اخر الاخبار

الدبيبة: نريد من ترمب الاستثمار أكثر في استقرار ليبيا

دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة خلال لقاء مع “الشرق”، الأربعاء، الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي وصفه بـ”الرئيس القوي”، و”رجل السلام” إلى “الاستثمار أكثر في استقرار ليبيا”، وزيادة الاستثمارات الأميركية في مجالي النفط والبنية التحتية، معرباً في الوقت نفسه عن استعداده تسليم السلطة لـ”حكومة منتخبة من برلمان منتخب”.

ورداً على سؤال بشأن تأثير عودة ترمب إلى البيت الأبيض على ليبيا، قال الدبيبة خلال اللقاء الذي جرى على هامش منتدى “دافوس”: “نتأمل من وجود رئيس قوي للولايات المتحدة، ورجل من الظاهر أنه رجل سلام، فقبل أن يدخل البيت الأبيض أوقف العدوان الغاشم على غزة، وهذا مؤشر إيجابي”.

وأعرب الدبيبة عن أمله في دخول رأس المال الأميركي للاستثمار بمجالي النفط، والبنية التحتية، مضيفاً: “لا تزال هناك في ليبيا كثير من الشركات الأميركية خصوصاً في قطاع النفط وتوريد الكهرباء وغيرها، ونحن نرحب بذلك”، كما دعا ترمب إلى “الاستثمار أكثر في استقرار ليبيا، بدلاً من دعم أي شيء آخر”.

وفي سؤاله عن آفاق مسار العملية السياسية في ليبيا، رد الدبيبة قائلاً: “عندما جاءت حكومتنا قبل عدة سنوات، وجدنا مخلفات الحروب والتدمير وكل المؤسسات مجمدة ومدمرة، وليس لدى الشعب الليبي قدرة على كسب قوت يومه، وكثير من الخدمات شبه متوقفة أو متوقفة بالكامل”.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن أبرز ما حققته حكومته خلال السنوات الماضية في قطاعات الكهرباء، والصحة، والتعليم، معرباً عن “رضاه عما حققته حكومته”، وبشأن انقسام ليبيا منذ عام 2014 بين سلطتين متنازعتين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، ذكر أنه “لا صدع بين الشعوب، وليس هناك أي انشقاق.. ولا يوجد أي فرق أو خلاف بين الليبيين”.

ووصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا الخلاف القائم بأنه “سياسي”، مضيفاً: “هناك اتجاهات كثيرة، والكل يريد فرض سياسته على الحكم في ليبيا، فمنهم من يرى النظام العسكري وقوة العسكر هي التي تريد الحكم، وهناك من يرفع شعار الأيدلوجية والدين، وهناك أصوات تنادي بالرجوع للنظام الاشتراكي”، داعياً أصحاب تلك التوجهات لـ”الاندماج مع الليبيين، والخروج بقوانين دستورية حقيقة، أو دستور يصوت عليه كل الليبيين، وهو مطلب الليبيين في الشرق والغرب والجنوب”، وفق قوله.

الانتخابات.. أحد الحلول

واعتبر الدبيبة أن “الانتخابات أحد الحلول في ليبيا”، مشدداً على أهمية الخروج بقوانين دستورية من أجل الوصول إلى تلك الانتخابات، وأكد ضرورة انتخاب برلمان “وفق قوانين عادلة ودستورية”، ثم “يتم بعد ذلك إحضار حكومة من بعدنا.. نحن مستعدون لتسليم الراية لحكومة منتخبة من برلمان منتخب”.

واتهم البرلمان بالرغبة في إضاعة الوقت، وتغيير المحيط مع الإبقاء على الوضع الحالي وتمديد الفترات الانتقالية، قائلاً: “نحن لا نريد أي فترة انتقالية قادمة.. نحن نريد الدخول في لب العملية الانتخابية”.

ويرى الدبيبة، أن النظام الديمقراطي “يناسب ليبيا”، داعياً البرلمان إلى “إخراج الدستور الموجود في الأدراج، والتصويت عليه.. (ثم) مباشرة ندخل في العملية الانتخابية”، واعتبر أن المرحلة الأولى من العملية الانتخابية “متعطلة”، مشدداً على أهمية إخراج مسودة الدستور “اليوم قبل الغد”.

ورداً على سؤال بشأن أبرز الجهات التي تعمل على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، أجاب الدبيبة: “أي أحد يحب الخير لليبيا يذهب إلى الدستور، سواءً كان ليبياً أو غير ليبي.. المشكلة أننا كنا نتحارب، واليوم توقفت الحرب، وبدأنا في مرحلة الاستقرار وبناء الثقة، ومرحلة إعادة الحياة لهذا المجتمع”.

