اخر الاخبار

مصر تحقق أدنى معدل إنجاب خلال 17 عاماً.. وجدل حول الأسباب

أظهرت بيانات حكومية مصرية انخفاض أعداد المواليد خلال عام 2024 إلى 1.968 مليون مولود، مقارنة بـ 2.045 مليون مولود في عام 2023 بمعدل انخفاض قدره 77 ألف مولود بنسبة 3.8%، وهو أقل معدل إنجاب منذ عام 2007، بانخفاض معدل الإنجاب الكلي عام 2024 إلى 2.41 مولود لكل سيدة، مقارنة بـ2.54 مولود في 2023، بانخفاض قدره 77 ألف مولود، أي بنسبة 3.8%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وبحسب البيانات ذاتها، فقد سجل عام 2014 أعلى عدد للمواليد، حيث بلغ 2.720 مليون مولود، ثم بدأت الأعداد في التراجع التدريجي خلال الفترة (2015-2023)، مع استمرار تجاوز حاجز 2 مليون مولود سنوياً، وصولاً إلى 1.968 مليون مولود في عام 2024، في ظل الجهود الحكومية للحد من الزيادة السكانية، وأبرزها مؤتمر تنمية الأسرة المصرية والاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2030).

وبحسب بيانات أممية، فقد احتّلت مصر المركز الأول في قائمة الدول العربية الأكثر عدداً في السكان خلال عام 2023، بإجمالي 112 مليون نسمة، تلتها السودان بعدد سكان 48 مليون نسمة، ثم الجزائر بعدد سكان بلغ 45.6 مليون نسمة.

النمو السكاني في مصر

بدورها وصفت وزارة الصحة والسكان المصرية، الانخفاض بالإنجاز غير المسبوق، موضحة أن البلاد نجحت في تحقيق أدنى معدل إنجاب في مصر خلال الـ 17 عاماً الماضية، وذلك بفضل الجهود الوطنية والاستراتيجيات الصحية التي تبنتها الدولة للحد من النمو السكاني غير المنضبط.

وبحسب بيان لنائب رئيس مجلس الوزراء المصري، وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار فإن أعداد الزيادة الطبيعية للسكان (أعداد المواليد مطروحاً منها أعداد الوفيات) تراجعت بشكل ملحوظ وبلغت 1.359 مليون نسمة في 2024، مقارنة بـ 1.462 مليون نسمة في 2023، بانخفاض قدره 103 آلاف نسمة، بنسبة 7%. كما سجلت نسبة الزيادة الطبيعية 1.3% عام 2024، مقابل 1.4% عام 2023، مما يعكس نجاح الاستراتيجيات السكانية في كبح النمو السكاني المتسارع.

ويرجع خبراء تحدثت إليهم “الشرق” انخفاض معدلات الإنجاب في مصر إلى عوامل عدة منها الاقتصادي، والسياسيات الحكومية في مجال الصحة وتنظيم الأسرة، بجانب التحولات الاجتماعية والثقافية والتحديات الاقتصادية.

الإنجاب والتعليم

وبرر عاطف الشيتانى، المقرر الأسبق للمجلس القومي للسكان، انخفاض معدلات الإنجاب إلى عوامل مختلفة، أبرزها تنفيذ الحكومة لسياسيات وبرامج توعية ساهمت في رفع مستوى الوعي حول أهمية تنظيم الأسرة.

ويستكمل “الشيتاني” خلال حديثه لـ”الشرق” قائلاً: كذلك تمكين المرأة وتعزيز التعليم أدت إلى زيادة الوعي، كما أن تمكين المرأة أدى إلى اتخاذ قرارات أكثر وعياً بشأن الإنجاب، حيث تفضل النساء المتعلمات تأخير الزواج والإنجاب لتكون لهن مسيرة تعليمية ومهنية.

ويتفق في هذه النقطة “الشيتاني” مع أكرم ألفي، الخبير في قضايا السكان، الذي يرجع أسباب انخفاض المواليد بشكل أساسي إلى ارتفاع نسبة التعليم الجامعي في مصر، خاصة بالنسبة للإناث، الذي يبلغ نسبتهم من طلاب الجامعة في مصر نحو 52%، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع سن الزواج وانفتاح سوق العمل بشكل كبير أمام الإناث وبالتالي صعوبة إنجاب أكثر من طفلين.

وبحسب أرقام الإحصاء، فيبلغ عدد الطلاب المقيدون بالتعليم العالي للعام الجامعي 2023 /2024 نحو 3.8 مليون طــالب مقابل 3.7 مليون طالب عام 2022/2023 بنسبة زيادة قدرها 1.8%.

واستكمالاً لنفس النقطة، يري “الشيتاني”، أن ضغوط العمل وعدم الاستقرار المالي أيضاً من العوامل المؤثرة في الإنجاب، إذا تؤدي الظروف الاقتصادية المتقلبة، مثل التضخم والبطالة، إلى تأجيل الزواج والإنجاب حتى يتحسن الوضع المالي للأسرة، وتشير تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن هذه العوامل تؤثر سلباً على معدلات الإنجاب في العديد من الدول.

وفي نفس السياق يري “ألفي” أن الشعب المصري من أكثر الشعوب ميلًا للتعلم، ولديه رغبة عارمة في تعليم أطفاله في مستويات تعليم عالية الجودة، وهو ما يضع عبء مادي ضخم على الأسر المصرية، وبالتالي أصبحت فكرة إنجاب أكثر من طفلين شبه مستحيلة، خاصة وأن الطبقات المتوسطة والدنيا تستثمر في تعليم أبنائها الكثير من الأموال.

معدلات الإنجاب في الريف

وبحسب بيانات “الإحصاء” فقد بلغ معدل المواليد (18.5) لكل 1000 من السكان خلال عام 2024 مقارنة بـ (19.4) لكل 1000 من السكان عام 2023 بانخفاض قدره (0.9) لكل 1000 من السكان، وتعتبر أكبر المحافظات من حيث معدلات المواليد خلال عام 2024 باستثناء المحافظات الحدوديــة هي (أسيوط /سوهاج/ قنا/ المنيا/بني سويف) حيث سجلت معدلات مواليد أكبر من المعدل العام للجمهورية بواقع (23.9 / 23.6 / 22.7 /22.5 / 21.1) لكل 1000 من السكان على الترتيب، وهي نفس المحافظات في عام 2023.

فيما جاءت أقل المحافظات من حيث معدلات المواليد خلال عام 2024 هي (بورسعيد /دمياط/ الدقهلية/ الغربية/ السويس) حيث سجلت معدلات مواليد أقل من المعدل العام للجمهورية بواقع (11.8 /14.5 /14.9 / 14.9 / 15.2) لكل 1000 من السكان على الترتيب، وهي نفس المحافظات في عام 2023.

وبالنسبة لأقاليم الجمهورية يمثل إقليم الوجه القبلي أكبر الأقاليم من حيث عدد المواليد (45%) بالرغم من أنه يمثل (39%) من عدد السكان،
ويقول “الشيتاني” إن معدلات الإنجاب في الريف تتجاوز 3.8 طفل لكل امرأة مقارنة بـ 2.5 طفل في المدن الكبرى.

ويري “الشيتاني” أن تغير نمط الحياة من حيث الانتقال من المجتمعات الريفية إلى الحضرية واعتماد أنماط حياة أكثر حداثة يجعل قرار إنجاب الأطفال عملية محسوبة تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفاً: بجانب هذا، العوامل الاقتصادية لها دور كبير من حيث ارتفاع تكاليف المعيشة والزيادات المستمرة في تكاليف التعليم والصحة والإسكان تؤدي إلى صعوبة تربية عدد كبير من الأطفال، مما يدفع الأسر إلى تقليل حجم الأسرة، فيما يرفض “ألفي” أي ربط بين الوضع الاقتصادي والإنجاب، موضحاً أن قرار الإنجاب يرتبط برؤية كل فرد لمستقبله

معدلات الزيادة السكانية

ويقول “ألفي” إن تراجع معدلات الزيادة السكانية في مصر  من 3.5 إلى 1.8% في عشر سنوات لم يحدث في اليابان، وبالنظر إلى القاهرة أكبر المحافظات سكاناً والتي لم تتخط زيادة نسبة المواليد فيها الواحد في المائة منذ خمس سنوات، فمن المتوقع أن تسجل مصر نمواً سلبياً في عدد سكانها بحلول عام 2040 أي “يتجاوز معدل الوفيات معدل المواليد”.

وفيما يرى “الشيتاني” أن الجهود الحكومية ساهمت بشكل مباشر في تحقيق هذا الانخفاض، عبر البرامج والتصريحات الحكومية، يقول “ألفي” عكس ذلك، موضحاً أن ما يقود الزيادة السكانية هو المجتمع وليس الدولة.

وبحسب بيان وزارة الصحة المصرية، فقد أعلنت الوزارة نجاح جهودها وكافة الجهود الوطنية المبذولة خلال السنوات الأخيرة في تحقيق انخفاض ملحوظ في معدلات النمو السكاني، مشيدة بنجاح الاستراتيجيات الحكومية والمبادرات الصحية التي قامت بها وزارة الصحة والسكان في تحقيق تحول إيجابي ملموس على أرض الواقع.

وأوضحت الوزارة، وفق البيان، أن تحذير الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، دائماً من خطورة النمو السكاني غير المنضبط وتأثيره على الموارد والخدمات، كان له أكبر الأثر في تكاتف كافة الجهود الوطنية لتحقيق هذا الإنجاز، مؤكداً عزم الوزارة على مواصلة دورها في وضع وتنفيذ السياسات الصحية والسكانية واستجابتها للتحديات السكانية المتزايدة بما يضمن تحقيق التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي.

وأشارت إلى اتباع استراتيجية شاملة تستهدف تعزيز صحة المرأة والطفل، وتحسين جودة خدمات الصحة الإنجابية، ونشر التوعية الصحية، والتي ساهمت في انخفاض معدل الوفيات من 6 حالات وفاة لكل ألف نسمة عام 2014 إلى 5.7 حالة وفاة لكل ألف نسمة عام 2024.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *