اخبار تركيا

كاتب تركي:أي مشروع سياسي يستهدف غزة يعزز موقع حماس

اخبار تركيا

قال الكاتب والإعلامي التركي طه قلينتش، إن أي مشروع سياسي أو عملية تستهدف قطع غزة لن تؤدي إلا إلى تعزيز موقع حركة حماس في المشهد السياسي الفلسطيني، وهذا ما يُعد الكابوس الأكبر للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.

وفي مقال نشرته صحيفة يني شفق، أشار قلينتش إلى أن عملية “طوفان الأقصى” أعادت إحياء حماس ووضعها في صدارة المشهد، وإذا ما تم تنفيذ أي مخطط للتهجير القسري في القطاع، فإن الحركة ستترسخ بصورة أعمق في الوعي الجمعي للعالمين العربي والإسلامي.

وأضاف: “هكذا، سيُخلَّد اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التاريخ مثل رئيس وزير الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوصفه أحد الذين ساهموا في تعزيز شعبية حماس، التي تواجه معارضة متزايدة داخل فلسطين نفسها في الآونة الأخيرة”.

وفي ما يلي نص المقال:

“سيفعلون ذلك. نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك” بهذه الكلمات علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رفض مصر والأردن خطة ترحيل سكان غزة بالكامل إلى أراضيهما، وهي الخطة التي يشار إليها بمصطلح “تطهير غزة”. فمن خلال مقاربته السياسية التي لا تخلو من دهاء ومكر التاجر الجشع المتحمّس للصفقات، أظهر ترامب أنه غير مكترث بردود الفعل الرافضة من القاهرة وعمّان والتي انضمت إليها لاحقًا كل من السعودية وقطر والإمارات والسلطة الفلسطينية بل إنه ماضٍ في تنفيذ خطته، غير أن الحقائق على أرض الوقائع ليست بهذه البساطة التي يتصورها ترامب.

بداية، تعاني كلٌّ من مصر والأردن من أزمات اقتصادية خانقة. فمصر، التي بات عدد سكانها يقارب 110 ملايين نسمة، تفتقر إلى القدرة الاستيعابية اللازمة لاستضافة سكان غزة. أما الأردن الذي لا يملك ثروات طبيعية من غاز أو نفط، فهو يعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية للبقاء. وحتى لو قرر ترامب تقديم دعم مالي إضافي لهذين البلدين، فإن ذلك لن يكون كافيًا لتمكينهما من استضافة سكان غزة.

ورغم أن هذا الأمر لا يُقال صراحة، إلا أنه ثمة قناعة راسخة في العالم العربي بأن الشعب الفلسطيني “عصيّ على الاحتواء”. فمصر والأردن غير قادرين على تحمل الديناميات والمفاجآت التي قد يجلبها التدفق الجماعي للفلسطينيين إلى أراضيهما. وفي الأردن حيث يشكّل الفلسطينيون بالفعل غالبية السكان، قد يشكل هذا الوضع تهديدا خطيرا للعرش الملكي. وليس الأردن وحده من قد يواجه تداعيات كارثية، بل مصر وغيرها من دول المنطقة، التي تعد “حليفة لأميركا”، قد تجد نفسها أمام انهيار تام للوضع القائم، وقد تندلع أزمات غير متوقعة يستحيل احتواؤها أو إدارتها.

وفوق ذلك فإن أي مشروع سياسي أو عملية تستهدف غزة لن تؤدي إلا إلى تعزيز موقع حركة حماس في المشهد السياسي الفلسطيني. وهذا ما يُعد الكابوس الأكبر للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. فقد أعادت عملية “طوفان الأقصى” إحياء حماس ووضعها في صدارة المشهد، وإذا ما تم تنفيذ أي مخطط للتهجير القسري، فإن الحركة ستترسخ بصورة أعمق في الوعي الجمعي للعالمين العربي والإسلامي. وهكذا، سيُخلَّد اسم ترامب في التاريخ مثل نتنياهو بوصفه أحد الذين ساهموا في تعزيز شعبية حماس، التي تواجه معارضة متزايدة داخل فلسطين نفسها في الآونة الأخيرة.

لكن الأهم من ذلك كله، هو أن مقاومة الفلسطينيين للاحتلال وارتباطهم العميق بأرضهم يمثل العقبة الكبرى أمام نجاح خطط ترامب. والمشهد الذي أعقب إعلان إعلان وقف إطلاق النار في غزة خير دليل على ذلك؛ فقد اندفع الفلسطينيون بحماسة للعودة إلى منازلهم وأحيائهم التي دمرت بالكامل، بروح مليئة بالعزيمة والتحدي. إن هذه الصورة وحدها تحمل رسائل بليغة لمن يمعن النظر. بل يمكن اعتبارها ردًّا قاطعًا على الادعاءات التي تُروَّج بين الفينة والأخرى في بعض الأوساط داخل بلداننا حول أن الفلسطينيين “باعوا أرضهم”. ويكفي أن يُطرح هذا السؤال البسيط: إذا كان الفلسطيني يتمسك ببيته المدمر بهذا الإصرار، فكيف له أن يبيع وطنه المزدهر؟

لقد تعرض الشعب الفلسطيني للتشريد والتهجير من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وداعميه إلى مناطق مختلفة من العالم على مدى قرن تقريبًا. ومنذ عام 1948 تسعى إسرائيل بكل قوتها لتقسيم الشعب الفلسطيني وتشتيته وإبادته. غير أن هذه السياسات القمعية لم تفلح في اقتلاعهم أو في إنهاء قضيتهم، ، بل انتشرت قضية فلسطين وكراهية الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء العالم، وأصبحت قضيتهم حاضرة دائما في النقاشات الدولية. ومن أبرز المفارقات التاريخية أن الاحتلال دون أن يدري قد ساهم في نشر القضية الفلسطينية وتحويلها إلى قضية عالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *