اخر الاخبار

حرب المسيّرات الذكية تشتعل بين روسيا وأوكرانيا

مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، شهدت ساحة المعركة بين موسكو وكييف استخداماً لشتى أنواع الأسلحة، ومشاركة قتالية من البشر والروبوتات على حد سواء.

ويُعتبر التحول الذي شهدته الحرب في أوكرانيا، مدفوعاً بنشر طائرات مسيّرة انتحارية تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي يمكنها تحديد الأهداف ومهاجمتها بشكل مستقل، وفقاً لموقع EurAsian Times.

تطور ذكاء المسيّرات

عندما بدأت الحرب، كانت الطائرات المسيّرة الانتحارية تُعتبر الأسلحة الأكثر حداثة في ساحة المعركة، حيث كانت قادرة على الطيران إلى منطقة الهدف باستخدام مزيج من نظام الملاحة بالقصور الذاتي ونظام الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، والتحليق فوق منطقة الهدف لاصطياد هدف العدو باستخدام مستشعرها البصري.

وعند تلقّي الأوامر، تشن الطائرات المسيّرة هجوماً دقيقاً أو تنقل إحداثيات الهدف لشن هجوم بالمدفعية أو الصواريخ.

وبعد وقت قصير من بدء الحرب، أدرك الخصوم أن الطائرات المسيّرة رباعية المراوح الرخيصة والمتوفرة على نطاق واسع يمكن تكوينها كـ”ذخيرة متسكعة” باستخدام وضع منظور الشخص الأول (FPV) للتحكم والملاحة.

وباستخدام FPV، يمكن توجيه الطائرات المسيّرة يدوياً إلى هدفها بواسطة مشغليها، وبالتالي القضاء على الحاجة إلى تجهيز طائرات بأنظمة INS وSATNAV باهظة الثمن والضخمة.

وتستخدم طائرات FPV المسيّرة روابط اتصال ترددات الراديو (RF) في خط البصر (LoS)، الأمر الذي يحد من نطاقها.




ولا يعمل استخدام مرحل اتصال لتوسيع النطاق إلى ما بعد نقطة معينة لأن نطاق الطائرات المسيّرة مقيد أيضاً بسعة التخزين المحدودة لبطاريتها.

ومع استمرار الحرب، تقدمت تكنولوجيا الطائرات المسيّرة بسرعة، حيث سعى الخصمان إلى اكتساب ميزة تقنية.

وجرى تقديم الطائرات المسيّرة المجهزة ببرامج الذكاء الاصطناعي وقوة الحوسبة والرؤية الآلية، في البداية لتحديد الأهداف.

وفي وقت لاحق، بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي والرؤية الآلية، إلى جانب القدرة على الطيران المستقل، لاختراق الحرب الإلكترونية، وضرب الهدف المقصود أو تسجيل إحداثياته.

وفي البيئات التي لا تتوفر فيها أنظمة الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، تستطيع الطائرات المسيّرة ذاتية التشغيل التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تحديد مواقعها على الأرض بدقة من خلال الرؤية الآلية.

كما يمكنها تحديد أهدافها، وإذا لزم الأمر، يمكنها بعد ذلك الخروج من منطقة التشويش ونقل إحداثيات الهدف.

وأدخلت روسيا وأوكرانيا طائرتين تستخدمان الذكاء الاصطناعي وتعملان بالرؤية الآلية إلى ساحة المعركة، وهو ما أدى إلى تغيير الطريقة التي يتم التخطيط بها للحرب.

طائرة V-Bat

اختبرت أوكرانيا ميدانياً طائرة مسيّرة انتحارية كبيرة الحجم مدعومة بالذكاء الاصطناعي تسمى V-BAT في مايو 2024.

وأعلنت Shield AI، وهي شركة أميركية لتكنولوجيا الدفاع، التي طورت الطائرة المسيّرة مؤخراً أن V-BAT بدأت التدريب مع قوات الأنظمة غير المأهولة في أوكرانيا لإعداد المقاتلين الأوكرانيين للعمليات.

وتُعتبر V-BAT نظام إقلاع وهبوط عمودي – VTOL غير مأهول، والتي أثبتت كفاءة في بيئات الحرب الإلكترونية.

وتستطيع المسيّرة التي يُطلق عليها في الولايات المتحدة اسم MQ-35، إكمال مهمتها من البداية إلى النهاية دون الحاجة إلى وجود مشغّل في الحلقة.

ويمكن لمشغل واحد التحكم في ما لا يقل عن 5 طائرات مسيّرة، ولا يتم رسم مسارات طيران الطائرات بواسطة البشر، بل يتم إنشاؤها دائماً بشكل مستقل في الوقت الفعلي.

ويبلغ مدى هذه الطائرة 500 كيلومتر، ويمكنها التحليق فوق المنطقة المستهدفة لمدة 10 ساعات في الوضع الأفقي.