وتوقفت العملية السياسية الرامية إلى إنهاء سنوات من الانقسام والصراعات في ظل وجود حكومتين: واحدة في الشرق برئاسة أسامة حماد وأخرى في الغرب برئاسة عبد الحميد الدبيبة، منذ انهيار الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021، وسط خلافات بشأن أهلية المرشحين الرئيسيين.

وهناك هيئتان تشريعيتان متنافستان وهما: مجلس النواب الذي انتخب في عام 2014 باعتباره البرلمان الوطني بولاية مدتها 4 سنوات للإشراف على الانتقال السياسي، والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس والذي تشكل ضمن اتفاق سياسي عام 2015، وتم اختيار أعضائه من البرلمان الذي انتخب لأول مرة في عام 2012، بحسب وكالة “رويترز”.

ويتمسك مجلس النواب بمطلب تشكيل حكومة جديدة موحدة قبل إجراء الانتخابات، لكن هذه المهمة تبدو صعبة في ظل معارضة أطراف غرب ليبيا لهذا المقترح وعلى رأسها الدبيبة الذي يتمسك بالبقاء في منصبه إلى حين إجراء انتخابات.

الاقتصاد الليبي

وفي سؤاله عن النمو المتوقع للاقتصاد الليبي، قال الدبيبة لـ”الشرق”، إن بلاده في “بداية الانطلاق”، لافتاً إلى أن ذلك يأتي بعد “مرور ليبيا بمراحل قاتمة السواد من خلافات وصراعات”.

وذكر أن حكومته رفعت شعار “عودة الحياة” لبرنامجها التنموي، معرباً عن تطلعه في تحقيق نمو اقتصادي متصاعد للبلاد، وأوضح أن “جميع المؤشرات تدل على أن البداية جيدة، ولكن ما زلنا نتطلع إلى الكثير”، ووفقاً لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، تشير التوقعات الدولية إلى تحقيق ليبيا نمواً قدره ما بين 11-12% خلال عام 2025.

وعن أداء ليبيا الاقتصادي وأبرز المحطات خلال عام 2024، قال الدبيبة، إن أبرز تلك المحطات تتمثل في “استقرار البلد سواءً الأمني أو الاقتصادي، وهو ما يخلق أجواء إيجابية لدعوة كل الليبيين لاستثمار أموالهم في الداخل، وهذا جزء كبير جداً للدفع باقتصاداتنا للأمام”.

وشدد على الحاجة لعودة أموال الليبيين التي ذهبت خارج ليبيا، وأضاف: “هذا سيتم من خلال وضع استقرار أمني نسبي في البلد، وهذه هي السنة الثالثة التي نحققها فيها نوع من الاستقرار الأمني والاقتصادي، والتنمية تعود إلى حركتها الطبيعية”.

صندوق النقد الدولي

ورداً على سؤال بشأن أبرز المحاور التي سيتم مناقشتها مع صندوق النقد الدولي خلال الاجتماع المرتقب المقرر في أبريل المقبل، أجاب الدبيبة: “لا يوجد في ليبيا الكثير من المؤسسات وحتى لو وجدت المؤسسات دُمرت كما دُمرت الحياة في السنوات الماضية”.

وأعرب عن رغبة حكومته بـ”تفعيل القوانين”، وتحقيق “تطلعات الاقتصاد الليبي”، ودخول جميع المؤسسات الدولية بـ”روح أخرى وبشكل آخر”، لافتاً إلى أن المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي “تجعل الكثير في المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تراقب ماذا يحدث في ليبيا”.

وأردف: “نريد مشاركة هذه المؤسسات والهيئات الدولية لتراقب اقتصادنا، وتشجعنا على الذهاب نحو الطريق الصحيح”.

وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي، ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد.

وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريراً يشكل أساساً لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص، وفي ختام المناقشات، يقوم مدير عام الصندوق، بصفته رئيس المجلس التنفيذي، بتقديم ملخص لآراء المديرين التنفيذيين ثم يُرسَل هذا الملخص إلى السلطات في البلد العضو، بحسب موقع صندوق النقد الدولي.

توجهات مصرف ليبيا المركزي

وعن التوجهات لإعادة هيكلة القطاع المصرفي الليبي، أكد الدبيبة أن الحكومة “لا تساهم” في القطاع المصرفي”، موضحاً أنها مسؤولية “المؤسسة النقدية في ليبيا، وهو مصرف ليبيا المركزي”.

لكنه يرى أن المصرف “متناغم ومنسجم” مع خطط الحكومة، و”خصوصاً بعد تغيير مجلس إدارة المصرف”، معتبراً أن “المصرف كان يدار خلال الـ18 عاماً الماضية بشكل فردي”.

وظلّ المصرف المركزي سنوات طويلة منقسماً بين إدارتين، الأولى في غرب ليبيا، والثانية في شرقها، إلى أن جرى توحيده في أغسطس 2023 بعد مساعٍ أممية ودولية.

ووصف الدبيبة قرارات الإدارة الجديدة للمصرف بأنها “إيجابية”، لافتاً إلى أن القطاع المصرفي “ميت وخامل، ولا يمكن أن تُبنى اقتصادات الدول دون هذا القطاع المهم”، معرباً عن أمله بأن يكون المصرف المركزي “واعداً”، و”يخرج من الترهل والبيروقراطية”.

وعن صحة ما يتداول بوجود خلافات حول الإيرادات بين المصرف المركزي ومؤسسة الوطنية للنفط، نفى رئيس حكومة الوحدة صحة ذلك، قائلاً: “لا شئ من ذلك.. طبعاً كان هناك بعض المشاكل وأسعار النفط انخفضت، وحصل انخفاض في دخول النفط”.

14 عاماً من تجميد الأموال

وعن سماح مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، للمؤسسة الليبية للاستثمار، باستثمار أصولها المجمدة في أدوات الدخل الثابت بشرط أن تظل تلك الأدوات والدخل المحقق منها مجمدة، قال الدبيبة إن أموال المؤسسة تبلغ قرابة 70 مليار دولار وهي “مجمدة” منذ عام 2011.

وأوضح أن الحكومات الليبية المتعاقبة منذ ذلك الوقت “لم تطالب برفع هذا التجميد”، وأردف: “كنا عاجزين حتى على إدارة أصولنا.. وهناك محاولات لنهب كثير من هذه الأموال”.

ووصف قرار مجلس الأمن بـ”المهم جداً” في نقل “كل” الأموال المجمدة واستثمارها وإدارتها، متطرقاً إلى دور الجزائر، وهي العضو غير الدائم في مجلس الأمن، في دعم هذا القرار الذي يعد “خطوة أولى نحو رفع التجميد بشكل نهائي”.

وحول آخر التطورات في ملف الاستثمار الأجنبي، دعا الدبيبة رأس المال الأجنبي إلى الاستثمار في القطاع النفطي الذي هو “بحاجة إلى كثير من الاستثمار ورؤوس الأموال الكبيرة، سواء من خلال الشركات النفطية المعروفة عالمياً أو حتى الشركات المتوسطة”.

واعتبر الدبيبة مسألة “رجوع” رؤوس الأموال الليبية للاستثمار في ليبيا “أولوية”، وقال: “نشجع حتى بعض الصناديق المملوكة للدولة بأن تستثمر بالداخل، وهذا بدأ فعلاً من خلال المؤسسة الليبية للاستثمار”.

الاستثمار في النفط والغاز

وعن إمكانية تحقيق مستهدف زيادة إنتاج النفط من مليون و400 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي إلى 2 مليون خلال 3 سنوات، أعرب الدبيبة عن قدرة ليبيا في الوصول لذلك “بشكل سهل”، في حال “سارت كل المشروعات المخطط لها في سياقها الطبيعي دون أي معوقات”.

وتطرق الدبيبة إلى أبرز المستهدفات في قطاع النفط والغاز، قائلاً: “هناك خطان للاستثمار في مجال النفط والغاز، ففي الغاز بدء فتح كثير من المشروعات في البحر والبر”، وعن الاستثمار في المجال النفطي، ذكر أن “البنية التحتية كانت مدمرة، وهناك آبار تحتاج لإعادة تأهيل وأموال، وسنفتح الأبواب للاستثمار في هذه الآبار لإعادة تهيئتها وتأهيلها”.

وأعلن أن حكومته ستبدأ في الفترة القادمة جولة جديدة، لمنح الشركات امتيازات استكشاف النفط والغاز، مشيراً إلى استعداد شركة BP البريطانية لـ”إعادة تفعيل مشروعاتها القائمة، وحتى الدخول في امتياز جديد”.

الخبرات العربية

ودعا الدبيبة، الدول العربية التي لديها خبره في قطاع الطاقة لـ”التفكير في الاستثمار بليبيا”، ومضى قائلاً: “نحن أخوة وشركاء وجيران ومصيرنا واحد، ونريد الاستفادة من خبراتهم في مجال النفط والطاقة، حتى ولو بالتعاون مع الشركات الكبرى الأوروبية والأميركية والكندية”.

وبشأن اتجاه ائتلاف من شركات مصرية كبيرة لتأسيس شركة قابضة للاستثمار في ليبيا، أفاد الدبيبة بأن الائتلاف “ينفذ اليوم أكبر مشروع للطريق الدائري الثالث في (العاصمة) طرابلس، وهذا المشروع فاقت (قيمته) 4 مليار دينار (813 مليون دولار)، وأتوقع استكمال هذا المشروع في وقت قريب جداً خلال هذه السنة”.

وأعرب رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن ترحيبه بـ”كل الائتلافات المدروسة، سواءً كانت من شركات مصرية، أو عربية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *