اخبار تركيا

خدعة الثعالب الجديدة كُشفت.. الذئاب بدأت بتعقبها منذ زمن!..

إبراهيم قاراغول يني شفق

“الاضطهاد بدأ عام 1453″، “كل شيء سيكون جميلاً جداً”، “لا خلاص فرديّاً؛ إما أن ننجو جميعاً أو لا أحد منا”

هذه الشعارات المذكورة أعلاه ليست عبارات عابرة، بل خرجت من عقلية واحدة ومن مصدر واحد، تخدم جميعها هدفاً سياسياً موحداً ومشروعاً محدداً يتعلق بتركيا.

إنها ليست سوى أدوات لمخطط يهدف إلى الانتقام من تركيا، وتصفيتها، وتقويض نفوذها.

تمرد داخلي لإعادة “القسطنطينية”!

كُتب بعضها على الجدران بدافع الانتقام من فتح إسطنبول، في إطار مخطط مستمر منذ قرون يهدف إلى إعادة إسطنبول إلى “القسطنطينية”، وإخراج المسلمين والأتراك من الأناضول.

أما بعضها الآخر، فقد جرى الترويج له من خلال أجهزة الاستخبارات الأميركية والأوروبية والإسرائيلية، تحت غطاء سياسي وبالاعتماد على شبكات داخلية، في محاولة لإنتاج “زيلينسكي جديد” في تركيا.

بات من الواضح اليوم ما هو هذا المشروع، وكيف تم دمجه مع التنظيمات الإرهابية والتهديدات الخارجية ليشكل خطراً وشيكاً على البلاد.

هم من صاغوا الشعارات.. وهم من دبروا الانقلابات!

اليوم، يُعاد استخدام هذه الشعارات عبر تنظيم عائشة باريم، ومن خلال أحداث إرهاب غيزي، ومن خلال تحالفات مع تنظيم غولن الإرهابي في سياق محاولات الانقلاب، إضافة إلى التنسيق مع تنظيم بي كي كي الإرهابي، بهدف تشكيل “جبهة داخلية” لزعزعة الاستقرار.

بعض هذه الشعارات تعود أصلاً إلى تنظيمات إرهابية تابعة لأجهزة الاستخبارات الألمانية/الأوروبية، ورغم ذلك، يتم إعادة تسويقها بلا خجل كأدوات لتحريض سياسي جديد.

منذ إرهاب غيزي وأحداث 17/25 ديسمبر ومحاولة انقلاب 15 يوليو، وصولاً إلى مختلف التدخلات الداخلية والخارجية، كان العقل المدبر خلف كل هذه التحركات هو ذاته العقل الذي أنتج هذه الشعارات.

هدف واحد: إيقاف تركيا!

كل من نزل إلى الشوارع للترويج لهذه الشعارات كان في الحقيقة جزءاً من أجندة خفية، مجرد أداة أو منفذ في مشروع كبير يستهدف تقويض تركيا ومنعها من النهوض مجدداً بعد مئة عام.

كل هذه التحركات تهدف إلى هدف واحد: إيقاف تركيا وإجهاض مشروعها النهضوي.

لقد تم الدمج بين “الإرهاب المسلح” و”الإرهاب السياسي”، وتم استخدام كل الوسائل الممكنة، من إثارة الفتن الطائفية إلى تأجيج الصراعات العرقية، وحتى الدفع نحو الفوضى الداخلية.

كما جرى تضليل الشعب التركي، وطمس وعيه، واستغلال وسائل الإعلام والفن لتوجيهه ضد بلده، ضمن حملة منظمة لخداعه وجرّه إلى صراع مفتعل يخدم أجندات خارجية.

شعار جديد.. تمرد جديد: بحث يائس آخر!

يجري حالياً العمل على موجة جديدة من التحركات، تعتمد على شعار جديد، وتوجه سياسي مختلف، وإعادة هيكلة للمشهد الإعلامي، وتوزيع جديد لرأس المال، في محاولة لإحداث تغيير سياسي واجتماعي واسع النطاق.

إلا أن هذه المحاولة، مثل سابقاتها، محكوم عليها بالفشل، خاصة في ظل عالم يشهد تراجع النفوذ الأميركي لصالح قوى إقليمية، وضعف تأثير أوروبا، مقابل صعود تركيا وتعزيزها لقوتها ونفوذها بشكل متزايد.

ومع ذلك، لا تزال بعض الجهات تسعى إلى دمج الطموحات السياسية لجهات داخلية مع الأجندات السرية لدوائر أوروبية، مستغلة المخططات العرقية والطائفية التي تحيكها بعض القوى في تركيا والمنطقة.

إنه مخطط يهدف إلى تحويل الهويات العرقية والطائفية إلى أدوات للصراع، ودفعها إلى الشوارع في شكل احتجاجات مسلحة، ضمن سيناريو يُراد منه إثارة الفوضى وإضعاف الدولة من الداخل.

تصفية “الجبهات الداخلية”.. وهذه مجرد البداية!

تشهد العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا، مرحلة “تطهير داخلي” تهدف إلى تعزيز الاستقرار الداخلي وحماية الأمن القومي.

كل دولة تسعى الآن إلى تعزيز مركزية سلطتها، وتقوية قدراتها الدفاعية، وتوسيع نفوذها، والقضاء على أي كيان داخلي قد يشكل تهديداً لوحدتها الوطنية أو يُستخدم كأداة ضدها.

وفي تركيا، فإن العمليات الأمنية الأخيرة تسير في هذا الاتجاه، حيث لم يعد التهديد مقتصراً على التنظيمات الإرهابية التقليدية مثل تنظيم بي كي كي الإرهابي وتنظيم غولن الإرهابي، بل امتد ليشمل تهديدات داخلية غير مُعرّفة سابقاً. وقد تكون القضية المتعلقة بعائشة باريم أول نموذج لهذا النهج الجديد في التعامل مع المخاطر الداخلية غير التقليدية.

إعادة هيكلة المشهد الإعلامي

من المتوقع أن تمتد هذه الإجراءات إلى الإعلام، والسياسة، والاقتصاد، والبيروقراطية، ومنظمات المجتمع المدني، حيث سيتم العمل على تحجيم النفوذ الإعلامي لبعض الدوائر، وإعادة ضبط التوازن داخل المؤسسات الإعلامية، ومنع تحولها إلى أدوات ضغط لصالح جهات داخلية أو خارجية.

كما يبدو أن هناك محاولات لإعادة تشكيل المشهد الإعلامي، وتوحيده حول دوائر معينة من النفوذ ورأس المال، وقد يتم تسريع هذه الخطط أو إعادة ترتيب أولوياتها وفقاً للمتغيرات الحالية.

الاتجاه العالمي يشير بوضوح إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تكثيف عمليات “التطهير الداخلي”، وأن الدول ستتحرك بشكل أكثر صرامة لحماية استقرارها من التهديدات الداخلية والخارجية.

هذا الشعار هو النسخة الجديدة من “الاضطهاد بدأ عام 1453”!

الشعار الذي اختاره ذلك الشخص وروّج له في هذه المرحلة، وهو “لا خلاص فردياً؛ إما جميعاً معاً أو لا أحد منا”، يتخذ بُعداً مختلفاً تماماً عند وضعه في سياق المخطط الأكبر.

إنه في الحقيقة نسخة محدثة من عبارة “الاضطهاد بدأ عام 1453″، حيث يتجاوز الأهداف السياسية الفردية ليصبح جزءاً من مشروع “تركيا الصغيرة” أو ما يشبه “السيناريو الأوكراني”. هذا المخطط مدعوم من الداخل والخارج، ويهدف إلى خلق قناعة مجتمعية بضرورة إضعاف تركيا وتقويض نفوذها.

الذعر والغضب ليس بسبب تقرير الخبراء

حالة الغضب والذعر التي شهدناها لم تكن ة بـتقرير الخبراء كما يُروَّج. بل على العكس، ما رأيناه هو حالة من الهلع نتيجة انكشاف المخطط قبل تنفيذه.

لم يكن السبب التقرير ذاته، بل كان الخوف من أن خطواتهم القادمة أصبحت معروفة وتم كشفها مبكراً، مما دفعهم إلى التصرف بعدوانية واضحة.

لا أحد يعلم على وجه الدقة ما الذي جرى خلال زيارته الخارجية، أو ما إذا كانت هناك اجتماعات سريّة واتفاقات معينة.

لكن السلوك التصعيدي الذي اتبعه فور عودته، وهجماته المباشرة على الدولة، والمسار الجديد الذي تبنّاه، إلى جانب إعادة تفعيل بعض الشعارات والتنظيمات، كل ذلك يعزز الشكوك بأننا أمام مخطط جديد يُدار بأسلوب التدخلات الخارجية المعتادة.

المخطط القادم كُشف قبل تنفيذه!

يبدو أن الدولة رصدت ملامح هذا المخطط في وقت مبكر، وأدركت أن ما يجري ليس مجرد تحركات داخلية، بل محاولة لاستغلال الوضع الداخلي في وقت تحقق فيه تركيا توسعاً ملحوظاً في نفوذها الإقليمي والدولي. ولذلك، تعاملت مع التهديد بسرعة وجدية، واضعةً في اعتبارها أن هذا الأمر يتجاوز مجرد الصراعات السياسية المحلية.

إذا كانت هذه القراءة صحيحة، فإن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من الإجراءات الاستباقية لاحتواء أي تحرك مشبوه.

يجب إجهاض هذا المخطط قبل أن يبدأ!

هذه المرة، يجب إحباط المخطط قبل أن يتجذر. ينبغي على تركيا تجنب الوقوع في فخ نسخة جديدة من أحداث غيزي أو غيرها من السيناريوهات التي تستهدف زعزعة استقرارها.

كما يجب منع أي جهة من استغلال التدخلات الخارجية لحماية أجنداتها السياسية الداخلية أو الترويج لمشاريعها عبر أدوات أجنبية.

المعركة ليست مجرد صراع سياسي داخلي، بل جزء من محاولة أوسع لإعادة رسم المشهد التركي وفقاً لمصالح أطراف خارجية، وهو أمر يجب مواجهته بحزم.

هذه اللعبة الخطيرة ستقضي عليكم.. عهد استهداف تركيا بأدوات الغرب قد انتهى!

تحت غطاء الأحزاب السياسية، والصراعات الحزبية، والمعارضة المزعومة، يحاول البعض إحياء مخططات قديمة لعرقلة مسيرة تركيا، متناسين أن هذا العصر قد ولى بلا رجعة.

وكما في كل مرة، يحيكون مؤامرة ستنقلب عليهم في نهاية المطاف. إنهم يخوضون معركتهم في أكثر الأوقات استحالة سياسيًا، معتقدين أن بإمكانهم إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، في حين أن الواقع لم يعد يسمح بذلك. ففي تركيا الجديدة، لم يعد هناك مستقبل لمن يعتمد على الدعم الخارجي، ولم يعد بإمكان أحد فرض إرادته على الدولة بسياط الغرب.

لقد انتهى عهد استخدام لغة الغرب كأداة ضغط، واستغلال قوته كسلاح، والامتثال لأوامره كمعيار للحكم.

لم يعد بإمكانهم الاستقواء بالخارج.. الغرب لم يعد كما كان!

المعادلات السياسية تغيرت؛ فلم يعد بإمكان أوروبا فرض إرادتها كما في الماضي، إذ فقدت الكثير من قوتها ونفوذها العالمي.

أما الولايات المتحدة، فهي مشغولة بإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية والإقليمية، ولم تعد تمتلك القدرة ذاتها على التدخل وفرض سياساتها كما كانت تفعل سابقًا.

سيجدون أنفسهم معزولين.. بلا دعم ولا سند!

أولئك الذين يحيكون هذه المخططات سينتهون إلى العزلة الكاملة، فلا أحد سيدعمهم، ولا جهة ستتكفل بحمايتهم. إنهم يسيرون في طريق مسدود، وإذا أصروا على المضي فيه، فسيكون ذلك بمثابة نهاية مسيرتهم السياسية.

القوة باتت في يد القوى الوطنية الحقيقية في تركيا، وهذا الواقع سيستمر طوال القرن الحادي والعشرين. هذا هو المسار الجديد للتاريخ، ومن يحاول السباحة عكس التيار، لن يتمكن من الصمود طويلاً.

ما يجري الآن ليس سوى تمهيد لما هو قادم!

نحن نعيش في مرحلة تشهد فيها القوى الإقليمية صعودًا غير مسبوق، بينما يواجه الغرب صراعات داخلية تهدد استقراره، في وقت تعيش فيه منطقتنا مخاضًا سياسيًا كبيرًا.

تركيا تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر نفوذًا وحضورًا عالميًا، والعالم الذي كنا نعرفه بدأ يتغير ويتشكل من جديد. نحن أمام عودة كبرى للإمبراطوريات، وربما بداية لصراع بين الحضارات.

ولم يعد النفوذ مقتصرًا على القوى العظمى التقليدية، بل نشهد بروز قوى إقليمية مؤثرة تعيد رسم المشهد العالمي. إن نهضة تركيا ليست مجرد حدث سياسي، بل تحول تاريخي يعيد رسم خريطة الجغرافيا السياسية في المنطقة والعالم.

ما نشهده اليوم من تحركات ليست سوى خطوات تمهيدية، تهدف إلى إعادة ترتيب الساحة السياسية استعدادًا للمرحلة القادمة. سنكون على موعد مع إعادة رسم الحدود السياسية، وتغيرات كبرى لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الأولى.

العالم يدخل مرحلة جديدة من الصراع.. والمجاملات انتهت!

في ظل هذه العاصفة السياسية العالمية، ومع هذه التغيرات الجذرية، لم يعد هناك مجال للمجاملات أو التردد. لن يكون هناك مستقبل لأي شعار أجوف، أو أجندة سياسية خفية، أو تدخلات أجنبية، أو تنظيمات داخلية تعمل وفق أجندات خارجية.

نحن على أعتاب مرحلة سياسية أكثر صرامة، ليس في تركيا فقط، بل في العالم بأسره. وفي هذا السياق، ستكون تركيا أكثر حسماً في التعامل مع أي امتدادات للقوى الخارجية داخلها.

متى كانت آخر مرة سمعنا فيها واشنطن أو بروكسل تتحدثان عن “الديمقراطية” أو “الحرية”؟ لم نعد نسمع ذلك، لأنهما انتقلتا إلى مرحلة مختلفة كليًا، ولم تعودا قادرتين على فرض رؤيتهما على العالم كما في السابق.

لذلك على الجميع أن يعيدوا حساباتهم وفقاً للواقع الجديد.

ومن يعتقد أنه يستطيع استهداف بلده بأدوات الغرب، فسينتهي به المطاف في صفحات التاريخ المظلمة!

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *