اخر الاخبار

سوريا.. كيف تحولت منبج إلى نقطة ملتهبة قريبة من تركيا؟

تحولت مدينة منبج السورية التي لا تبعد سوى 30 كيلومتراً عن الحدود مع تركيا، إلى نقطة ملتهبة في بلد يسعى لإطفاء حرائق عاشها طيلة حوالي 14 عاماً من الحرب التي انتهت بسقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

فاليوم، وبعد أن هدأت نيران الحرب، وانتقل حكام إدلب المعارضين للأسد إلى دمشق كحكام سوريا الجدد، تحولت الأنظار إلى منبج وهي واحدة من كبرى مدن محافظة حلب مع اندلاع معارك بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يقودها الأكراد، وتسيطر على مساحة كبيرة من شمال وشرق سوريا، وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا منذ الإطاحة بالأسد.

منبج.. بوابة تجارية

منبج الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي واحدة من أهم مناطق المحافظة، فعلى بعد 80 كيلومتراً من مدينة حلب، تربط منبج شرق الفرات بغربه، وتصل المحافظات الشمالية والشرقية في سوريا بحلب المدينة وبقية المحافظات الداخلية والساحلية.

إضافة إلى ذلك، فإن منبج هي بوابة تجارية لقوات سوريا الديمقراطية التي استخدمت معبر عون الدادات لتصدير النفط الخام إلى مناطق المعارضة السابقة إبان حكم الأسد، ولاستقبال بضائع تركية بين عامي 2016 و2024.




وتغطي منبج مساحة جغرافية تمتد على 1295 كيلومتراً، وتتبعها 314 بلدة وقرية ومزرعة تتوزع بين شرق الفرات وغربه، ويسكنها أكثر من نصف مليون شخص.

لمنبج كذلك أهمية اقتصادية ومائية لوجود سد تشرين، ثاني أكبر السدود السورية بعد سد الفرات، في نطاق المدينة.

ويوفر السد المياه لمساحات زراعية واسعة، بالإضافة لدوره في توليد الطاقة الكهربائية من خلال محطة توليد تستفيد من مياه نهر الفرات لتوليد الطاقة بقدرة توليدية عظمى تصل لـ630 ميجاواط في الساعة مع توليد فعلي في السنوات الخمسة الأخيرة، بنحو 120 ميجاواط، بسبب انخفاض منسوب نهر الفرات.

ومع انطلاق الاحتجاجات ضد الأسد في 2011، وتحولها لاحقاً إلى صراع مسلح، سيطرت فصائل مسلحة محلية على منبج في يوليو عام 2012، قبل أن يسيطر عليها تنظيم “داعش” في يونيو 2014.

لكن قوات “قسد” سيطرت على المدينة بعد ذلك بعامين، بفضل الدعم الذي حصلت عليه من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، مع وعود لم تتحقق بتحويلها إلى مدينة منزوعة السلاح.

مخاوف تركية

فتحت سيطرة “قسد” التي يهيمن عليها الأكراد على منبج الباب لتهديدات من تركيا، التي اتهمت تلك القوة المسلحة بمحاولة السيطرة على مدن أخرى كالباب وجرابلس، بهدف ربطها بمنطقة عفرين من أجل تشكيل منطقة جغرافية متصلة من المالكية في محافظة الحسكة مروراً بالرقة وعين العرب (كوباني) وصولاً إلى عفرين بمسافة 500 كيلومتر.

وأطلقت تركيا حينها، معتمدةً على فصائل محلية، عملية عسكرية حملت اسم “درع الفرات” لتسيطر على جرابلس وأعزاز والباب، وتقطع الطريق على الأكراد للوصول إلى عفرين.

ومع تركيز التحالف الدولي دعمه لـ”قسد” في مناطق شرق الفرات، وتعثر دعم الأكراد في عفرين، نجحت أنقرة في مهاجمة عفرين والسيطرة عليها في أوائل عام 2018 عبر فصائل “الجيش الوطني”، مع السعي للسيطرة على منبج، والتي تعد بوابة الوصول إلى مدن شرق الفرات عبر جسر قرقوزاق.

وفي عام 2019، أعلنت الولايات المتحدة خطة لسحب قواتها من سوريا، لكنها سرعان ما تراجعت وقررت الاحتفاظ بقواعد في محيط حقول النفط والغاز في محافظتي الحسكة وحلب.

عادت تركيا بعدها لتطلق عملية عسكرية أخرى أسمتها “نبع السلام”، وسيطرت فصائل ما يعرف بـ”الجيش الوطني” بفضلها على نحو 130 كيلومتراً بين رأس العين وتل أبيض في ريفي الحسكة والرقة.

وواصلت أنقرة الضغط العسكري على “قسد” في منبج وتل رفعت تحديداً، مستفيدة من عدم وجود قواعد أميركية في المدينتين.

ومع انهيار حكم الأسد في نهاية العام الماضي، شنت فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا عملية أطلقت عليها “فجر الحرية” ضد قوات “قسد” بعد 4 أيام فقط من رحيل الأسد، وتمكنت سريعاً من السيطرة على تل رفعت ثم منبج.

بعدها أعلنت “قسد” انسحابها من منبج بعد تفاهمات أميركية، مع وعود بتحويلها إلى مدينة منزوعة السلاح، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن بعد تثبيت الفصائل المدعومة تركياً سيطرتها على منبج ومساحات واسعة من أريافها.

مزاعم الانتهاكات

بعد سيطرة فصائل “الجيش الوطني” على منبج، انتشرت أخبار عن أعمال خطف وسرقة لمنازل ومحال تجارية مملوكة لأشخاص اتهموا بالانتماء لـ”قسد” أو التعامل معها.

وخلال نحو 50 يوماً من سيطرة تلك الفصائل على منبج، تكررت التفجيرات باستخدام سيارات ودراجات نارية مفخخة، كان آخرها، الاثنين، حين انفجرت سيارة مفخخة أثناء مرور سيارة تحمل عاملات في الزراعة، ما أدى لسقوط 20 شخصاً غالبيتهم من النساء، وفقاً لبيان الرئاسة السورية.

الفصائل المسلحة المسيطرة على منبج بدعم تركي سارعت لاتهام “قسد” بالوقوف وراء الهجمات، ما دفع بالأخيرة إلى إصدار بيان نفت فيه الاتهامات الموجهة لها، متهمة الفصائل بتنفيذها لإرهاب السكان، ومنعهم من الاحتجاج على الأوضاع الأمنية والاقتصادية السيئة في المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *