اخر الاخبار

المنظمة الرياضية.. وقرار حل الإدارات

عروة قنواتي

منذ أيام قليلة، صدر عن الاتحاد الرياضي العام قرار يقضي بإلغاء نتائج انتخابات مجالس إدارات الأندية الرياضية في سوريا، ونوه القرار إلى أن تدخل السلطات السياسية في النظام السابق بكل مفاصل العمل الرياضي يجعل من هذه الإدارات ونتائج انتخاباتها باطلة وغير شرعية.

وشدد القرار على تسلم اللجان التنفيذية في المحافظات مهمة الإشراف على الأندية ريثما يتم رفع المقترحات بما يخص تشكيل مجالس إدارات جديدة بالتنسيق مع الاتحاد الرياضي العام.

للأمانة، الشارع الرياضي يتوقع صدور مثل هذا القرار بين يوم وآخر، جاء بسرعة أو تأخر قليلًا ليس مهمًا، لطالما أن عجلة الحركة الرياضية في البلاد متوقفة هذه الأيام لأسباب جوهرية، وبعض نشاطها يقتصر على تمثيل المنتخبات الوطنية والبطولات التي علينا المشاركة بها على مستوى الشباب والناشئات حتى الآن.

لماذا صدر هذا القرار وجمع كل الأندية في بوتقة واحدة بنتائج انتخاباتها؟ هذا طبيعي في ظل تسلط القيادة القطرية لحزب “البعث العربي الاشتراكي” على مفاصل الوسط الرياضي منذ خمسة عقود وحتى ما قبل 8 من كانون الأول 2024 (تاريخ سقوط النظام)، تسلط وتدخل وطوارئ يتشارك فيها الحزب مع الأجهزة العسكرية والأمنية كل النظرية من بابها إلى محرابها، فحتى يتم قطع الشك باليقين، جاء القرار عامًا لا يستثني أحدًا، وهي فرصة للإعداد الأفضل والأمثل لانتخابات جديدة مقبلة.

ماذا بعد القرار؟ هنا السؤال الأبرز والأدق لما ينتظره الشارع السوري الرياضي هذه الأيام، هل تم الإعداد لخطوات بديلة سريعة؟ هل هناك هيئات عمومية تستعد للدخول في مشروع إدارات الأندية المقبل؟ هل ستكون هناك قوانين تحدد أحقية المرشحين بالترشح؟ وهل سيتم الاعتماد فقط على الكفاءات وأصحاب الاختصاص والشهادات والتاريخ الرياضي أم أن صفة الثوري ستدخل ضمن ضرورات الترشح لشغل المنصب الإداري؟

قد يقول بعضنا، الثورة انتصرت، فما الحاجة لإضافة الوصف أو المطالبة به في جاهزية المترشح للعمل الإداري، عقلية الثورة غير عقلية الدولة؟ صحيح أن عقلية الثورة غير عقلية الدولة، والدولة تحتاج إلى الكفاءات وأصحاب الاختصاص، لكنها تحتاج أيضًا إلى أصحاب الموقف والقرار، إلى أصحاب الجرأة والوطنية والتضحية وعدم الخوف، هذه الصفات قد لا تجدها عند عدد كبير من أبناء الوسط الرياضي السوري، الصفات ليست لإعلاء صوت على صوت، وليست شتيمة يتم لفظها في الحاجة لبناء الدولة.

القرار بحد ذاته وفي أعلى أسطره يخاطب الوسط الرياضي بنجاح الثورة وانتصارها، وبدحر النظام البائد، ويعزى القرار المفصلي والمهم لتدخلات النظام السابق حزبًا وجيشًا وسلطة بالقرار الرياضي، يعني أنه يحمل روح الثورة، وقدرتها على الاختيار والعطاء.

أنا لا أستبق الأمور ولا أي خطوة قد تظهر أو تتأخر في المشهد الرياضي السوري مستقبلًا، على العكس تمامًا، في العجلة الندامة كما كتبنا قبل أسابيع في هذه الزاوية.

أحد الأصدقاء قال لي، إن صدور مثل هذا القرار وفي هذا الوقت تحديدًا يعني أنه تم كشف الكثير من ملفات الفساد التي تخص إدارات الأندية السورية بما فيها ملفات العقود للاعبين والمدربين وملفات المجنسين والمحترفين. صديق آخر حدثني بما معناه، أن عملية استعداد الأندية لعقد مجالسها وانتخاباتها الجديدة بعد قرار حل الإدارات قد تحتاج إلى عام كامل وسط ضخامة وثقل الملف الرياضي السوري بعد تغيّر المشهد السياسي في البلاد.

إذًا، بين مترقب ومشغول، وبين من يتحضر للمهمات والمجالس، وبين من يجلس متفرجًا في المرحلة الانتقالية، يمر قرار الاتحاد الرياضي العام ببطلان نتائج انتخابات الأندية مروره التاريخي في حقبة لا تدور في فلك “البعث” ولا عسكر سلطة الأسد.

وما زلنا بحاجة لرؤية أيام الانتخابات وقوائم الرياضيين وحملات الترشح وكسب الأصوات، ولربما الطعون في بعض القوائم، لا بل إعادة الانتخابات بقرارات لجان مستقلة، كل هذه المشاهد نتمناها بأسس تشاركية ديمقراطية تعطي الحق لمن يستحق، وتمنع دخول وسيطرة العابث والفاسد وصاحب التاريخ المشبوه في الوسط الرياضي السوري الذي آن له أن يطير ويحلّق بكل حرية.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *