اخر الاخبار

من أجل حجابك سيدتي –

خطيب بدلة

أرسل إلي صديق من حمص، صورة للوحة إعلانية، وقال إن عناصر “هيئة تحرير الشام” علقوها في أماكن متفرقة من المدينة، تتضمن صورة لامرأة محجبة، وتحتها بنود تبين المواصفات الشرعية لحجاب المرأة المسلمة.

لم تفاجئني الصورة، لأنني ابن محافظة إدلب، مواكب لتصرفات “الهيئة” المتعلقة بفرض الحجاب على المرأة، منذ سنة 2015، ولعلمك، اللوحة التي علقت في حمص، أصبحت من منسياتنا، فقد انتشرت على جدراننا منذ زمن طويل.. ولكنها بسيطة إذا ما قورنت بلوحة أخرى، كُتبت عليها العبارة التالية: اعلمي، يا أختي المسلمة، أن لك إخوة مجاهدين، استشهدوا في سبيل حجابك!

أنت، عزيزي القارئ، تعرف، أو تعتقد، أن الثورة السورية قامت من أجل الحرية، والكرامة، والخلاص من الاستبداد الأسدي، ولكن، عندما تتأمل بهذه العبارة، سوف تأخذك الظنون إلى تفسير غريب، وعجيب، لأسباب ثورة 2011، وهي: أن نساءنا كن، قبل الثورة، يطمحن إلى ارتداء الحجاب، ولكن النظام المجرم، المستبد، كان يمنعهن من ذلك، فما كان من الشبان الشجعان، إلا أن ضربتهم النخوة، وخرجوا من بيوتهم لا يلوون على شيء، وانضموا للمجاهدين، وتسلحوا، ووضعوا نصبَ أعينهم هدفًا عظيمًا، ألا وهو إتاحة الفرصة للنساء، بتحقيق أحلامهن في لبس هذا النوع الثقيل من الحجاب.. وكما تتوقع حضرتك، فإن معارك ضارية احتدمت بين الطرفين، أدت إلى “استشهاد” عدد كبير من هؤلاء الإخوة، في سبيل الحجاب!

يمكن أن يتبادر إلى ذهن أحد قراء “زاوية تعا تفرج”، أنني أحاول، الآن، مصادرة حرية المرأة التي تريد أن ترتدي الحجاب، وهذا، إن حصل، ينطوي على ظلم كبير لي، فأنا لست من أنصار السفور، ولا من أنصار الحجاب، بل أدعو، بكل وضوح، إلى تجنب التعدي على الحرية الشخصية للمرأة، وأرفض أي نوع من الوصاية عليها.

هذا الكلام، مع الأسف الشديد، نظري، لأن دعاة التدخل في شؤون المرأة السورية، أصبحوا اليوم تيارًا جارفًا، يتسلحون بمجموعة من الردود الجاهزة، فيسألك أحدهم: هل ترضاها لبنتك، لأختك، لزوجتك؟ وأنا لم أفهم، حتى الآن، ما علاقة زوجتي وبنتي وأختي بالموضوع، وأقول لك: نعم، أرضى، بل أريد أن ترفعوا أيديكم عن حريتهن. ويعتقد ثانٍ أنه أمسك الذئب من ذيله، فيقول إن قرار “الهيئة”، بعزل الرجال عن النساء في وسائل النقل، يحميهن من التحرش، وهذا يعني، حرفيًا، أن الرجال يرتكبون الفعل السخيف التافه، التحرش، والعقوبة تقع على النساء.

نشرت صورة الإعلان، التي أرسلها إلي الصديق الحمصي، على منصة، وكل شيء توقعته، إلا أن ترد عليّ سيدة طرطوسية، بكلام غريب، ملخصه أنني أكذب، بدليل أنني أشير إلى لوحة إعلانية علقت في حمص، بينما عندهم، في طرطوس، لم يحصل هذا الشيء.

التعليق، في البداية، أضحكني، ولكن سيدة أخرى، حلبية، تدخلت، وراحت توبخني لتدخلي فيما لا يعنيني، فهي امرأة، وراضية بما يحصل، وسرعان ما تلاشت ضحكتي، وحزنت، إذ أيقنت أن الحملة التي يقوم بها أفراد الجماعات الحاكمة، لمصادرة الحرية الشخصية للمرأة السورية، ليست رجالية بحتة، وثمة نساء سوريات مشاركات فيها، وبقوة.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق