اخر الاخبار

من الباب والنفق.. زكريا الزبيدي يغادر سجون إسرائيل بكل الطرق

خرج الأسير الفلسطيني زكريا الزبيدي حراً من باب سجن إسرائيلي، الخميس، بعدما تذوق طعم الحرية في تجربة خاطفة امتدت 5 أيام، عقب هروبه من نفق سجن شديد الحراسة في عام 2021.

ورفع الزبيدي الذي أفرجت عنه إسرائيل، الخميس، يده بعلامة النصر لدى وصوله في حافلة مع سجناء فلسطينيين آخرين في رام الله، لكنه قد لا يتمكن من العودة إلى بلدته، فقد تحول مخيم جنين للاجئين الذي نشأ فيه إلى ساحة حرب، مع تحويل إسرائيل هجومها من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة.

الزبيدي يدخل السجن في سن الـ14

ينحدر زكريا الزبيدي (45 عاماً)، من مخيم جنين للاجئين، وعرف السجن في سن مبكرة، وتعرض لمطاردات إسرائيلية طيلة حياته، لكن تلك المطاردات لم تتوقف حتى بعد توقفه عن الكفاح، والانشغال بمشروعه الثقافي في المسرح.

وكان الزبيدي قائداً لكتائب “شهداء الأقصى” في جنين، الجناح العسكري لحركة “فتح”، طوال الانتفاضة الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي التي استمرت من عام 2000 إلى عام 2005.

ودخل زكريا الزبيدي السجن للمرة الأولى، في سن الـ14 وتعرض حينها لإصابة بقدمه، وأفرج عنه عام 1994. كما تعرض خلال الانتفاضة الثانية، لإصابات بالرأس والقدم وانفجرت قنبلة بالقرب منه، أثرت على نظره بشكل كبير بحسب شقيقه الأصغر جبريل الزبيدي الذي قال في وقت سابق لـ”الشرق”، إن “زكريا تقريباً لا يرى، مدى رؤيته قصير للغاية، لا يكاد يتعدى الثلاثة أمتار”.

وجنين بلدة كثيفة السكان بناها الفلسطينيون الذين هُجّروا من منازلهم أو طردوا منها بعد نكبة 1948. وكانت البلدة نقطة محورية في الانتفاضة وساحة قتال رئيسية في عام 2002.

واتهمت السلطات الإسرائيلية الزبيدي بالمشاركة في هجوم على مقر لحزب “الليكود” في عام 2002، أودى بحياة 6 أشخاص.

وتحول الزبيدي بعد ذلك إلى شخصية مؤثرة سياسياً، سواء في جنين أو في السياسة الفلسطينية الأوسع، وتعرض لمحاولات اغتيال قبل إدراجه في اتفاق عفو عام 2007 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، قال الزبيدي في لقاء سابق قبل عدة سنوات مع التلفزيون الإسرائيلي: “أنا لا أفتقد الأسلحة، أفتقد الانتفاضة والثورة”.

وذكر الزبيدي، الذي تم هدم منزله في جنين، في مقابلات صحافية، أن ذكريات طفولته تشمل اعتقال القوات الإسرائيلية لوالده بعد اتهامه بالانتماء لحركة “فتح”، وتضمنت الذكريات إطلاق النار على ساق الزبيدي، وسجنه لرشقه قوات الاحتلال بالحجارة قبل أن يبلغ 20 عاماً.

فرقة مسرحية للأطفال

كانت والدة الزبيدي تستضيف فرقة مسرحية للأطفال في جنين يديرها نشطاء سلام إسرائيليون، وكان الزبيدي مشاركاً نشطاً فيها. وقتلت إسرائيل والدته في عملية عسكرية بالمخيم عام 2002، لكن بعد انتهاء الانتفاضة الثانية، عاد الزبيدي إلى المسرح مرة أخرى، لكن هذه المرة كمخرج.

وبدأ الزبيدي مشروعه الثقافي في عام 2006، بالتعاون مع جوليانو مير خميس، وهو مخرج إسرائيلي والده فلسطيني، انضم للحزب الشيوعي الإسرائيلي، ووالدته إسرائيلية اسمها آرنا كانت عضوة في منظمة “البالماخ” الصهيونية، وتحولت لاحقاً من الأفكار اليمينية إلى الشيوعية، وتخلت عن الديانة اليهودية، وأصبحت تناضل للدفاع عن حقوق الفلسطينيين. 

وانتقلت آرنا مع نجلها جوليانو إلى جنين، لتدريس المسرح للأطفال في المخيم، وكان من بينهم الزبيدي في مشروع أطلق عليه “مسرح الحجر”، وأغلق بعد وفاتها عام 1995.

وفي عام 2007، حين قررت “حركة فتح” حل “كتائب الأقصى”، سلّم الزبيدي سلاحه مع أفراد الكتائب، وتابع مشروعه الثقافي “مسرح الحرية”، الذي اعتبره امتداداً لـ”مسرح الحجر” الذي أنشأته آرنا.

وأوضح الزبيدي حينها، أن “نحو ألفي طفل كانوا يستفيدون من مسرح الحرية، ما بين متدرب، ومشارك، ومتفرج”، معتبراً أن المسرح “يشكل رسالة موازية، لرسالة المقاومة”.

واستعان زكريا بمتطوعين ومتضامنين أجانب لدعم “مسرح الحرية”، وجهات أخرى من بينها الجامعة العربية الأميركية في جنين، بهدف تعليم الأطفال فنون المسرح والسينما.

وفي فيلم تسجيلي صوره المخرج جوليانو مير خميس، عن خريجي مشروع والدته “مسرح الحجر”، ظهرت والدة زكريا الزبيدي، وأكدت أنها تدعم نجلها ولن تطالبه بالاستسلام وتسليم سلاحه، حتى وإن حاول “اليهود” إجبارها على ذلك، وفق قولها.

كما قال الزبيدي، إنه لا يهمه إن قام الإسرائيليون بهدم منزله في مخيم جنين، مشيراً إلى أن “قوات الاحتلال هدمت سابقاً منزلاً لعائلته، إلى جانب نحو 300 منزل تم هدمها خلال أسبوع”، مضيفاً أن “البيت ليس أغلى من دم الشهيد”.

الهروب من سجن شديد الحراسة

واعتقلت إسرائيل الزبيدي عام 2019 لاتهامه بالمشاركة في “أنشطة مسلحة”، لكنه و5 سجناء آخرين حفروا نفقاً عبر أرضية زنزانتهم على مدى عامين باستخدام أطباق الطعام، وأخفوا فتحته تحت ألواح الأرضية.

وتمكنوا، خلال عملية الهروب التي جرت في سبتمبر 2021، من التسلل عبر نظام الصرف وهربوا سيرا على الأقدام، ركضاً عبر الحقول، لكن بعد 5 أيام تم العثور عليه وعلى شخص آخر هارب مختبئين في شاحنة بقرية شمال إسرائيل.

وفوجئت أسرة الزبيدي حينها بأنباء فراره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم فرحتهم إلا أن القلق ساورهم بشأن صحته التي تضررت جراء إصابات سابقة، ودخول السجن منذ سن مبكرة.

وبعد محاكمتهم في واقعة الهروب، قضت محكمة إسرائيلية في مايو 2022، بالسجن 5 سنوات إضافية على الأسرى الستة.

والأسرى الذين اشتهروا باسم “أسرى نفق الحرية”، هم زكريا الزبيدي، ومحمود العارضة، ومحمد العارضة، ويعقوب قادري، وأيهم كممجي، ومناضل أنفيعات.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في سبتمبر الماضي، قتل نجل زكريا الزبيدي، محمد، في غارة بطائرة مسيرة، زاعماً أنه “كان متورطاً في إطلاق النار على القوات الإسرائيلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *