وقف إطلاق النار في غزة.. استعدادات مكثفة لتطبيق الاتفاق
يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل، وحركة “حماس” حيز التنفيذ، في الساعة الثامنة والنصف من صباح الأحد، وبدأت الأطراف المعنية الاستعداد لبدء تطبيق البنود المتفق عليها، وسط ترقب لطي صفحة الحرب، وآمال كبيرة بصمود المرحلة الأولى.
ففي غزة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي، السبت، الانتهاء من وضع خطة شاملة للتعامل مع اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن إجراءات ميدانية عاجلة لضمان عودة الحياة الطبيعية تدريجياً.
وقال المكتب، في بيان، إن الخطة تشمل أيضاً تأمين المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين، مؤكداً جاهزية الوزارات والمؤسسات الحكومية للعمل بموجب هذه الخطة.
وجاء بالبيان أنه تم إعداد فرق حكومية متخصصة من الوزارات والمؤسسات الحكومية لمتابعة تنفيذ هذه الخطة ميدانياً، “بما يضمن سلامة المواطنين ومحاولة توفير الاحتياجات الأساسية لهم”.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على آليات تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة لـ”الشرق”، إن الاتفاق يتضمن ملحق بروتوكول أمني غير معلن.
وأوضح المسؤول أنه “بموجب البروتوكول ستسمح إسرائيل للشرطة المدنية التابعة لحكومة (حماس) بالعمل بلباسهم الأزرق الرسمي داخل مناطق محددة ذات الكثافة السكانية، ومتفق عليها في قطاع غزة فور دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ، صباح الأحد”.
وأضاف أن “الشرطة ستتولى المسؤولية الكاملة عن إدارة حركة وتنقل النازحين من جنوب قطاع غزة إلى مدينة غزة وشمال القطاع”، ومشيراً إلى أن الشرطة لن يسمح لها بالاقتراب من مواقع تواجد القوات العسكرية الإسرائيلية، والتي وفق الاتفاق ستبقى على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع.
وكشف أن “عناصر الشرطة لن يحملوا السلاح إلا وقت الضرورة القصوى، وبالتنسيق عبر الفريق الأمني الميداني المصري القطري”.
وأعلنت وزارة الداخلية التي تديرها “حماس” في غزة، عبر بيان، أنها ستبدأ الانتشار في كافة مناطق قطاع غزة ، فور دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ.
العودة إلى شمال غزة
وقال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة “حماس”، مساء السبت، إن النازحين يمكنهم العودة لشمال غزة بعد 7 أيام من بدء سريان وقف إطلاق النار في القطاع.
وجاء ذلك ضمن مجموعة من الإرشادات التي أعلنها الثوابتة للمواطنين عند دخول الاتفاق حيّز التنفيذ والمقرر له الأحد.
بدوره، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، جاهزية الحكومة وأجهزتها المدنية والأمنية لاستلام المعابر وتولي مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، وعودة النازحين إلى منازلهم، وإعادة الخدمات الأساسية من مياه، وكهرباء، وإعادة الإعمار.
وشدد خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإغاثية من قبل المنظمات الدولية بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، وإجبار سلطات الاحتلال على وقف الاعتداءات والانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها في الضفة الغربية والقدس، ووقف جميع أشكال الاستيطان، وجرائم المستعمرين، ووقف الانتهاكات على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
الجيش الإسرائيلي يحذر
وفي إسرائيل، أعلن الجيش عدة ترتيبات استعداداً، لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الجيش، في بيان، إن هذه الترتيبات شملت إعلان منطقة معبر نيتسانا منطقة عسكرية مغلقة اعتبارا من الأحد، إضافة إلى إعلان منطقتي ياد مردخاي وكرم أبو سالم منطقتين عسكريتين مغلقتين حتى 24 يناير 2025، وأكد الجيش الإسرائيلي أن الدخول إلى هذه المناطق أصبح محظوراً.
كما حذر الجيش الإسرائيلي، سكان غزة من الاقتراب لمناطق انتشار قواته في مختلف مناطق القطاع عندما يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي: “بناء على الاتفاق، تبقى قوات الجيش منتشرة في مناطق محددة في قطاع غزة”.
وحذر الجيش من خطورة الاقتراب من القوات قائلاً :”يجب عدم الاقتراب من القوات حتى إشعار آخر.. الاقتراب من القوات يعرضكم للخطر”، مضيفاً “لا يزال التحرك من جنوب إلى شمال قطاع غزة أو نحو طريق نتساريم خطيراً في ضوء أنشطة الجيش الإسرائيلي في المنطقة”.
وذكر البيان، أنه “لحظة السماح بهذا التحرك سيتم إصدار بيان وتعليمات عن طرق الانتقال الآمنة، محذراً السكان من مغبة الاقتراب من القوات بشكل عام، ومن منطقة محور نتساريم على وجه الخصوص”.
وأكد البيان على ضرورة عدم الاقتراب من منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا وأي موضع تمركز لقوات إسرائيلية في جنوب قطاع غزة، مشدداً على أن صيد الأسماك والسباحة والغوص في المنطقة البحرية محظوراً.
كما بدأ الجيش الإسرائيلي بشكل فعلي، السبت، في إعادة تمركز قواته داخل غزة، والعمل على نقل بعضها إلى خارج القطاع أو تحريكها شرقاً نحو المنطقة العازلة على الحدود بين غزة، وإسرائيل قبل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة “حماس”، حسبما ذكر موقع “أكسيوس”.
وقال الموقع إن “الفلسطينيين المدانين بالقتل أو شن هجمات والذين سيتم الإفراج عنهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار سيتم إرسالهم إلى غزة أو الخارج، ولن يسمح لهم بالعودة للضفة الغربية أو إلى إسرائيل لمدة ثلاث سنوات على الأقل”.
مصر: سنقود مع المجتمع الدولي إعادة الإعمار
وفي مصر، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات تلفزيونية، مساء السبت، إن مصر ستقود مع المجتمع الدولي عملية إعادة الإعمار وإزالة الركام في قطاع غزة.
وأضاف عبد العاطي، في تصريحاته لقناة محلية، أن المراحل القادمة من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع مؤخراً في الدوحة تضم مشروعات للتعافي المبكر في غزة.
وأوضح أن عملية إنفاذ كامل وغير مشروط للمساعدات ستبدأ عبر معبر رفح فور فتحه، مضيفاً أن مصر قادرة على إدخال أكثر من 1000 شاحنة مساعدات يوميا لغزة، و”نأمل تحقيق ذلك بحسب الظروف على الأرض”.
وقال عبد العاطي إن إعادة معبر رفح بشكل كامل ستتم بعد انسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطيني منه، مضيفاً: “نحن الآن في الأمتار الأخيرة وسيكون هناك أخبار طيبة تؤدي لوقف العدوان الإسرائيلي”.
وشدد الوزير على أهمية وجود أفق سياسي للقضية الفلسطينية والتحرك في اتجاه حل الدولتين، مشيراً إلى أن غياب الأفق السياسي أدى لانفجار الأوضاع في السابع من أكتوبر.
وأشار عبد العاطي إلى أن مصر لا تمانع في نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية إذا كان هناك أفق سياسي، وخارطة طريق بجدول زمني محدد يقود لإقامة الدولة الفلسطينية وبشرط نشرها بالتزامن في الضفة وغزة.
منظومة العمل الإنساني
وعلى الصعيد الإنساني، قال منسق الشؤون الإنسانية بالأراضي الفلسطينية مهند هادي، السبت، إن إدارته ضاعفت جهوزيتها في منظومة العمل الإنساني استعداداً لبدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف هادي أن الأمم المتحدة وشركاؤها على أهبة الاستعداد لاغتنام هذه الفرصة لتقديم الإغاثة على نطاق واسع، مشيراً إلى أن “كل ثانية لها أهميتها” في مجال الإغاثة.
وتابع: “أدعو الوسطاء والأطراف المشاركة ومسؤولي المجتمع المحلي والمجتمع الدولي، للعمل مًعا من أجل تنفيذ تلك الجهود بشكل فّعال، وفي الوقت المطلوب”.