اخبار تركيا

ما بين حرائق لوس أنجلوس ومحرقة غزة… آيات وعبر

د. ياسر سعد الدين خاص اخبار تركيا

يحث القرآن البشر أن يسيروا في الأرض فينظروا ويتأملوا في الآيات والعبر. يطلب القرآن منا التفكر والتدبر والاتعاظ بمن قبلنا من الأمم التي أهلكها الله بذنوبها وبمجاهرتها بالمعاصي وبتحدي الذات الإلهية وبالتكبر والتجبر في الأرض. ويشاء الله سبحانه والذي أنزل القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليثبت به فؤاده، أن يرينا من الآيات والعبر ما يثب به أفئدة المؤمنين في زمن الفتن والفجور ليس بالجهر بها فحسب، بل وبإجبار الناس على التعايش معها واعتبار الرضا بالشذوذ بوابة العبور وطريق المسار للقبول في عالم يتحكم به شياطين الإنس أو على الأقل بغالبية أركانه.

مع التأكيد والتشديد على أن مقام العبودية لا يسمح لنا بالجزم بحكمة أقدار الله والقطع بأنها عقوبات إلهية، رغم أن كثير من المؤشرات والقرائن تشير إلى ذلك، غير أن علينا تأدبا مع الله ألا نجزم بالأمر، ولكن نعلقه بحكمته البالغة وقدرته العظيمة ومشيئته سبحانه وتعالى.

قبل يوم من اندلاع حرائق لوس أنجلوس، كانت المدينة على موعد مع الحفل السينمائي الأشهر في أميركا “جوائز غولدن غلوب”، في ذلك الحفل علقت الممثلة الكوميدية نيكي جلاسر ساخرة بأن هذه المدينة لا تعترف بوجود الله، مع قبول كثير من الحاضرين لتعليقها الالحادي، خصوصا أنه وبحسب معلقين لم يتوجه أي من الفائزين باعتراف بفضل الله عليه في نجاحه إذا اعتبرنا ما حصلوا عليه هو من النجاح. العديد من المعلقين ومن النشطاء، قالوا إن أولئك “النجوم” الذين جحدوا الله في الليل وهم في نشوتهم يعمهون، عادو في اليوم التالي يستغيثون به لعله يبعد النار عن منازلهم ومنتجعاتهم وممتلكاتهم، قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون.

ترامب والذي يمشي في الأرض وعليها متغطرسا متجبرا يركن إلى قوة أمريكا المادية الساحقة، فيهدد بحرق الشرق الأوسط وبفتح أبواب الجحيم عليه وعلى غزة إن لم تطلق سراح الأسرى عندها، يرى وبعد أيام من تصريحاته المتغطرسة أبواب الجحيم تنفتح وبشكل موجع ومفجع ومفاجئ على واحدة من أثرى وأهم المقاطعات الأمريكية حيث الأثرياء وحيث أهم أدوات الهيمنة الثقافية الأمريكية على العالم: هوليود. حرائق مخيفة في ظروف غربية، وفي موسم الشتاء، وفي سياقات لا يمتلك المراقب إلا أن يردد خاشعا لله متضرعا ومنكسرا بين يديه: سبحان مالك الملك، ذو البطش الشديد، الفعال لما يريد.

هل ما يحدث هو انتقام رباني من أمريكا الرسمية والتي دعمت الاحتلال الصهيوني بكل الأشكال والوسائل في إبادة أهل غزة وأطفالها ونسائها خصوصا الذخائر والمتفجرات العملاقة؟؟ لا يستطيع العبد أن يجزم بالأمر، ولكنها بالتأكيد آيات الله وقدرته والتي تمر بعض منها على بيوت ومنتجعات المترفين فتجعلها قاعا صفصفا لا ترى فيه عوجا ولا أمتا. أليس صمود غزة صغيرة المساحة والأبعاد الجغرافية والمحاصرة بحقد ولؤم، بعد أكثر من خمس عشر شهرا من الإجرام الصهيوني وتدمير جميع مقومات الحياة من أعظم آيات الله، ودلائل ما يصنعه الإيمان والقرآن في البشر في تثبيتهم ونصرتهم. العجز الصهيوني رغم الدعم اللامحدود من قوى عالمية تستخدم أحدث ما أنتجته التقنية العالمية في التجسس والتدمير، يثبت لنا أن كيد الشيطان كان ضعيفا وأن جند الله هم الغالبون.

الأمر والذي آثار غضب كثير من الأمريكيين بشدة وحدة، أن ميزانية إطفائية لوس انجلوس تم تقليصها ب 18 مليون دولار مراعاة للظروف الاقتصادية، فيما بلغت المساعدات المقدمة لإسرائيل من أموال ضرائبهم، أكثر من 20 مليار للمساهمة في إبادة أطفال غزة ونسائها، وتدمير بيوتهم ومساجدهم ومستشفياتهم. هكذا تأتي وتنتشر مشاعر العداء للاحتلال في صفوف الأمريكيين العاديين بعد محرقة غزة، ومن حيث يحتسب ولا يحتسب إيباك واللوبيات الصهيونية والمتحكمة في كثير من مفاصل المشهد السياسي الأمريكي، وما يعلم جنود ربك إلا هو.

أما الشذوذ الجنسي وما أدراك ما الشذوذ والذي توعد الله مقترفيه بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقد كان سببا مباشرا بما حدث أو ساهم في تفاقمه بكل الأحوال. هذا ليس رجما بالغيب، بل هو ما عبر عن الكثير من المواطنين الأمريكيين.

فلقد انتقد الكثيرون قانون ضمان دمج ومشاركة المثليين والمتحولين جنسيا بالمؤسسات والجهات الحكومية في الولايات المتحدة، بعد سلسلة الحرائق التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس، نظرا لكون مديرة مركز إطفاء المدينة، كريستين كراولي، مثلية جنسيا، وتتزوج من سيدة أخرى.

فمنذ تعيين كراولي في منصب مدير مركز إطفاء لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا عام 2022، شهد المركز حركة تعينات اتسمت بالتنوع والشمولية، وزيادة أعداد الموظفين العاملين من الأقليات. وبعد حركة التعيينات تلك، غاب العديد من الرجال المتخصصين في عمليات مواجهة الحرائق، بعد تقليص عددهم لصالح المثليين والمتحولين. وقد أرجع البعض سبب سرعة انتشار الحرائق في لوس أنجلوس إلى غياب الكفاءات والرجال المؤهلين لمثل هذه العمليات، التي تستوجب تمتع القائمين بها بالشجاعة المفرطة. مذيعة البرامج الحوارية ميجين كيلي اتهمت كراولي بإعطاء الأولوية للتنوع على الفعالية التشغيلية، مدعية أن هذه الجهود ساهمت في فشل فوهات المياه أثناء حرائق الغابات.

هل من يتعظ ويتدبر…أم على قلوب أقفالها!!؟؟

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *