أوامر ترمب التنفيذية: تحول جذري في السياسات يلوح بالأفق
مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، من المتوقع أن تقدم إدارته سلسلة واسعة من الأوامر التنفيذية تهدف إلى عكس السياسات الرئيسية لعهد سلفه جو بايدن، وإعادة تأسيس أجندة محافظة قوية.
ووفقاً لمعاينة الأوامر التنفيذية التي اقترحها ترمب، ستركز استراتيجيته على تشديد قوانين الهجرة، وتعزيز إنتاج الطاقة المحلية، وفرْض تعريفات تجارية كبيرة، والتراجع عن المبادرات التقدمية في أماكن العمل.
التغييرات الرئيسية في سياسات ترمب
1. توسيع التعريفات التجارية
تعهَّد ترمب بفرض تعرفة إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية، وأخرى بنسبة 25% على جميع الواردات من المكسيك وكندا، وهي خطوة من شأنها أن تعيد تشكيل العلاقات التجارية في أميركا الشمالية التي تحكمها اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA).
بينما حافظت إدارة بايدن على التعريفات الحالية مع بعض التعديلات، فإن التغييرات التي اقترحها ترمب قد تثير توترات اقتصادية وضغوطاً تضخمية.
2. حملة قمع الهجرة
تتضمن أجندة ترمب برنامج الترحيل الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، واستئناف بناء الجدار الحدودي الجنوبي، وإنهاء منح الجنسية بالولادة، وهو ما يشكل تحدياً للتعديل الرابع عشر. فيما خففت إدارة بايدن من العديد من سياسات ترمب التقييدية لصالح نهج “أكثر إنسانية”.
والتعديل الرابع العشر، هو إضافة إلى دستور الولايات المتحدة تم التصديق عليها في عام 1868 في أعقاب الحرب الأهلية الأميركية، وأشهر ما في الأمر أنه سمح بمنح الجنسية إلى “جميع الأشخاص المولودين أو المجنَّسين في الولايات المتحدة”.
3. إعادة العمل بحظر السفر
من بين السياسات الأخرى المثيرة للجدل التي سيتم إعادة العمل بها، حظر السفر لعام 2017 على 7 دول ذات أغلبية مسلمة، والذي ألغاه بايدن في أيامه الأولى في المنصب.
فيما يجادل منتقدو هذا القرار، بأن إعادة فرض الحظر قد يواجه تحديات قانونية وردود فعل دبلوماسية معارضة.
4. دفع استقلال الطاقة
سيسمح إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة لإدارة ترمب بتسريع إصدار تصاريح البنية التحتية للطاقة، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ورفع الحظر المفروض على تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG).
وستشكل هذه الإجراءات تحولاً حاداً عن تركيز بايدن على الطاقة الخضراء وإعادة تقديم السياسات التي تعزز إنتاج الوقود الأحفوري.
5. التراجع عن اللوائح البيئية
تستهدف الأوامر المقترحة أيضاً إزالة حدود انبعاثات محطات الطاقة وإلغاء ما يُسمّى بـ”تفويض السيارات الكهربائية”، بالإضافة إلى ذلك، يخطط ترمب لخفض التمويل لمحطات شحن السيارات الكهربائية، وهي حجر الزاوية في خطة بايدن للبنية التحتية التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون.
6. إصلاح أماكن العمل الفيدرالية
يهدف ترمب إلى الحد من العمل عن بُعد للموظفين الفيدراليين والتراجع عن مبادرات التنوع والإنصاف والشمول (DEI) داخل القوى العاملة الفيدرالية.
كانت إدارة بايدن وسَّعت هذه السياسات في محاولة لخلق بيئة عمل أكثر شمولاً ومرونة.
7. العفو عن المشاركين في أعمال الشغب في 6 يناير 2021
ربما يكون أحد أكثر الأوامر المتوقعة إثارة للجدل هو إصدار العفو للأفراد المدانين أو المتهمين في أحداث الشغب في مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير 2021.
ومن المتوقع أن تثير هذه الخطوة جدلاً سياسياً شديداً وتدقيقاً قانونياً.
التحديات والتداعيات
بينما تشير كثافة الأوامر التنفيذية المتوقعة لترمب إلى أجندة سياسية قوية، فإن تنفيذها قد يواجه العديد من العقبات.
ومن المحتمل أن تكون هناك تحديات قانونية، لا سيما في مجالات مثل الهجرة والتجارة والطاقة، حيث يمكن أن تعيق الأطر الدستورية والقانونية التنفيذ السريع.
علاوة على ذلك، يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن فرض تعريفات جديدة واسعة النطاق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين وتعطيل سلاسل التوريد، بينما من المتوقع أن تقاوم المجموعات البيئية الجهود المبذولة لإضعاف اللوائح التي تركز على المناخ.
من الناحية السياسية، يمكن أن تؤدي هذه الأوامر إلى تعميق الانقسامات الحزبية في واشنطن، حيث من المتوقع أن يعارض الديمقراطيون في الكونجرس إجراءات ترمب التقييدية والتنظيمية.
ومع ذلك، قد يدعو بعض الجمهوريين إلى اتخاذ إجراءات تشريعية بدلاً من الاعتماد فقط على الأوامر التنفيذية.
النظرة المستقبلية
ستكشف الأشهر المقبلة كيف ستشكل الأوامر التنفيذية لترمب المشهد السياسي وما إذا كانت إدارته قادرة على تنفيذ مثل هذه التغييرات الواسعة دون مقاومة كبيرة.