مناقشة مجلس الأمن الدولي أوضاع الأطفال في قطاع غزة
وتحدث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، في إحاطة عبر الاتصال المرئي، عما شهده أطفال غزة خلال الخمسة عشر شهرا الماضية وقال: “قُتل الأطفال وجُوعوا وتجمدوا حتى الموت. شُوهوا وتيتموا وانفصلوا عن أسرهم. تفيد التقديرات بأن أكثر من 17 ألف طفل منفصلون عن أسرهم في غزة. وقد لقي بعض الأطفال حتفهم قبل التقاط أنفاسهم الأولى، ليموتوا مع أمهاتهم أثناء الولادة”.
وأضاف أن الأطفال فقدوا تعليمهم ومدارسهم، وأن المصابين بأمراض مزمنة عانوا للوصول إلى الرعاية التي يحتاجونها ولم يتمكن الكثيرون من ذلك.
وذكر توم فليتشر أن مليون طفل في غزة يحتاجون إلى رعاية صحية نفسية ودعم نفسي واجتماعي لعلاجهم من الاكتئاب والقلق، وفق اليونيسف. وقال إن جيلا قد أصيب بالصدمة.
وعلى خلفية “هذا الرعب” قال فليتشر إن الأمم المتحدة وشركاءها يغتنمون كل الفرص التي يقدمها وقف إطلاق النار لتوسيع نطاق الاستجابة بأنحاء قطاع غزة.
وذكر أن الوصول الإنساني الآمن دون عوائق خلال الأيام الماضية، قد حسّن بشكل كبير قدرة وكالات الإغاثة على العمل.
وتحدث المسؤول الأممي عن زيادة تدفق الإمدادات وتعزيز الخدمات المنقذة للحياة، وقال إن منظمات ووكالات الإغاثة تتحد في العمل لتحقيق الأهداف الإنسانية، “وفي قلب هذه الجهود- كما هو الحال دائما- الأونروا“.
ولكنه قال إن وكالات الإغاثة لا يمكن أن تقوم بهذا العمل بمفردها، وإن زيادة المساعدات إلى غزة تتطلب جهدا جماعيا.
وأشار إلى أن غزة بأكملها – أكثر من مليوني مواطن – تعتمد على الدعم الإنساني.
وأكد أهمية تجديد خطوط إمدادات المخزونات بانتظام، بما في ذلك من جانب الدول الأعضاء، واستكمال جهود المساعدة على وجه السرعة من جانب القطاع الخاص.
وانتقل مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إلى الحديث عن الضفة الغربية التي قال إنها شهدت – منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 – “مستويات غير مسبوقة من الضحايا والتشريد والقيود على الوصول الإنساني”. وذكر أن ذلك الوضع اشتد منذ إعلان وقف إطلاق النار (في قطاع غزة).
وقال فليتشر: “المستعمرون الإسرائيليون يهاجمون القرى الفلسطينية ويضرمون النار في المنازل والممتلكات. القيود (الإسرائيلية) المتزايدة على الحركة تعيق قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل كسب العيش. والاعتقالات الجماعية تحدث بأنحاء الضفة الغربية“.
وأبدى المسؤول الأممي القلق بشكل خاص بشأن الوضع في جنين حيث أدى العدوان الإسرائيلي “باستخدام نيران المروحيات والقصف الجوي مع القوات البرية” إلى سقوط ضحايا وتدمير البنية الأساسية والتشريد.
وقدم فليتشر 3 طلبات إلى مجلس الأمن: أولا، ضمان الحفاظ على وقف إطلاق النار، ثانيا ضمان احترام القانون الدولي بأنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وشدد على ضرورة حماية المدنيين والوفاء باحتياجاتهم الأساسية، والإفراج عن جميع الرهائن، وتحرير الفلسطينيين المعتقلين تعسفيا. والطلب الثالث هو ضرورة أن تضمن الدول الأعضاء التمويل الجيد للعمليات الإنسانية. وأشار إلى أن النداء الإنساني لعام 2025 يطلب 4.07 مليار دولار لتلبية احتياجات 3 ملايين شخص في غزة والضفة الغربية.
وقال إن هذا النداء أساسي للاستجابة للاحتياجات الهائلة والحفاظ على وقف إطلاق النار.
واختتم المسؤول الأممي كلمته بالقول إن “أطفال غزة ليسوا خسائر عرضية، فهم يستحقون مثل الأطفال في كل مكان الأمن والتعليم والأمل. إنهم يقولون لنا إن العالم لم يكن بجانبهم خلال هذه الحرب. ولابد أن نكون بجانبهم الآن“.
وعبر الاتصال المرئي من قطاع غزة، تحدثت بيسان نتيل من مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي عن تجربتها مع الحرب.
وقالت لأعضاء المجلس إن المؤسسة تقوم بأنشطة فنية وأدبية ليعبر الأطفال عن أنفسهم بأدوات وطرق آمنة في مساحات حرة.
وذكرت أن كل ذلك فقد في الحرب، ولم تعد هناك مدارس أو اخبار الرياضة ليتحول كل شيء إلى مراكز للإيواء وخيم النزوح.
ومن خلال الانخراط مع الأطفال، أضافت أن أطفال غزة كانوا يحلمون بالعودة إلى مدارسهم وألا يسمعوا أصوات الطائرات وهي تقصفهم وأن يجدوا غذاء وماء وأبسط مقومات الحياة.
وقالت إنها كانت دائما تتابع – خلال الأشهر الماضية – جلسات مجلس الأمن عبر الإذاعة وهي تأمل أن يوقف المجلس إطلاق النار. كما كانت تفكر في حقوق الإنسان، التي كانت تدرسها في المدرسة، وعلى رأسها الحق في الحياة الذي قالت إنه كان أول شيء يتم انتهاكه خلال الحرب.
وأعربت عن أملها في أن يستمر وقف إطلاق النار ليرجع الأطفال إلى مدارسهم ويعود أهل غزة إلى حياتهم الطبيعية وأن تتوفر مقومات الحياة الأساسية في القطاع.
وأشار مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الفرنسي نيكولا دي ريفيير إلى أرقام صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، مشيرًا إلى أن “أكثر من 14,500 طفل قُتلوا في غزة منذ بداية الحرب”، وهو رقم يتجاوز عدد وفيات الأطفال في الحروب حول العالم خلال أربع سنوات.
وذكر مندوب فرنسا، بضرورة أن يضع اتفاق وقف إطلاق النار حدا للمعاناة غير المقبولة للأطفال والمدنيين الفلسطينيين، استنادا إلى مبادئ القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأشار إلى الجهود الإنسانية التي تبذلها فرنسا، بما في ذلك عمليات الإجلاء الطبي التي أُجريت مؤخرًا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية لنقل المرضى والمصابين من قطاع غزة للعلاج في فرنسا.
وقالت القائم بأعمال المندوب الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة السفيرة دوروثي شيا، “إن اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة المحتجزين كانا متأخرين كثيرًا”.
وأوضحت أن “الاتفاق أوقف الحرب في غزة وسيمكن من إعادة جميع المحتجزين المتبقين إلى عائلاتهم، كما سيؤدي إلى تقديم مساعدات ضرورية بشكل عاجل للمدنيين الفلسطينيين”.
وأشارت إلى المعاناة الهائلة للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، من حيث الضحايا والإصابات والنزوح. كما أشارت إلى أن المعاناة طالت “أصغر ضحايا غزة، الأطفال الفلسطينيين الذين علقوا في الحرب وفقدوا أسرهم، وفاتهم التعليم”.
وأكدت أنه “لا أحد يستفيد من هذه الأزمة”، مشددة على أنه “حان الوقت لضمان وصول المساعدات الحيوية إلى المحتاجين في جميع أنحاء غزة، بما يتماشى مع اتفاق وقف إطلاق النار“.
ودعت الدول إلى دعم هذا الجهد من خلال تقديم تمويل وموارد إضافية لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية الضرورية بشكل سريع.