وعلى النقيض من ذلك، لا تستطيع الطائرات المسيّرة الانتحارية المتوفرة حالياً لدى القوات الأوكرانية والروسية التحليق لمسافة تتجاوز 100 كيلومتر، وتبلغ مدة تحليقها من 10 إلى 15 دقيقة. وتتمتع V-BAT بسعة حمولة تبلغ 11.3 كجم، وسقف خدمة يبلغ 6 كم.

ويشتمل تركيب المستشعر على كاميرات EO/الأشعة تحت الحمراء ذات الموجة المتوسطة (MWIR) للتصوير عالي الدقة في ظروف الإضاءة المتنوعة.

وتُعتبر الطائرة المسيّرة صغيرة الحجم بما يكفي لوضعها في سيارة رياضية متعددة الاستخدامات. كما تمنح ميزتها في الإقلاع والهبوط العمودي الأوكرانيين القدرة على الانطلاق وإطلاق النار، وتتمتع كذلك بالقدرة على الإطلاق من السفن والتضاريس الوعرة.

ومؤخراً، دمرت القوات الأوكرانية نظام دفاع جوي روسي من طراز Pantsir على بُعد مئات الكيلومترات في شبه جزيرة القرم باستخدام طائرة مسيّرة انتحارية أُطلقت من قارب مُسيَّر. ويُعتقد أن الطائرة المستخدمة كانت من طراز V-Bat.

وتتميز V-BAT بمحرك Suter TOA 288 ثنائي الأسطوانات لتشغيل مروحة مجاري الهواء. وتعمل مروحة مجاري الهواء على زيادة الدفع بنسبة 80%+ عند قوة محرك مكافئة، ما يتيح الإقلاع والهبوط باستخدام خطة طاقة واحدة.

طائرة Ovat-S

يشار إلى طائرة Ovat-S المسيّرة، باسم Ovod أو Gadfly باللغة الإنجليزية. وجرى تطويرها لتلبية المتطلبات العاجلة للقوات الروسية.

وتُعتبر قدرات الطائرات Ovat-S المبنية على الذكاء الاصطناعي والرؤية الآلية أكثر تواضعاً بكثير من قدرات الطائرة الأوكرانية.

وتتميز الطائرة الروسية بوجود كمبيوتر على متنها، وتستخدم الذكاء الاصطناعي القائم على الشبكة والرؤية الآلية لتحديد الهدف. وإذا تم إصدار أمر لمهاجمة الهدف، فإنها تتجه نحوه باستخدام الرؤية الآلية.

وتسمح لها قدرة الرؤية الآلية والتوجيه بالعمل بالتوجيه الدقيق في ظل رفض نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتحكم في تشويش القنوات، وكذلك عندما تتدهور الرؤية اللاسلكية بسبب الارتفاعات المنخفضة. كما تم تجهيزها بقذيفة ذخيرة جديدة وغير مكلفة.

وتتمتع الطائرة المسيّرة بخاصية التفجير عن بُعد والتدمير الذاتي، ويبلغ وزن الحمولة القتالية لها نحو 3.5 كجم، ويبلغ مدى طيرانها نحو 8 كيلومترات، كما يمكنها الطيران بسرعات تتراوح بين 150 إلى 180 كيلومتراً في الساعة، لمدة تتراوح بين 8 إلى 10 دقائق.

وتطورت طائرة Ovat-S منذ طرحها لأول مرة، استناداً إلى الاستخدام في ساحة المعركة. وتشمل التحسينات التي تم إدخالها حمولة أكبر ودمج كاميرات التصوير الحراري.

ولوحظت عمليات نشر مبكرة للطائرة المسيّرة في مناطق القتال مثل أفدييفكا في دونيتسك، ورغم قدراتها القتالية الكبيرة، فإن تصنيع طائرة Ovat-S رخيص نسبياً، إذ تشير التقارير إلى أن تكلفة الطائرة الواحدة تتراوح بين 40 ألفاً إلى 69 ألف روبل روسي، (بين 410 إلى 710 دولارات).

ولم يتم الكشف علناً عن التكلفة الدقيقة لوحدة طائرة V-BAT المسيّرة من شركة Shield AI، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تقل عن 50 ألف دولار أميركي.

وفي يوليو الماضي، منح خفر السواحل الأميركي شركة Shield AI عقداً بقيمة 198 مليون دولار لتوفير خدمات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) باستخدام نظام الطائرات المسيّرة V-BAT.

وأبرمت شركة Shield AI في نوفمبر الماضي صفقة مع شركة JSW Defense and Aerospace لتصنيع طائرات V-BAT المسيّرة في الهند.

وتضمنت الصفقة استثماراً بقيمة 90 مليون دولار لنقل التكنولوجيا، وإنشاء منشأة تصنيع، وبرامج امتثال لدعم متطلبات الإنتاج المحلية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *