اخر الاخبار

دار أيتام في خان يونس.. دعم نفسي واجتماعي لـ “أطفال الحرب”

فقد الطفل عدي شعبان والده في الحرب على غزة المستمرة منذ 15 شهراً ليجد نفسه بين ليلة وضحاها مسؤولاً عن رعاية والدته وإخوته الأربعة عبر العمل كبائع متجول، قبل أن تتغير حياته مرة أخرى، للأفضل هذه المرة ولو بشكل يسير، جراء التحاقه بـ “قرية الوفاء لرعاية الأيتام” بمنطقة مواصي خان يونس جنوب القطاع.

تذكر الطفل البالغ من العمر 13 عاماً المشاهد المؤلمة التي عاشها خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وتساءل “لماذا يحدث هذا له ولأقرانه بعدما كان لا يحمل أي هموم على الإطلاق ولا يفكر سوى في اللعب مثل كل من هم في سنه؟”.

وقال عدي: “أنا الطفل اليتيم عدي شعبان، كنا نعيش في فرح قبل الحرب، ثم جاء 7 أكتوبر، فرأينا العذاب في الحرب والصواريخ، ما ذنبنا كأطفال غزة؟”.

وأضاف: “أنا أتولى الصرف على إخوتي، لذلك أخرج للبيع، ما هو ذنبنا كأطفال غزة، جراء ما يحدث لنا”. 

وتابع عدي: “والدي رحمه الله ذهب إلى البيت مع والدتي لإحضار ملابس لنا، والدار تم ضربها بالنار، وتركناهم وذهبنا إلى الحاجز ونحن حفاة، وصار الإسرائيليون يطلقون النار على النساء والرجال والأطفال دون رحمة، عند خروجنا كان هناك قناص ودبابة تطلق النار على الناس. تشردنا!”.

اختلاف حياة عدي 

اختلفت حياة عدي بعد ذلك فور استفادته من الرعاية التي تقدمها قرية الوفاء، والأجواء داخلها التي تشمل إقامة فعاليات متنوعة للأطفال ما جعله يستعيد إحساسه بطفولته من جديد بعيداً عن المسؤوليات التي كانت ملقاة على عاتقه”.

قال عدي: “أول ما دخلت القرية ورأيت الأطفال والأصحاب، أصبت بجرح من شدة الفرح؛ لأنه من كثرة الفرحة أصبت بجرح أثناء الجري، عندما رأيت المكان الحلو”.

وأضاف: “كنت أبيع العوجا (اللوز الأخضر) في الشارع لكن الدكتورة وفاء مديرة المخيم وجدتني وأحضرتني إلى هنا، وأبلغتني أنني سأعيش هنا، وأن أترك العمل في بيع العوجا، منذ هذا اليوم، صرت أفرح وأصبحت سعيداً للغاية”.

وتعمل قرية الوفاء على تقديم الرعاية المطلوبة والدعم النفسي، ومعالجة الاضطرابات السلوكية والنفسية للأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين على الأقل عبر أنشطة مختلفة.

ويحاول المسؤولون عن القرية التركيز على الاضطرابات النفسية وآثارها على الأطفال الذين فقدوا جميع أفراد الأسرة، ومتطلبات توفير الأمان والرعاية لهم وتعويض فراغ الفقد الذي تعرضوا له والصعوبات أمام تحقيق ذلك في ظل استمرار الحرب.

 معالجة آثار الصدمات

وفاء أبو جلالة، مديرة القرية، وإخصائية النطق والتأهيل والتربية الخاصة، تشرح كيف جاءت فكرة الدار وكيف بدأت أنشطتها، بقولها: “انطلقت فكرة قرية الوفاء لرعاية الأيتام من عمق المسؤولية تجاه الأطفال الأيتام بالوضع الصعب الراهن”.

وأضافت: “حالياً يوجد 35 ألف طفل يتيم بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، حاولنا كمختصين في المجال ووفق واجبنا الإنساني والمهني أن نعمل على جانب الأيتام؛ لأن الطفل فقد عائلته بالكامل، أو فقد أحد والديه، فهذا يدل على أن الطفل يعاني اضطرابات نفسية واضطرابات سلوكية”.

وتابعت وفاء: “كنا معنيين أن تكون قرية الوفاء أكبر حاضنة للأطفال وخاصة الأيتام حتى نستوعبهم ونقدم لهم خدمات مختلفة؛ لأننا في الوقت الحالي عندما نحكي عن قطاع غزة، والحرب مستمرة لأكثر من عام حتى هذه اللحظة. فإن أطفالنا لم تكن لديهم أماكن خاصة خلال الحرب”.

تأهيل نفسي لضحايا الحرب 

أوضحت وفاء مراحل عملية تأهيل الأطفال ومعالجة الآثار النفسية السلبية لديهم والصعوبات التي تواجههم.

وقالت: “هناك اضطرابات مختلفة، الأطفال جميعاً تقريباً عندهم اضطرابات نفسية وسلوكية، ولديهم مشكلات في النطق وصعوبة في الكلام، كما أن بعضهم مصاب بصدمة وتبول لا إرادي”.

وأضافت: “نحن نحاول أن نستوعب هذه المشكلات التي يعاني منها الأطفال عن طريق الأقسام المتخصصة، ومنها قسم النطق وعلاج مشكلات الكلام والتعبير”.

وعلى الرغم من صعوبة الحصول على مستلزمات البناء؛ بسبب إغلاق المعابر في غزة، إلا أن مسؤولي القرية استغلوا أبسط الإمكانيات لتهيئة مكان مصمم بعناية ليناسب الأطفال، وتوظيف الألوان والألعاب في العلاج النفسي، والدعم المقدم للأطفال وخلق بيئة جمالية وسط بشاعة الحرب والدمار.

وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في تقرير حديث، أن نحو 17 ألف طفل في القطاع أصبحوا يتامى نتيجة الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *