اخبار تركيا

قراءة في الملف السوري – نموذج غير مألوف للقيادة في العالم العربي

عبد العليم الكاطع خاص اخبار تركيا

أبسط التعريفات لأحمد الشرع؛ أنه قائد عسكري، شاب من الطبقة المتوسطة ذو توجهات سياسية إسلامية.

المجتمعات العربية، وخاصة في السياق السياسي، اعتادت على نمط معين من القادة. المشكلة الأساسية التي تعترض وصول الشرع إلى السلطة؛ سواء من معارضة الأسد أو الطبقات الاجتماعية المثقفة، تكمن في العقلية الجمعية للشعوب والحكومات، وخصوصاً العربية. أنه شاب، من الطبقة المتوسطة في الدرجة الأولى!

ليست المشكلة في أنه من خلفية ثورية إسلامية؛ فقد تم التعامل مع شخصيات وتنظيمات مشابهة واحتوائها وإسقاطها في بعض الحالات.
ليست المشكلة أنه يقود تنظيم مُدرج على القوائم السوداء؛ فقد تم التعامل مع عدة تنظيمات كانت تملك ذات الصفة.
ليست المشكلة أنه من خلفية عسكرية (لسيت أكاديمية لكنه مارس وخاض حروباً وأحرز انتصارات حقيقية) فقد تم التعامل والتعاقد مع هذا النوع وتمكينها وإسقاطها.

▪️شاب من الطبقة المتوسطة
المشكلة تكمن أنه شاب طموح من الطبقة المتوسطة؛ ليس من النُخب الأرستقراطية ولا العوائل السياسية الكبيرة ولا من أبناء الذوات ولا من أحفادهم. تلك السمة التي تُثير حساسية في مجتمعاتنا التي تميل إلى تفضيل تلك الطبقات، والقيادة المتقدمة في السن. أما أن يقود فرد من خارج هذه الفئات، فهو أمر يواجه شكوكاً واعتراضات، سواء من النخب الحاكمة أو من العقلية الجمعية. أن يخطف الأنظار رجل من العامة، دون تاريخ يذكر، فذلك يُعتبر خروجاً عن المألوف وتهديداً للأنماط الراسخة. في بيئات سياسية واجتماعية، يُصبح القائد الشاب يمثل تهديداً غير مألوف، فهو يحمل طموحاً وقدرة على التغيير غير مقيدة بالأنماط التقليدية.

▪️تحدي السردية التقليدية
ثورة جديدة على المألوف والسائد السياسي والقيادي والخروج من قالب الشخصيات السياسية التي نعرفها، وكسر القوالب الاجتماعية والطبقية واحتكار النخب للسلطة، وإعادة صياغة مفاهيم القيادة التقليدية. هذه التغييرات تُعتبر تهديداً للنظام المحلي والإقليمي، وتجعل الشرع نموذجاً مخيفاً. فهو يعيد الحلم والطموح للشباب؛ تلك الطبقة التي جرى العمل على سحقها وتهميشها وتهجيرها وزعزعة ثقتها بنفسها ومستوى طموحها.

نموذج متمرد على الواقع، يشبه تلك التي قادها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) حين قدم أبناء الطبقات الوسطى والفقيرة والعبيد على أشراف قريش وشيوخها. الملك المنصور بن أبي عامر الذي نقم عليه الناس لآخر حياته، أنه جاء من أواسط الناس.

تلك الخطوة الحالمة والطموحة، التي قد تُعيد إذا استمرّت إحياء الشباب وطموحهم. هي وحدها الفكرة المُخيفة، التي لا يمكن تجاوزها بسهولة في أذهان العامة، أو أبناء الذوات والملوك.

ويبقى السؤال الأهم: هل مجتمعنا مستعد للخروج من كل تلك القيود، وإفساح المجال أمام جيل جديد من القادة الشباب؟

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *