.
وكانت إسرائيل أعلنت أنها لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة للعمل في قطاع غزة.
وقال المسؤول الحكومي: “نعرف موقف إسرائيل، لكننا لن نذعن، وسنعمل كل ما هو ممكن لعون أهلنا في غزة”.
وأضاف المسؤول الحكومي لـ”الشرق” أن “لدى الحكومة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، لكن هذا يتطلب أولاً وقف الحرب بصورة تامة، ومن ثم ستتوجه الحكومة إلى الشركاء الدوليين للعمل على تمويل إعادة الإعمار، وربما يأتي ذلك من خلال عملية سياسية تطلقها الإدارة الأميركية القادمة”.
حماس: لن نترك غزة للفوضى
من جانبها، تعد حركة “حماس” للشروع الفوري في إدارة قطاع غزة فور دخول وقف النار حيز التنفيذ، وتقول بأنها لن تسمح بالفوضى والفراغ الذي ينجم عنها”.
أحد المسؤولين قال: “وافقنا على اقتراح مصري بتشكيل لجنة محلية من الشخصيات المهنية المستقلة، لكن السلطة الفلسطينية لم توافق، لذلك سنتولى العمل في غزة، ولن ترك الأمور للفراغ والفوضى”.
وتحمل “حماس” السلطة الفلسطينية المسؤولية عن عدم حدوث توافق وطني لادارة قطاع غزة وإعادة الإعمار متهمة السلطة بالوقوف مع الجانب المعادي الذي يشن على الحركة “حرب استئصال”.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن أحد أهم أهداف الحرب هو إبعاد حركة “حماس” عن حكم قطاع غزة، وتجريد القطاع من السلاح، وهو ما قد يفتح الطريق أمام استئناف عمليات عسكرية إسرائيلية مستقبلاً في غزة تحت عنوان “منع حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية”.