قلق فلسطيني من تكرار سيناريو الحرب على غزة في الضفة الغربية
يُبدي الكثير من الفلسطينيين قلقاً من تكرار سيناريو الحرب على غزة في الضفة الغربية، والتي شملت عمليات قتل جماعي وهدم تجمعات سكانية، وتشريد وتجويع أهلها.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إطلاق عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، الثلاثاء، تبدأ من جنين وتمتد إلى باقي مناطق الضفة الغربية.
وأعلن عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، بينهم وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، عن عملية عسكرية تؤدي إلى ما أسموه “تغيير مفهوم الأمن” من خلال القضاء على المجموعات المسلحة بمختلف مسمّياتها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تعزيز فرقة “يهودا والسامرة”، (وهو الإسم التوراتي للضفة الغربية)، بسبع سرايا وأربع وحدات خاصة. وترافقت العملية مع تشديد إجراءات الحصار على مختلف المدن في الضفة الغربية على نحو يُعيق حركة الفلسطينيين، ويحدّ منها إلى أقصى حد، ويفتح الطرق العامة أمام المستوطنين.
وجاءت هذه العملية العسكرية في أعقاب تطورين كبيرين، الأول هو سريان المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، والثاني قيام السلطة الفلسطينية بالسيطرة الأمنية على مخيم جنين، وإزالة كافة المظاهر العسكرية فيه.
وترافقت العملية مع اعتداءات واسعة ومنظمة لميليشيات المستوطنين على التجمعات السكانية الفلسطينية في الأرياف من شمال الضفة الغربية حتى جنوبها مروراً بوسطها.
حرب سموترتش
ويرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية فتحت الحرب على الضفة الغربية إرضاءً للوبي المستوطنين في الحكومة، الذي يمثله وزير المالية سموتريتش، الذي هدّد بإسقاط حكومة نتنياهو من خلال انسحاب حزبه، الذي يمنحها الأغلبية البرلمانية اللازمة للبقاء، ما لم يتم استئناف الحرب في غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى ومدتها 42 يوماً.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن نتنياهو أراد إرضاء سموتريتش بهذه الحرب، مشيرين إلى أنها تخدم المستوطنين الذين يمثلهم، وذلك بتطبيق هدفهم المعلن الذي يسمونه “حسم الصراع” عبر الاستيلاء على كامل المنطقة الريفية، التي تمثل أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، وفرض حصار على التجمعات السكانية الفلسطينية، وتهجير التجمعات السكانية الريفية والحلول محلها.
إضعاف السلطة
ومن أهداف هذه الحرب أيضاً إضعاف وتحجيم السلطة الفلسطينية ذلك أنها جاءت بعد أسبوع من تمكن السلطة من فرض سيطرتها على مخيم جنين، وإزالة كافة المظاهر العسكرية فيه، عبر عملية عسكرية طويلة ومعقدة استمرت خمسين يوماً جرى خلالها حصار المخيم وخوض اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة فيه، أسفرت عن سقوط 15 فلسطينياً، 7 منهم من قوات الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة.
وكان رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج حذّر من قيام الجيش الإسرائيلي باجتياح وهدم مخيم جنين وتشريد أهله. وخاطب فرج جمعاً من ممثلي المؤسسات والشخصيات العامة في جنين قبيل إطلاق العملية قائلاً إنها “تهدف إلى حماية المخيم من خطط إسرائيلية تهدف إلى هدمه وتشريد أهله، متخذة من وجود بعض المجموعات المسلحة فيه ذريعة لذلك.
وقال فرج، في كلمته أمام هذا التجمع، إن الطريق إلى حماية المخيم من التدمير والتهجير هو إبعاد المسلحين عنه عارضاً استضافتهم وتوفير الحماية لهم في مقار أجهزة الأمن الفلسطينية. وقد استجاب أفراد المجموعات العسكرية لمناشدة اللواء فرج، وقرّروا إخلاء المخيم وإزالة كافة المظاهر العسكرية التي أقاموها فيه.
وذكر محافظ جنين كمال أبو الرب أن الحكومة الإسرائيلية أرادت من هذه الحرب “إضعاف وإحراج السلطة الفلسطينية”، محذراً من خطة إسرائيلية لتكرار سيناريو غزة في جنين.
العملية على الأرض
وبدأت العملية العسكرية في جنين، الثلاثاء، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قد تستمر أسابيع قبل أن تنتقل إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية.
وقال فلسطينيون في جنين إن الجيش الإسرائيلي عزّز قواته في المدينة، فجر الأربعاء، وفصل المخيم بصورة تامة عن محيطه، وشرع في اقتحام البيوت وتفتيشها واعتقال المواطنين.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلية قتلت 10 فلسطينيين وأصابت 40 آخرين، منذ بدء العملية العسكرية في المدينة والمخيم الثلاثاء.
ونشر فلسطينيون فيديوهات تظهر مدنيين يتعرضون لنيران القناصة الإسرائيلييين أثناء سيرهم في الطرق العامة. ومن بين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقتل والإصابة عدد من العاملين في القطاع الصحي، حيث لقي واحد منهم حتفهم وأصيب أربعة، وهما طبيبان وممرضان، إثر تعرض المراكز الصحية والمستشفيات لإطلاق نار.
وذكر شهود عيان أن الجيش الإسرائيلي عزز قواته في المدينة والمخيم بعشرات المركبات العسكرية المصفحة والطائرات المسيرة، وأن وحدات خاصة من القناصة احتلت أسطح عشرات البيوت، وأن الجرافات قامت بتجريف الطرق الرئيسة وتدمير واسع لشبكات المياه والكهرباء والاتصالات في المخيم.