اخر الاخبار

تونس.. دعوات برلمانية لـحوار وطني عقلاني وتعديل قوانين الردع

شهدت الساحة السياسية في تونس، حالة من الحراك بعد تعالي الأصوات المطالبة بضرورة إجراء حوار وطني، استجابة لدعوة الرئيس قيس سعيد، في مطلع يناير الجاري، إلى ما سماه “وحدة وطنية صمّاء”.

وأطلق أعضاء في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الاثنين الماضي، مبادرة تهدف إلى إجراء “حوار  عقلاني جدّي قوامه المصلحة الوطنية”، مطالبين بضرورة تكريس استقلال القضاء، و إطلاق سراح سجناء الرأي، وتنقيح قوانين الردع، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية.

كان الرئيس قيس سعيد، دعا خلال اجتماعه بالحكومة، إلى “وحدة وطنية صمّاء تتكسّر على جدارها كل المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار، في ظل  الأوضاع المتسارعة وغير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم”.

تشديد الرئيس التونسي على ضرورة توحيد الصفوف، تزامن مع مخاوف داخلية من تبعات سقوط النظام السوري، واحتمالات عودة المقاتلين التونسيين في صفوف التنظيمات الجهادية من سوريا.

ومن بين هذه المخاوف إعلان شركة الخطوط الجوية الحكومية، تحويل كل الرحلات الجوية من وإلى تركيا، إلى محطة فرعية لمطار تونس قرطاج، وهو ما اعتبره متابعون خطوة أمنية لتشديد الرقابة على عودة محتملة لعناصر جهادية.

الأحزاب الموالية للرئيس، بادرت بالدعوة إلى الحوار على قاعدة “الوطنيين دون غيرهم”، واستثنت المتهمين في قضايا فساد أو ارتباطات خارجية، على غرار حزب حركة النهضة الإسلامي، الذي تقبع أغلب قياداته في السجون.

حزب التيار الشعبي، المناصر لـ”مسار 25 يوليو 2021″، إذ أعلن الرئيس حل البرلمان، في بيان بمناسبة الذكرى الـ 14 للثورة التونسية، على ضرورة تقوية البناء السياسي الديمقراطي، واستكمال تركيز المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية والمجالس القضائية وتعديل “المرسوم 54″، الذي يواجه انتقادات واسعة، ويعتبره كثيرون يستهدف الصحافيين وحرية التعبير، إذ ينص المرسوم على السجن خمس سنوات وفرض غرامة مالية بحق كل من يُدان بنشر “شائعات أو معلومات مضللة”، كما تتضاعف العقوبة إذا كان الأمر يتعلق بنشر إساءات ضد موظف عمومي.

إحياء السياسة

ودعا الحزب إلى ضرورة “الخروج من حالة الإنغلاق السياسي، ومد جسور التواصل مع جميع الأحزاب والهيئات المهنية والمنظمات الوطنية المناهضة للرجعية والهيمنة والمؤمنة بالديمقراطية والسيادة”.

وقال محمود بن مبروك، أمين عام حزب “حراك 25 يوليو” الموالي للرئيس، لـ “الشرق”، إن الحزب يدعو إلى إجراءات على غرار ما حدث في الجزائر من مصالحة أدت إلى إطلاق سراح عدد من السياسيين.

واشترط، أن يجمع الحوار كل من يشارك “مسار 25 يوليو” الأهداف والتوجهات للنهوض بتونس اقتصادياً واجتماعياً، رافضاً الحديث مع أطراف سياسية قال إنها كانت سبباً في فشل الفترة الماضية، وكانت من المُنظرين للمجاهدين والاغتيالات السياسية.

وأضاف محمود بن مبروك، أنه من غير الممكن أيضاً الحوار مع تيارات الإخوان (حزب حركة النهضة).

أحزاب المعارضة بدورها، جددت دعواتها إلى ضرورة إحياء الحياة السياسية والدفاع عن مكتسبات الثورة، مؤكدة ضرورة العمل على إخراج البلاد من أزماتها دون إقصاء أي طرف، كشرطٍ أساسي لنجاح أي لحوار.

المتحدث باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغيّر، اشترط لنجاح الحوار أن يجرى دون إقصاء أي فصيل.

وقال لـ “الشرق”: “من غير الممكن إجراء حوار بينما عدد كبير من القيادات السياسية ونشطاء المجتمع المدني والصحافيين في السجن بتهم وحجج واهية لا أساس لها من الصحة “.




ظل تنقيح “المرسوم 54″، مطلبا أساسياً لكل التيارات السياسية في تونس، واعتبرت أن تعديله أول شروط المشاركة في حوار يخفض التوتر بين مختلف مكونات المجتمع.

ويهدف المرسوم (القانون) الذي صدر في سبتمبر 2022، إلى مكافحة المعلومات والشائعات الكاذبة على الإنترنت، وتنص المادة 24 من المرسوم على السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 50 ألف دينار (نحو 15 ألف دولار) لكل من ينشر مثل هذه المعلومات، وتضاعف العقوبة إذا صدرت الأقوال المسيئة عن أحد موظفي الدولة.

وتزايد الجدلُ بشأن القانون، إذ اعتبره فريق سالباً لحرية الصحافة والفكر والتعبير، في حين اعتبره آخرون ضرورياً لإعادة ترتيب البيت التونسي بسبب الفوضى التي تسبب فيها إطلاق الحريات عقب الثورة.

نقيب الصحافيين التونسيين، زياد دبار، يعتبر أن “المرسوم 54” يهدف لمقاومة الجرائم الإلكترونية، أي كل ما يمثل جرائم مالية وقرصنة على الفضاء الإلكتروني، إلا أنه لم يطبق منذ إصداره إلا في قضايا النشر والرأي.

وأضاف في تصريحات لـ”الشرق”: “طُبّقت المادة 24 من المرسوم على صحافيين، وأعضاء سابقين بهيئة الانتخابات، وقضاة، ومحامين، ومواطنين عاديين، ليصبح سيفاً مسلطاً على رقاب كل شخص ينتقد السياسات العامة، أو السلطة السياسية”.

واعتبر دبار، أنه من غير الممكن الحديث عن حوار وطني في ظل وجود صحافيين في السجون بسبب عملهم الصحافي بعد إحالتهم للمحاكمة على أساس المرسوم 54، مشيراً إلى أن إحدى بوادر الانفراج السياسي تتمثل في تنقيح المرسوم، لافتاً إلى وجود مبادرة برلمانية موقعة من نحو 60 نائباً أي حوالي 45% من عدد النواب، تطالب بتنقيح المرسوم.

ودعا رئيس لجنة الحقوق والحريات في البرلمان، محمد علي، إلى “تنقيح بعض التشريعات التي كانت لها انعكاسات سلبية على وضع الحقوق والحريات داخل البلاد، وتسببت في نوع من الانغلاق السياسي، وامتلاء السجون بأكثر من 900 شخص على خلفية “المرسوم 54″، خاصة “المادة 24”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *