يريد ترمب إغلاقها.. ما هي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية؟
تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مدعومة من إدارة كفاءة الحكومة (DOGE) التي يقودها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، لإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهي مؤسسة يمتد تاريخها لعقود، وتتولى مسؤولية تنفيذ برامج المساعدات الخارجية في أنحاء العالم.
ووصف ترمب الأشخاص الذين يديرون الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأنهم “مجموعة من المتطرفين المختلين عقلياً”، فيما اعتبرها ماسك “مؤسسة “إجرامية لا يمكن إصلاحها”.
يأتي هذا بعد أسبوع من أمر ترمب بتعليق مؤقت لمدة 90 يوماً للمساعدات الخارجية، وإقالة اثنين من كبار مسؤولي الأمن في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بعد أن حاولا منع ممثلين عن وزارة الكفاءة الحكومية من الوصول إلى مناطق محظورة في المبنى.
والوكالة الأميركية للتنمية هي أكبر جهة مانحة منفردة في العالم. وصرفت الولايات المتحدة في السنة المالية 2023 نحو 72 مليار دولار من المساعدات على مجالات واسعة، مثل صحة المرأة في مناطق الصراعات، وتوفير المياه النظيفة، وأمن الطاقة، ومكافحة الفساد، وغير ذلك.
ما عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية؟
تقدم الوكالة المموّلة من الولايات المتحدة مساعدات إنسانية وتنموية إلى دول أخرى؛ بشكل رئيسي من خلال توفير الأموال لمنظمات غير حكومية وحكومات أجنبية ومنظمات دولية، أو وكالات أميركية أخرى، وفق تقرير صادر عن مركز أبحاث الكونجرس (CRS).
وتصدرت أوكرانيا وإثيوبيا، والأردن، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، قائمة البلدان المتلقية لتمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ويعمل أكثر من 10 آلاف شخص لصالح الوكالة الأميركية، يخدم نحو ثلثيهم خارج الولايات المتحدة، بحسب مركز أبحاث الكونجرس.
وشملت بعض المشاريع التي تضطلع بها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، كما هو مذكور على نسخة مؤرشفة من موقعها على الإنترنت المغلق حالياً، تقديم المساعدات للمناطق المتضررة من المجاعة في السودان، وتوفير الكتب المدرسية لأطفال المدارس النازحين في أوكرانيا، وتدريب العاملين الصحيين في رواندا.
متى تأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية؟
تأسست المنظمة في عهد الرئيس الأميركي الراحل جون إف كيندي، بموجب قانون المساعدات الخارجية، الذي وضع العديد من البرامج القائمة تحت إشراف الوكالة الجديدة.
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير، الاثنين، أن نهج الحكومة الأميركية تجاه المساعدات الإنمائية الدولية ظهر في فترة الأربعينيات مع “خطة مارشال”، وهي خطة لتعافي الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية. وقدمت معونات لمساعدة الدول الأوروبية في إعادة بناء المنطقة، واستقرارها بعد الحرب العالمية الثانية، بحسب ما جاء في نسخة أرشيفية من موقع الوكالة.
وفي عقود لاحقة، تحوّل تركيز الوكالة الأميركية إلى تقديم مساعدات إضافية لدعم تنمية الصحة والتعليم، وتعزيز الحكومات الديمقراطية، والأسواق الحرة.
وكانت برامج الصحة أكبر قطاع في الوكالة الأميركية من حيث التمويل منذ أوائل التسعينيات، وتلقت دعماً في عام 2004 بمليارات الدولارات في إطار جهود وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وفق مركز أبحاث الكونجرس.
واستمرت برامج الصحة في الهيمنة على مشاريع الوكالة الأميركية خلال جائحة كورونا، حتى تجاوزتها المساعدات الإنسانية لتصبح أكبر قطاع في عام 2022، وبعد ذلك مساعدات الحوكمة في عام 2023، في ظل الدعم الأميركي لأوكرانيا.
لماذا تتعرّض USAID لخطر الإغلاق؟
تعد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بالنسبة لمؤيديها، ذراعاً لا غنى عنها للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي تبرهن على حسن النوايا الأميركية، وتساهم في تحقيق استقرار الأوضاع في مناطق الكوارث، وتفتح أسواقاً جديدة للتجارة الدولية.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن إدارة ترمب جعلت من خفض الإنفاق الحكومي والقضاء على التضخم الملحوظ داخل الحكومة الفيدرالية هدفاً رئيسياً، وركزت على المساعدات الخارجية، فيما تعهد إيلون ماسك بخفض الإنفاق الفيدرالي بمقدار 2 تريليون دولار.
كما هاجم حلفاء ترمب؛ وأبرزهم ماسك، في موجة منشورات على منصة “إكس”، الأحد، أنشطة الوكالة الأميركية، باعتبارها مؤسسة “فاسدة”، و”لا يمكن إصلاحها”.
وتعهدت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي، بمراجعة جميع برامج المساعدات الخارجية، وضمان أن الإنفاق يتماشى مع “أجندة أميركا أولاً”.
وأصدر ترمب أمراً تنفيذياً بتجميد المساعدات التنمية الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً عند توليه منصبه. وهذه الخطوة تسببت في حدوث فوضى داخل صفوف وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي صدرت لها تعليمات بإيقاف المشاريع القائمة منذ فترة طويلة، بما في ذلك خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز (PEPFAR)، حسبما ذكرت “واشنطن بوست”.
كما وضعت إدارة ترمب العشرات من مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إجازة إدارية، الاثنين، واتهمت الوكالة بمحاولة “التحايل على تجميد التمويل”.
في تعليق على الأمر، كتبت السناتور الديمقراطي من نيويورك تشارلز شومر على منصة “إكس”، الجمعة، أن أي تحرّك لحل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سيكون غير قانوني.
وفي رسالة مشتركة، الجمعة، كتبت عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية جين شاهين والسناتور الديمقراطي بريان شاتز، والنائب الديمقراطي جريجوري دبليو ميكس، والنائب الديمقراطي لويس فرانكل، أن التجميد يعرض مساعدات الطاقة لأوكرانيا للخطر، ويساعد خصوم أميركا مثل روسيا والصين.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن إعفاء برامج “إنقاذ الأرواح” مثل خطة الإغاثة من الإيدز PEPFAR، لكن مسؤولي المساعدات قالوا إن مشاريع أخرى لا تزال في حالة جمود، ومعرضة لخطر الإغلاق إذا استمر تجميد التمويل.
ما رد فعل الخبراء الدوليين؟
قالت منظمة “أوكسفام” الخيرية إن تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سيكون بمثابة “إهدار متهور لخبرتها الحاسمة وتركيزها الاستراتيجي” على تقديم المساعدات.
على نحو مماثل، قال المدير التنفيذي لمنظمة “العفو الدولية” بول أوبراين، إن التخلص من الوكالة “يعرض حقوق ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم لخطر أكبر نتيجة لذلك”.
وأشار أوبراين إلى أن الحكومات الأجنبية في جميع أنحاء العالم “مجهزة بشكل أفضل لتلبية التزاماتها في مجال حقوق الإنسان بسبب الموارد الفنية والمالية التي توفرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”.
ونقلت “واشنطن بوست” عن جيريمي كونينديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية، وهي مجموعة مساعدات لا تتلقى تمويلاً أميركياً، قوله “إنها (الوكالة الأميركية للتنمية) مجموعة أدوات للأمن القومي تطورت على مدار 60 عاماً. وإذا تم تدميرها، فلا يمكن إعادة بنائها بسهولة”.