مأساة مستمرة “من وراء الموج”
يتناول فيلم “The Sand Castle” الذي حمل اسم “من وراء الموج” بالعربية، إحدى أبرز الأزمات الإنسانية المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن، وتتجلى بمحاولة الهجرة واللجوء عبر البحر.
تدور أحداث الفيلم حول عائلة من أربعة أفراد، يبدو من اللهجة فيها أن الأم لبنانية، والزوج فلسطيني، فتسلك العائلة طريق البحر للجوء إلى أوروبا قبل أن تتقطع بها السبل على جزيرة نائية ومهجورة، لتحاول العائلة الوصول إلى سبيل نجاة.
في الفيلم تركيز على الجوانب الإنسانية والظروف المأساوية التي تدفع الأفراد إلى طرق غير آمنة للجوء بعدما فقدوا اليقين في بلدانهم الأصلية التي تعيش ظروفًا صعبة، بالإضافة إلى التركيز على حياة ومستقبل الأطفال تحديدًا في هذا السياق باعتبار أن نحو نصف مليار منهم يعيشون في مناطق حروب ونزاعات وبيئات غير مستقرة، وفق ما يقوله الفيلم في الإهداء الذي يقدّمه نهاية العرض.
ولا تبدو جنسيات أفراد العائلة، اللبنانية والفلسطينية، اعتباطية في هذا السياق، إذ يواجه حملة كل من هاتين الجنسيتين ظروفًا غير مستقرة في بلدانهم إلى جانب الحروب والقصف والعوامل التي تدفع العائلات لمحاولة النجاة بأبنائها.
ورغم أن معاناة الهجرة عبر البحر وما يسمى بـ”طرق الموت” ليست جديدة، سواء على سبيل معالجتها سينمائيًا أو بالنسبة لواقعية القصة والحدث، فإن ما يختلف هنا أبطال القصة والتركيز على الخطوة التالية لا السابقة، على اعتبار أن العديد من الأعمال السابقة سلطت الضوء على معاناة السوريين مع هذه الحالة، جراء فقدان الآلاف منهم حياتهم في البحر المتوسط خلال محاولة الهجرة من سوريا نحو أوروبا، مع إظهار الجانب الإنساني الذي دفع لهذا اللجوء، من قصف واستهداف للحياة المدنية في سوريا، وهي قضية لاقت تفاعلًا إنسانيًا وسياسيًا في مرحلة من المراحل دفع بالدول المتحضرة إلى إعادة النظر بسياسات اللجوء وإعادة التوطين.
ولأن اللبنانيين والفلسطينيين ليسوا متطفلين على المعاناة، لا سيما في السنوات الأخيرة التي ضيقت الخناق الاقتصادي والأمني في لبنان، الدولة الحدودية مع سوريا وفلسطين، والتي تستقبل على أراضيها لاجئين من البلدين، فيمكن اعتبار العمل نسخة محدّثة عن القضية، مع توقف استخدام هذه الطرقات من قبل السوريين الذين تحررت بلادهم من الدكتاتورية للتو.
الفيلم يحمل تغذية بصرية قوية رغم ضيق مساحة أو موقع التصوير، حيث تدور الأحداث في جزيرة، وبناء مهجور على هذه الجزيرة، لكن المشاهد المأخوذة من الأعلى تمنح شعورًا بالضياع وانعدام وتراجع فرض النجاة، كما أن الموسيقا التصويرية تقدّم مناخًا نفسيًا يتناسب مع حدث من هذا النوع، فلا تضع المشاهد في أجواء مريحة.
الفيلم من بطولة نادين لبكي، المخرجة اللبنانية التي تعتمد ذكاء الحضور والغياب على المستوى الفني، بالإضافة إلى زين الرفاعي، الذي شارك سابقًا مع لبكي في بطولة فيلم “كفرناحوم”، كما يشارك في البطولة زياد بكري وريمان الرافعي.
“The Sand Castle” من تأليف ماتي براون وياسمينا كراجة، وإخراج ماتي براون، ومتاح للمشاهدة عبر “نتفليكس”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي